لا يزال الغموض يكتنف الإسلام السياسى المعاصر فى الجزائر، لكن الثابت هو أن تنظيم الإخوان المسلمين فى الجزائر لم يتحرك بصفة فعلية إلا بعد إطلاق سراح الشيخين محفوظ نحناح، ومحمد بوسليمانى فى 1980 بعفو شامل من الرئيس الشاذلى بن جديد، ما يعنى أن التشكيل الفعلى لجماعة الإخوان المسلمين فى الجزائر تأخر إلى مطلع الثمانينيات. أما الإشهار فقد كان فى 30 مايو 1991 عندما أعلن نحناح تأسيس أول فرع للإخوان المسلمين فى الجزائر تحت اسم حركة مجتمع المسلم «حمس»، وترأس محفوظ الفرع بدعم واضح من إخوان القاهرة. جاء بالضابط السابق فى القوات المسلحة الجزائرية أبو جرة سلطانى إلى رئاسة مجلس شورى الجماعة فى الجزائر فى 1993، وهو المنصب الذى قفز منه السلطانى إلى رئاسة الجماعة بعد وفاة نحناح فى 2003. وكان سلطانى الرقم الصعب بالنسبة للمراقبين، لكن السلطة رأت فيه رجلا يستطيع أن يكون «حليفا» مؤقتا وقد كان، حيث عمل منذ بداية تولى مسؤولياته فى الجماعة على التعاون بشكل واضح مع المؤسسة العسكرية وربطها بمجموعة رجال الأعمال الجدد فى الجزائر، ولم ينس أن يمد نظره نحو مكتب الإرشاد فى القاهرة حيث الشرعية الإخوانية الأم، فتواصل مع نائب المرشد السابق خيرت الشاطر. والمعروف أن الحركة الإسلامية فى الجزائر ولدت متفرقة والرابطة التى جمعتها فى أواخر الثمانينيات لم تعمر طويلا، حيث دخلت جبهة الإنقاذ، المنحلة فى وقت مبكر، العملية السياسية ثم جاءت بعدها «حمس» والنهضة، التى انقسمت وانبثقت عنها حركة الإصلاح التى أزيح مؤسسها أيضا، وبعد نحو 20 سنة على تأسيسها يبدو أن الحركة لم تشذ عن باقى الحركات الاسلامية التى عرفت انكسارات وانقسامات أذهبت بريقها على الساحة السياسية. وبعد أن صنعت التميز بين الحركات الاسلامية عبر المكاسب السياسية التى حققتها نتيجة تحالفها مع السلطة دخلت الحركة عهد الانشقاقات والتصدعات من بابه الواسع فى ظل فشل قادتها فى تسيير التركة السياسية التى خلفها مؤسسها نحناح واحتدام الصراع على الغنائم بجميع أشكالها، حيث سرعان ما طفت الخلافات إلى السطح بعد وفاته، الأمر الذى انعكس على نتائج الانتخابات التشريعية والمحلية، وتقهقرت الحركة من المركز الثالث الى الرابع، لكن هذا التراجع لم يؤثر على «حمس»، وحدها وإنما على الحركة الإسلامية فى مجملها ليفسح المجال أمام التيارات الأخرى. ويرى النذير مصمودى، أحد الوجوه البارزة فى الحركة، أن سبب الانشقاقات هو الصراع على الغنائم. ورغم إعفاء محمد مهدى عاكف، المرشد العام السابق للجماعة فى مصر «حمس» من تمثيل الإخوان، لم تتوقف الاتصالات بين الجماعة الأم والحركة التى انقسمت الى شطرين بعد صراع طويل طال قادتها.