ثوانٍ معدودات على شاشة التلفاز فى نشرة التاسعة عرضت لقاء يجمع السيد الرئيس محمد مرسى ب أ.د محمد مصطفى حامد وزير الصحة والسكان ومساعده لشئون التأمين الصحى د/ إبراهيم مصطفى لعرض آخر المستجدات لمشروع قومى ووطنى طال إنتظاره وكثرت الوعود به وقد يعد المنقذ والمأمول لخدمات التأمين الصحى متضمنةً إضافة تسمية الاجتماعى الشامل. * لقد صدرت أول وثيقة تأمين صحى على مستوى العالم فى ألمانيا عام 1883م، و فيما يتعلق بالعالم العربى فإن أول وثيقة كتبت باللغة العربية لتأمين العلاج الطبى ظهرت عام 1957م فى مصر بين الشركة المتحدة للتأمين وبنك الإسكندرية، كما صدرت وثيقة أخرى فى نفس العام بين شركة مصر للتأمين وشركة اسوستاندر للخدمات البترولية، ويعد عام 2005م هو العام الذى شهد ميلاد خدمة التأمين الصحى فى اليمن من خلال شركة متخصصة للتأمين الصحى. * بقرار جمهورى من الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، تم إنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحى بالقرار 1209 لسنة 1964 م محددا الخدمة الطبية التى تقدم للمُؤمن عليه وتشمل الخدمات الطبية التى يؤديها الممارس العام والأخصائى الرعاية الطبية المنزلية عند الاقتضاء متضمنة العلاج والإقامة بالمستشفى أو المصحة أو المركز التخصصى وذلك للعمليات الجراحية وأنواع العلاج الأخرى والفحوص المختلفة من أشعة وتحاليل ورعاية المرأة العاملة فى الحمل والولادة مع صرف الأدوية اللازمة وتوفير الخدمات التأهيلية وتقديم الأطراف والأجهزة التعويضية، وبدأ تطبيق التأمين الصحى فى الأول من أكتوبر من نفس العام وشمل حوالى 57 ألف عامل حكومى معظمهم بمحافظة الإسكندرية. * وفى مرحلة ما قبل ثورة يناير كانت الوعود الرئاسية كل خمس سنوات تتحدث عن التأمين الصحى وأنهم سيمنون على الشعب المصرى بتطبيقه، لكن أغرب ما سمعته عن هذا الموضوع أن أحد رؤساء الهيئة العامة للتأمين الصحى السابقين عرض مع أحد وزراء الصحة السابقين على رئيس الجمهورية آنذاك مبارك أن يتم عمل قرار لتعديل (مسمى) التأمين الصحى ويتم تطبيق المشروع الجديد للتأمين الصحى الاجتماعى الشامل فور صدوره ، فما كان من مبارك إلا أن استنكر ذلك وأكد صعوبة أن يتم الموضوع بقرار وأنه "يتفهم" حاجة الشعب المصرى لمظلة التأمين ولكن هناك آليات عديدة للتنفيذ!!! * وبقدوم الثورة طالت الفكرة وشملت آليات ومفاهيم جديدة تمهد للتنفيذ برؤية تنحاز للمواطن وصالحه، وصدر قرار أ.د/ أشرف حاتم -وزير الصحة والسكان الأسبق- بتشكيل اللجنة القومية العليا لإعداد مشروع التأمين الصحى الجديد برئاسة - "جبرتى" وزارة الصحة ومهندس اثنين من أهم القوانين فى تاريخ الصحة وهما قانون كادر المهن الطبية وقانون التأمين الصحى الجديد - د/عبد الحميد أباظة مساعد أول وزير الصحة والسكان وعضوية ممثلين عن نقابة الأطباء ووزارات مختلفة كالمالية والتضامن الاجتماعى وأحزاب كالوفد والتجمع والحرية والعدالة وخبراء ورؤساء سابقين للهيئة العامة للتأمين الصحى. * وها هى اللجنة تجتمع مرة أسبوعيا وعلى مدار العامين الماضيين تناقش وتنقح وتنتهى من مسودة القانون وتناقشه مجتمعيا مع عدد من النقابات المختلفة كنقابات المهندسين والتجاريين والأطباء والفلاحين والصيادين وغيرها، ساعية للنقد الذاتى وتلبية احتياجات ومتطلبات المواطنين والتوافق على مصادر التمويل، موضحة رؤية التأمين الصحى الشامل المرجو الوصول لأهدافه من بوابة التنمية الشاملة، حيث لا تتيسر صياغة الآليات والتقنيات التنفيذية إلا فى إطار تنموى متكامل، فالصحة رهينة بالغذاء والأنشطة الرياضية والمرافق وتحسين البيئة وتنمية القدرات التعليمية وتنمية قدرات التدريب والمهارات والتوجه نحو العمالة الكاملة، كما أن حل المشكلات الصحية لا يتم إلا فى إطار مجتمعى تنموى يقلل من وفيات الأمهات والرُضع والأطفال والزواج المبكر وختان الإناث، وكذلك يحقق نجاحا فى مجال الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة ومكافحة التدخين والإدمان والعجز والإعاقة، وكذلك التعامل المثالى مع ظاهرة أطفال الشوارع، كما يسعى النظام الجديد لتحقيق السلامة الصحية فى العمل والمنزل والشارع مع رعاية المسنين. * التغطية الصحية الشاملة تسعى إليها كل الدول ويكفى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية بها 50 مليون لا يتمتعون بمظلة التأمين الصحى، وما تسعى إليه اللجنة القومية لإعداد مسودة القانون الصحى الاجتماعى الشامل هو أن يقل الإنفاق على الخدمات الصحية خارج التأمين الصحى، حيث ينفق المواطن المصرى من جيبه الخاص 72% من إجمالى ما ينفق على الصحة، ومن المستهدف أن يصل فقط إلى 35%، وأن يتم تغطية أكثر من 80% من المصريين عند نهاية تطبيقه، ومن المستهدف أن يتم متزامنا مع تطبيق التأمين الصحى الاجتماعى الشامل زيادة الإنفاق الحكومى على الخدمات الصحية من 4.7% حاليا إلى ما يقرب من 8% من الموازنة العامة للدولة عند نهاية تطبيق النظام بعد 20 عاما على أربعة مراحل كل منها 5 سنوات متساويا مع كل الدول التى تحترم الإنسان وتحافظ على صحته وتعالج مرضه وتحميه من مضاعفاته!!! * بالحق أقول أن هذا القانون يعتبر قانون الثورة وليس له علاقة بالسياسة وليس لفصيل بعينه فضلٌ فيه لأن اللجنة التى أعدته تمثل جميع فئات الشعب، وإنه يُحسب ل أ.د. محمد مصطفى حامد -وزير الصحة والسكان الحالى- أنه تقدم بقانونين أحدهما يهتم بكل العاملين فى المهن الطبية السبع من أطباء وصيادلة وكيميائيين وفنيين وتمريض وهو قانون كادر المهن الطبية، وثانيهما يهتم بكل المواطنين وهو قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل، وهناك وعد رئاسى من أ.د. محمد مرسى ببداية تطبيق المرحلة الأولى من القانون الأول لكادر المهن الطبية فى الأول من يوليو القادم، وكذلك زيادة موازنة الصحة لتتصاعد تدريجيا خلال الأعوام الأربعة القادمة رغم كثير من المعوقات ولكن يحدونا الأمل فى تنفيذ آمال المواطنين بوعد السيد الرئيس !