رغم كثرة الجدل فإنك لا تجد مناقشة حرة لقضية جادة، وهناك من يفضل أن يظل المجتمع فى حالة صراع، ويرفض الحوار الذى يمكن أن يوسع نطاق الثوابت المشتركة، ويحقق الاتفاق العام على مجموعة من الأهداف العامة، والتى يمكن أن ينطلق على أساسها المجتمع للخروج من أزمته الاقتصادية. والذين يرفضون ذلك الحوار الجاد ويفضلون الجدال والشقاق والاختلاف يخافون من الاختبار الحقيقى، ويعرفون أن قوتهم تنحصر فقط فى المال والإعلام، ولذلك يحاولون تعطيل الانتخابات أو تأجيلها. يقولون إنهم يريدون ضمانات لنزاهة الانتخابات، فإن دعاهم الرئيس إلى حوار للاتفاق على تلك الضمانات فإنهم يرفضون ويمتنعون والحقيقة التى يعرفها شعب مصر أن الذى يريد أن يمنع الانتخابات يرفض الديمقراطية، ولا يريد الاحتكام إلى إرادة الشعب. وتحليل خطاب جبهة الإنقاذ ورموزها يوضح احتقارهم لشعب مصر وتعاليهم عليه ورفضهم نتائج الانتخابات التى تعبر عن الإرادة الشعبية.. فماذا يريدون؟! قبل أن نقدم تحليلنا فإننا نطالب الإعلاميين المصريين بكشف الحقائق، وتوضيح مواقف الأطراف المختلفة لأن هذا حق شعب مصر. تعالوا لنرى خطاب أحد أهم رموز جبهة الإنقاذ مستر برادعى الذى يقول: إن الانتخابات ستجلب مخاطر الفوضى وعدم الاستقرار، ومن الواضح أن هذا التهديد يتردد على لسان كل أقطاب الجبهة على الفضائيات. ومن المهم أن نربط هذا الخطاب بما يحدث من محاولات إثارة الاضطرابات والفوضى ودعوات للعصيان المدنى، حيث يقوم مجموعة من البلطجية بمنع الموظفين من الوصول إلى مقار أعمالهم، أو طردهم، وإغلاق المدارس، وقطع الطرق، وتعطيل القطارات، والتأثير على مصالح الناس وأرزاقهم بهدف خلق حالة الفوضى التى يريدها مستر برادعى ومجموعته، وحتى لا يصل المجتمع إلى مرحلة الاستقرار، وإجراء الانتخابات التى ستكشف حقيقة القوى، ورأى الشعب فى هذه الاتجاهات السياسية المتغربة التى لا ترتبط بمصر وتاريخها وحضارتها ومستقبلها. مستر برادعى كشف حقيقة مواقف الجبهة ومخططها، وأنها لا تريد الديمقراطية أو الحكم المدنى والانتخابات، ومع ذلك تدعى الليبرالية والديمقراطية، فمستر برادعى يدعو بوضوح للانقلاب العسكرى؛ وبذلك يضيع أهم أهداف الثورة وإنجازاتها. يقول مستر برادعى: إن تدخل الجيش هو القرار الصحيح لتحقيق الاستقرار. يمكن أن نربط تصريح برادعى بالشائعات والأكاذيب التى جرى الترويج لها فى وسائل الإعلام التى يمتلكها رجال الأعمال المرتبطون بالنظام السابق، والذين نهبوا فى ظله أموال شعب مصر. فهذا الربط سوف يوضح الحقيقة فهم يحاولون إثارة الجيش للانقلاب على الشرعية وأن قادته يتعرضون للإهانات وأن الجيش يتعرض للأخونة.. ولذلك فإنه غاضب من هذه الإهانات وأن الانقلاب العسكرى هو الحل لتحقيق الاستقرار ومنع الفوضى. وقد رد الجيش بتأكيده على انتمائه لشعب مصر واحترامه الشرعية وقيامه بوظائفه، ولكن هذا التأكيد لم يأخذ طريقه إلى وسائل الإعلام، التى ظل أعداء الديمقراطية يستخدمونها لتضليل الشعب المصرى وإثارة الاضطرابات والفوضى تمهيدا لتقديم الانقلاب العسكرى باعتباره الحل الوحيد. ومستر برادعى يرى أن الواجب الوطنى للجيش يحتم عليه التدخل، بينما شعب مصر كله يرى أن الواجب الوطنى للجيش هو حماية الشرعية وإرادة الشعب التى تتجلى من خلال الانتخابات. أما وسائل الإعلام فإنها لا بد أن تكشف الحقائق فتلك وظيفتها، وهذه الحقيقة تظهر بوضوح فى كل أعمال جبهة الإنقاذ وخطاب قادتها. إنهم يرفضون الانتخابات لا بسبب الضمانات، ولكنهم بوضوح لا يريدون الاستقرار لمصر، ويريدون إفشال الرئيس وإسقاطه. وجبهة الإنقاذ ترفض إدانة العنف، وهى تعمل بوضوح لخلق حالة الفوضى وعدم الاستقرار وزيادة الأزمة الاقتصادية ولا تهمها الدولة. وهذه الجبهة التى تدعى الليبرالية تريد الديكتاتورية العسكرية وتفضلها على حكم مدنى ديمقراطى يأتى بالإسلاميين إلى الحكم عبر الانتخابات الحرة، وهى تدرك جيدا أن الإسلام يشكل المزاج العام لشعب مصر الذى يريد المشروع الحضارى الإسلامى؛ لأن هذا المشروع هو الذى يحقق لمصر القوة والاستقلال الشامل والغنى ويحميها من الاستبداد والفساد. وجبهة الإنقاذ تجمع الفلول مع المتغربين، وهم ينفقون الأموال على البلطجية لإشاعة الفوضى بهدف إعادة الحكم العسكرى، وإسقاط الرئيس وإلغاء الدستور؛ ولذلك أدعو شعب مصر إلى الدفاع عن مستقبله وإرادته وحقه فى الحياة، وأن يرفض كل دعوات إشاعة الفوضى والعصيان المدنى.