أثار إعادة تكليف الملك عبد الله الثانى عاهل الأردن لرئيس الحكومة المستقيل عبد الله النسور، بتشكيل أول حكومة عقب أول انتخابات تشريعية بعد موجة الربيع العربى التى ضربت المنطقة ووصلت رياحها للمملكة، غضبا عارما وتشكيكا فى قدرته على إخراج البلاد من أزمتها، خاصة أنه طرف رئيسى فيها، حيث يعتقد الكثير من الأردنيين أن إعادة التكليف يمثل تكريسا لعودة الوجوه القديمة لقيادة استحقاقات المرحلة الجديدة، ويعود بالبلاد للمربع الأول. وكلف ملك الأردن "عبد الله الثانى" رئيس الوزراء المستقيل عبد الله النسور بتشكيل حكومة جديدة بعد قبول استقالة حكومته، بعدما عجزت الكتل النيابية فى البرلمان عن الاستقرار على رئيس حكومة جديد وانحصرت ترشيحاتهم على "النسور"، ونائبه عوض خليفات وزير الداخلية فى الحكومة المستقيلة. وشكك كثير من القوى السياسية فى قدرة حكومة النسور الجديدة على إيصال البلاد لبر الأمان، حيث أعرب زكى بنى أرشيد -نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين- عن تشككه فى قدرة النسور على إخراج البلاد من أزمتها، معتبرا أن عودته فى حد ذاتها استمرار لأزمة سياسية واقتصادية بدأت مع حكومته الأولى، مؤكدا أن جماعة الإخوان التى قاطعت الانتخابات النيابية، ترحب بأى حوار جاد، شريطة ألا يكون حوارا بروتوكوليا. وأضاف بنى أرشيد أن "تكليف النسور إشارة واضحة من الحكم إلى أنه لا يوجد أى تغيير فى الحياة السياسية، فالحكومة قبل الانتخابات هى نفسها بعد الانتخابات.. البرلمان الجديد أعلن فشله عن إنتاج أغلبية برلمانية برامجية وسياسية للتعامل مع المرحلة الجديدة، وهذا يعزز رؤية الحركة الإسلامية فى فشل مسار الإصلاح الرسمى واستمرار الأزمة وضرورة الانتقال إلى طاولة حوار جاد تخرجنا من حالة المراوحة التى نعيشها". وكانت حكومة النسور الأولى قد اصطدمت مع الشارع منتصف نوفمبر الماضى بعدما قررت تحرير أسعار المشتقات النفطية، مما أدى إلى رفعها بنسب بلغت 54%، كما كررت حكومته رفع أسعار المشتقات النفطية مرتين بعد ذلك كان آخرها مطلع مارس الجارى، وأدى رفع الأسعار فى نوفمبر الماضى إلى خروج مئات المسيرات فى الأردن هتف عدد منها "بإسقاط النظام"، كما تحول عدد كبير منها لاضطرابات واشتباكات دموية بين رجال الأمن ومحتجين أدت إلى مقتل مواطن ورجلى أمن وجرح واعتقال المئات من المواطنين وإصابة عشرات من رجال الأمن بجروح. ويرى مراقبون أن الاختبار الحقيقى لحكومة النسور ليست مع النواب، بل مع المجتمع الذى فقد الثقة فى كل الحكومات، وفى جدوى الإصلاحات التى طالما تحدث عنها الملك عقب موجة التظاهرات التى عمت المملكة مؤخرا، فتطلعات الشارع لا ترتبط بتوزير النواب، والغالبية لا تعنى بآلية تشكيل الحكومة، بل بالنتائج الميدانية، فما يهم هذه الأغلبية يرتبط بالكيفية التى ستتأثر بها حياتها جراء السياسات والقرارات الحكومية، خصوصا أن شريحة واسعة استوعبت مبررات الرئيس إبان حكومته الأولى لتحرير أسعار المحروقات قبل نحو شهرين. وأشاروا إلى أن عودة النسور تظهر أنه مطلوب منه الاستمرار فى تنفيذ استحقاقات الاتفاق بين الأردن وصندوق النقد الدولى والذى لم يبق منه سوى خطوة واحدة تتمثل فى رفع أسعار الكهرباء، لافتين إلى أن منح النواب فرصة تسمية رئيس للوزراء كان حقيقيا دون أى تدخل من جهات رسمية، لكن النواب حولوه إلى مشهد كوميدى من خلال عدم قدرتهم على تقديم بدائل أو الائتلاف فى أغلبية برلمانية حقيقية ومتماسكة. وكان مجلس النواب قد شهد الأربعاء قبل الماضى خلافات حادة واشتباكات بالأيدى بين نواب مؤيدين ومعارضين للنسور، وصلت حد محاولة أحد النواب إشهار سلاح كان يحمله تحت قبة البرلمان، مما أنتج حالة من النقد اللاذع للبرلمان الذى لم يكمل شهرا على بدء أعماله.