"والله العظيم.. أنا مدرسة فى بورسعيد ومتهددة إن المدرسة هتولع لو معملتش عصيان.. وربنا ينتقم منهم كلهم.. التهديد ده موجود مش فى المدارس وبس.. لأ.. فى كل المصالح الحكومية.. وزوجى نزل شغله إمبارح وطلع شوية عيال مأجورة حضرتك وقالولهم فى المصلحة لو منزلتوش وقفلتوها حالا هنولع فيها وفيكم بالمولوتوف".. هذه هى الرسالة التى بعثت بها المدرسة إيمان محمد من بورسعيد، التى تؤكد زيف دعاوى العصيان المدنى، وسعى معارضى الرئيس إلى فرضه بالقوة والإصرار على تعطيل مصالح العباد لتحقيق مصالحهم السياسية. موظف آخر فى الإسماعيلية، قال إن بعض الشباب نظموا جولات ميدانية فى بعض المصالح الحكومية، أمس الأول الخميس، لإقناع الموظفين لبدء عصيان مدنى من غد الأحد، للمطالبة بإقالة الحكومة والنائب العام وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى، وقال إن هؤلاء الشباب «أمهلوا العاملين بالقطاع الحكومى حتى الأول من مارس لتنفيذ إضراب وعصيان مدنى شامل بالقوة»!!. وقرأت فى صحف التضليل الإعلامى -التى تروج لهذا العنف- على لسان أحد هؤلاء الشباب قوله: إن الموظفين أبدوا استجابة لدعوات الإضراب والعصيان المدنى، بدليل أنهم وزعوا عليهم "موز ويوسفى".. واعتبر هذا مؤشرا على تجاوب الموظفين مع دعاوى العصيان المدنى!!. للأسف.. سياسيو جبهة الإنقاذ الفاشلين -الذين طردهم أهالى بورسعيد عندما ذهبوا لعقد مؤتمر سياسى هناك- يسعون إلى استغلال النموذج البورسعيدى فى العصيان بالقوة نتيجة حالة الغضب على سقوط قتلى فى مواجهات ما بعد الحكم فى قضية مشجعى الألتراس فى بورسعيد، لتعميمه فى بعض المحافظات الأخرى، زاعمين أن العصيان المدنى هو أحد وسائل المقاومة السلمية للسلطة المستبدة، مع أنه عصيان بالإكراه أو بالعافية والقوة!. بورسعيد حالة خاصة فى كل ما يجرى بها من مظاهرات أو اعتصامات؛ لأنها وليدة اضطرابات ما بعد مباراة الكرة المشئومة هناك، فهى نموذج لا يمكن القياس عليه أصلا، ولهذا لم يستجب لهم أحد فى المحافظات التى حاولوا فيها فرض العصيان بالقوة، وبات أقصى ما يمكنهم فعله هو غلق مجمع التحرير بالقوة وإرهاب الموظفين فى بعض المصالح الحكومية بالقتل لو لم ينصرفوا من أعمالهم، وهو ما يتطلب هنا تدخل الدولة والشرطة لمنع هذه البلطجة والتعدى على الموظفين العموميين بالقوة. هؤلاء الذين يسعون بكل السبل إلى إفشال الثورة بدعاوى أن الإخوان جنوا وحدهم ثمارها وأصبحوا فى الحكم، لا يسعون وراء مصلحة الشعب ولكن وراء مصالحهم الشخصية بأن يكونوا هم -وليس غيرهم- فى الحكم بالقوة، ولذلك جربوا التظاهر وفشلوا، وجربوا العنف وإلقاء المولوتوف على مقرات الرئاسة واقتحام المحافظات وأقسام الشرطة وفشلت مؤامراتهم، ثم سعوا إلى إقحام الجيش فى السياسة مرة أخرى وتحريضه على القيام بانقلاب ضد الرئيس وفشلوا أيضا!. دعوا لجمعات تظاهر مضحكة مثل (كش ملك) أو (جمعة أوانى الطهو الفارغة) أمس احتجاجًا على سوء الأحوال الاقتصادية التى تسببوا هم فيها نتيجة تظاهراتهم وعنفهم المستمر فى الشارع، بصورة تمنع الاستقرار ودوران عجلة الإنتاج.. ثم بعد هذا يتحدثون عن تدهور الأحوال الاقتصادية!!. العصيان المدنى فى معناه السياسى الأساسى هو عمل سلمى بالامتناع عن قناعة عن العمل والتعاون مع الحكومة، وهو ما فعله غاندى مثلا فى الهند، عندما رفض التعامل مع المحتل الإنجليزى وعملائه، وليس معناه العنف والمولوتوف وتهديد الموظفين بالتوقف عن العمل أو ضربهم وحرق مكاتبهم، فهذا له اسم آخر هو (البلطجة). عصيان مدنى يعنى إهدارا لجميع أموال الدولة.. عصيان مدنى يعنى خيانة عظمى لتعمد إسقاط الدولة اقتصاديا.. عصيان مدنى يعنى إسقاط رئيس جاء بإرادة شعبية.. عصيان مدنى يعنى أن هناك من يسعى إلى إسقاط هيبة الشرطة والجيش وهما خط الدفاع الأخير عن هيبة دولة وليس بعده إلا الفوضى.. عصيان مدنى يعنى إسقاط مصر وتقديمها هدية لأعدائها.. فهل هذا هو هدف من يريدون العصيان بالعافية أم أنه الجهل السياسى؟ وهو أخطر.