فى مبادرة تاريخية تحسب لأبناء الحركة الإسلامية بالجزائر، وقع فصيلا الإخوان المسلمين "حركة مجتمع السلم - حمس"، و"جبهة التغيير" ميثاق وحدة ومصالحة، لينهيا خمس سنوات من الشقاق الذى برز على خلفية مشاركة أبو جرة سلطانى فى الحكومة كوزير من دون حقيبة وانتهت بخروج عبد المجيد مناصرة من حركة "مجتمع السلم" وتأسيس "جبهة التغيير". ولم تشمل هذه الخطوة التى تأتى قبيل انتخابات الرئاسة الجزائرية المقرر لها فى 2014، الجزء الثالث فى إخوان الجزائر الذى تمثله "حركة البناء الوطنى" حيث يرى أحد قياديها عبد القادر بن قرينة أن الوحدة غير ممكنة من دون أفكار ورؤى وأهداف ومنهج يتم الاتفاق عليه فى الوقت الحالى. وكان أبو جرة سلطانى -قائد حركة "حمس"- وعبد المجيد مناصرة -قائد "جبهة التغيير"- قد وقعاها أواخر الأسبوع الماضى على ميثاق المبادئ العامة لتحقيق الوحدة بين أبناء مدرسة الشيخ محفوظ نحناح، تتويجا لجهود الصلح التى انطلقت منذ حوالى عام بقيادة عبد الحميد مداود -أحد القيادات المؤسسة لحركة حمس- ومن المنتظر أن تتوسع المبادرة لتشمل مؤسسى حركة البناء، بصفتها طرفا ثالثا فى معادلة الصلح، على أن تتولى لجنة مشتركة بحث تفاصيل تحقيق الوحدة الكاملة المزمع الإعلان عنها قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. كانت حركة حمس التى شاركت فى الحكومة الجزائرية قبل السابقة، وتردد وقوعها فى أخطاء سياسية، أدت إلى انفصال القيادى بالحركة عبد المجيد مناصرة مكونا "جبهة التغيير" التى حاولت تجميع الإسلاميين فى قائمة واحدة فى الانتخابات البرلمانية 2012 أسمتها "الجزائر الخضراء"، إلا أن نتائجها تراجعت وعمقت الخلافات بين أبناء الحركة الإسلامية. كما خرجت حركة مجتمع السلم من التحالف مع حزب جبهة التحرير والتجمع الوطنى الديمقراطى الداعم للرئيس بوتفليقة قبيل الانتخابات التشريعية فى مايو 2012، وتحولت إلى المعارضة فى إطار تحالف إسلامى مع حركتى الإصلاح والنهضة. المصالحة والوحدة وشدد رئيسا حركة حمس "سلطانى" وجبهة التغيير "مناصرة"، على أن جهود الوحدة ستتواصل بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة للجمع بين أبناء مدرسة الشيخ نحناح، وأن الباب سيظل مفتوحا أمام الجميع للانضمام إلى مساعى الوحدة دون اقتصارها على حركة حمس وجبهة التغيير، بعد أن تم الاتصال بالشيخ مصطفى بلمهدى، الذى أسس حركة البناء للحاق بركب الوحدة، وتم الاتفاق على وضع مبادئ عامة للوحدة. ونصت وثيقة المبادئ المشتركة بين الطرفين على: ''إدراك الجميع لحاجة الأمة إلى جمع قدراتها وتوحيد جهودها بما تمليه الواجبات الشرعية والضرورات الواقعية، ومن أجل توفير أجواء أكثر راحة لخدمة الدعوة الإسلامية والقيام الأمثل بالواجب الوطنى، واستكمالا لبناء الأمة، وتجاوبا مع آمال المناضلين، وتفاعلا مع مبادرات العلماء والدعاة لجمع الصف وتوحيد الحركة". أما الميثاق فقد نص على: ''تحقيق الوحدة والشروع فى إنفاذها على أساس المنهج ومنظومة القيم والانتصار للفكرة، وخدمة للمشروع الأوسع ولمصلحة الدين والشعب والوطن، والتزام الشورى والتوافق فى كل القرارات المحققة للوحدة، وتأسيس لجنة من الطرفين لتجسيد هذه المبادئ العامة بمساهمة أصحاب المبادرة، توكل إليها مناقشة كل التفاصيل لتحقيق الوحدة الكاملة، بما فيها كيفيات مشاركة إطارات التغيير فى المؤتمر الخامس للحركة المقرر فى الأول مايو المقبل، واندماجهم فى الهياكل المحلية والمركزية للحركة''. ومن المقرر أن تعلن حركة "حمس" عن نتائج الاتصالات التى تقودها خلال المؤتمر الخامس للحركة المقرر أوائل مايو المقبل. وجاء اللقاء الذى ضم 19 قياديا بالحركة مساء الخميس الماضى، ثمرة اللقاء الأخير بين سلطانى ومناصرة، الذى تم فى أنقرة بتركيا، على هامش ملتقى حزب السعادة التركى فى ذكرى وفاة الزعيم التركى نجم الدين أربكان، وهو اللقاء الذى أسهم فيه بشكل كبير عالم الدين الموريتانى، محمد الحسن ولد ددو. مستقبل الإسلاميين ويرى مراقبون أن تلك الخطوة ستسهم فى إعادة رسم خريطة السياسة فى الجزائر، فى ضوء الانتخابات الرئاسية المقررة فى إبريل 2014، بجانب سعى حركة حمس لإحداث تغييرات دستورية خلال مراجعة الدستور المتوقعة قبل استحقاقات الرئاسة فى 2014، لتحديد فترات الرئاسة، حيث يحكم بوتفليقة منذ 1999 حتى الآن، وكذلك تحويل النظام من رئاسى إلى برلمانى.