تسعى العلمانية العالمية بكل ما تملكه من أدوات لهدم الأسرة وتضييع حقوق المرأة التى وهبها الله عز وجل إياها؛ وذلك من خلال عقدها لمؤتمرات، ونشرها لوثائق تصدرها لجنة مركز المرأة بالأممالمتحدة بدعوى حماية حقوق المرأة. ومع قليل من الدراسة الموضوعية لهذه الوثائق نجدها بعيدة كل البعد عن حماية الحقوق، كما أنها لا تحترم التنوع الدينى والثقافى لشعوب الأرض، وتعمل على فرض نمط ثقافى (أوحد)، فهى تفرض علينا واقعا لا يمت لمجتمعاتنا بأى صلة، ثم تفرض علينا من منظورها حلولا لهذا الواقع الافتراضى. فالأممالمتحدة تسعى من خلال هذه الوثائق إلى التدخل فى أدق خصوصيات الحياة الأسرية، حتى إنها لتتدخل فى العلاقة شديدة الخصوصية بين الزوج وزوجته، وبين الأب وأبنائه بدعوى حماية المرأة والفتاة من العنف!، وفى سبيل سعيها لهذا التدخل، فإنها تعقد مؤتمرا سنويا فى مقرها بنيويورك، بهدف متابعة الحكومات فى تطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة والطفل (اتفاقية سيداو، وثيقة بكين، وغيرها)، حيث تُطرَح فى كل مرة وثيقة جديدة بغرض مواصلة الضغوط. تساوٍ مطلق وفى جلسة هذا العام (الجلسة 57) للجنة مركز المرأة بالأممالمتحدة، والتى تعقد فى الفترة 4-15 مارس، تطرح وثيقة بعنوان: "إلغاء ومنع كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات Elimination and prevention of all forms of violence against women and girls". ومن خلف ذلك الشعار البراق الذى تطرحه، تأتى المطالبة بالحريات الجنسية للفتيات والشابات، وحقوق الشواذ، وذلك من خلال مصطلح "العنف المبنى على الجندر (النوع)"؛ لأن جندر تعنى "رجل وامرأة وآخرين من الشواذ"، ومن ثم فإن المطالبة بمساواة الجندر تشمل مساواة الشواذ بالأسوياء، كما تشمل إلغاء كل الفوارق بين الرجل والمرأة. وتصبح أى فوارق فى المعاملة تندرج تحت مصطلح "العنف المبنى على الجندر Gender base violence"، وللقضاء على ذلك "العنف" ينبغى تحقيق التساوى فى المعاملة بين كل الأنواع، فلا تجب معاقبة الشواذ، بل لهم الحق فى ممارسة شذوذهم باعتباره حرية شخصية لا يجب التعدى عليها، وينبغى تحقيق التساوى المطلق بين الرجل والمرأة، فى الأدوار الحياتية، وفى التشريعات!. مطالبات الوثيقة ولذلك فإن الوثيقة الجديدة التى تطرحها الأممالمتحدة فى جلستها هذا العام تشتمل على المطالب التالية: 1- استبدال الشراكة بالقوامة، والاقتسام التام للأدوار داخل الأسرة بين الرجل والمرأة مثل: الإنفاق، رعاية الأطفال، الشئون المنزلية. 2- التساوى التام فى تشريعات الزواج مثل: إلغاء كل من: التعدد، والعدة، والولاية، والمهر، وإنفاق الرجل على الأسرة، والسماح للمسلمة بالزواج بغير المسلم وغيرها. 3- التساوى فى الإرث. 4- إلغاء استئذان الزوج فى: السفر أو العمل أو الخروج أو استخدام وسائل منع الحمل. 5- سحب سلطة التطليق من الزوج ونقلها للقضاء، واقتسام كافة الممتلكات بعد الطلاق. 6- إعطاء الزوجة الحق فى أن تشتكى زوجها بتهمة: الاغتصاب أو التحرش، وعلى الجهات المختصة توقيع عقوبة على ذلك الزوج مماثلة لعقوبة من يغتصب أو يتحرش بأجنبية. 7- منح الفتاة كل الحريات الجنسية، بالإضافة إلى حرية اختيار جنسها وحرية اختيار جنس الشريك، أى أن تختار أن تكون علاقاتها الجنسية طبيعية أو شاذة، مع رفع سن الزواج إلى الثامنة عشرة. 8- توفير وسائل منع الحمل للمراهقات، وتدريبهن على استخدامها، مع إباحة الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه تحت مسمى الحقوق الجنسية والإنجابية. 9- مساواة الزانية بالزوجة، ومساواة أبناء الزنا بالأبناء الشرعيين مساواة كاملة فى كل الحقوق. 10- إعطاء الشواذ كافة الحقوق وحمايتهم واحترامهم، وأيضا حماية العاملات فى البغاء. لعبة "تعلية السقف" ولضمان تمرير هذه الوثيقة -وغيرها من الوثائق- يتم فتح الباب للإضافات والتعديلات، فتبدأ أمريكا والاتحاد الأوروبى وغيرهما فى إدخال بعض الإضافات التى تتسم بالجرأة والوقاحة، حتى ليصبح النص الأصلى للوثيقة نصا ملائكيا إذا ما قورن بتلك الإضافات.. ثم تبدأ المفاوضات لتخفيف حدة تلك الإضافات، وإدماجها ضمن النص الأصلى، فى مقابل التوقيع على الوثيقة النهائية. ومن أمثلة ذلك أن الولاياتالمتحدة أضافت فقرة كاملة عن حقوق الشواذ والعاملات فى الدعارة، حيث أدانت جميع أشكال العنف ضدهن فى المادة الخامسة، ومن أمثلة ذلك أيضا استبدال كلمة (LGBT) بكلمة (Homosexuals) بناء على طلب الشواذ أنفسهم ليصبح المصطلح الجديد للشواذ هو (LGBT) وهى اختصار لكلمات: السحاقيات (L:Lesbians)، الشواذ من الرجال (G:Gay)، ثنائيو الممارسة (B:Bisexual)، المتحولون (T: Transgender)؛ وذلك بهدف التأكيد على تمثيل كل فئة منهم بشكل واضح فى الاتفاقيات الدولية!. المراقبة والمساءلة وتتكرر عبر هذه الوثيقة المطالبة بالمراقبة والتقويم والمساءلة فى مواضع عدة، بما يعد انتهاكا صريحا لسيادة الحكومات، وفرض للرقابة الدولية عليها والتدخل فى شئونها الداخلية، بل فى شئون الأفراد الداخلية شديدة الخصوصية. بل إن الأمر وصل إلى مطالبة الاتحاد الأوروبى بتحويل ما أطلق عليها "جرائم العنف المبنى على الجندر"، إلى محكمة الجرائم الدولية، ولن يقتصر الأمر هنا على جرائم الاغتصاب الممنهج فى أثناء الحروب، وإنما نظرا لتعميم مفهوم "العنف المبنى على الجندر" فى الوثيقة، فإن أى ممارسة تدخل فى نطاق ذلك التعريف، سيتم تحويلها –وفقا لتلك الإضافة- إلى محكمة الجرائم الدولية، وبصفة خاصة ما أطلقوا عليه "العنف الجنسى Sexual violence"، والذى يشمل أيضا العلاقة الخاصة بين الزوج وزوجته. وهنا مكمن الخطر، فحتى هذه اللحظة، لم يكن يترتب على مخالفة اتفاقية (سيداو) أى عقوبات دولية.. أما إذا تم تحويل ما يسمى ب"جرائم العنف المبنى على الجندر" إلى تلك المحكمة، تكون (سيداو) قد تحولت بالفعل إلى إلزام حقيقى، يترتب على عدم الوفاء به عقوبات دولية. ونحن باعتبارنا شعوبا ثارت على أنظمة استعبدتها عشرات السنين نرفض أن نواصل العبودية لهيئات دولية تحاول أن تسلبنا الحرية والكرامة، وتنتهك أعراضنا.. فمتى نمتلك حقا إرادتنا ونقول لا لكل ما يتعارض مع شريعتنا وقيمنا وأخلاقنا؟. --------------- كاميليا حلمى رئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل ومنسق ائتلاف المنظمات الإسلامية