الديمقراطية هى التعبير سلميا وفى إطار الأخلاق الوطنية عن مطالب مشروعة تتطلبها المصلحة العليا للوطن، والديمقراطية تتطلب التسريع بإنهاء المرحلة الانتقالية، وتحقيق الضمانات اللازمة لانتخابات دستورية نزيهة من أجل تداول السلطة، إنه فى سبيل الإيمان بالديمقراطية وقبول الديمقراطية طريقا سليما لبناء الدولة المصرية الحديثة، فإنه لا يصح أن تنقلب المظاهرات السلمية إلى اعتداءات على مؤسسات الدولة، والاعتداء على رجال الشرطة الأوفياء رمز الاستقرار وسيادة القانون، بل الدعوة إلى الاعتصامات وإغلاق الطرق وشل حركة المواصلات أمام البسطاء والفقراء والمحتاجين وترويع الآمنين باستخدام القوة والعنف. إن هذا الإفلاس السياسى أدى وسيؤدى إلى غضب الشارع ونفاد صبر الناس، وهو ما لا يحقق كسب الثقة من قبل الناخبين كى تحصل المعارضة على أصوات تحقق لها تكتلا تشريعيا قويا فى مجلس النواب المقبل، إن ما يتوجب على المعارضين العقلاء اللجوء إلى الحوار الدائم والمتواصل لوضع وثيقة سلام اجتماعى من خلال تعديل بعض بنود الدستور بآليات برلمانية استجابة لنبض الشارع الذى له كل الإرادة وكل الرأى، وحتى يتم التوافق على سلطة تنفيذية تعمل بجد ونشاط دائب ودائم لإنقاذ الوطن اقتصاديا، وحتى تبقى صورة مصر وشباب مصر مصدر إعجاب وإلهام وزاهية ومشرقة دائما، تعلم شباب العالم إن شاء الله. إن التخوين والتخويف والتشكيك فى جدوى الحوار قضية مرفوضة، واستبداد الأقلية المعارضة والتشبث بالرأى وفرض الرأى بالقوة أمر مرفوض، وليس من المعتدل والمقبول أن يكون لدينا رئيس للدولة كل ستة أشهر. إن الأوطان لا تبنى بقطع الطرق وقذف الحجارة والمولوتوف، ولكن الأوطان تبنى بالتعاون والمحبة واختلاف الرأى، وتعدد الآراء يثرى الحوار فى إطار من المودة ليبقى الشركاء متعاونين، وننصرف جميعا إلى الخير لبناء الوطن، فكلنا إلى زوال وتبقى مصر. إن قطف ثمار الثورة يكون بالعمل وبذل الجهد بعيدا عن الخروج على الشرعية وتعطيل الإنتاج، إن إرادة التوافق بين الشركاء على مصلحة الوطن أولا أمر لا تراه جبهة الإنقاذ، فهى لا ترى لها وجودا حقيقيا فى الشارع، وهى لا تمتلك برنامجا أو مشروعا للسير بالوطن قدما إلى الأمام، ولأنها تدرك ذلك تماما، فالبديل المشروع لدى جبهة الإنقاذ هو إعاقة النظام الشرعى الذى جاء عبر إرادة شعبية نزيهة. إن جبهة الإنقاذ الهشة تتوهم قدرتها على التسريع بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهو أمر ليس دستوريا، كما أنها تسعى إلى وضع الاقتصاد المصرى فى نزيف دائم، أضف إلى ذلك أن الإفلاس السياسى جعلهم يرددون ويكررون العبارات والمقولات المستهلكة والعبارات المسفة. إن دور الإعلام واضح فى زيادة المعلومات والوعى السياسى لدى المواطنين، بل تدريب المواطنين على ممارسة حقوق المواطنة بالرأى والرأى الآخر والتسامح السياسى بين الشركاء وممارسة حق الاختلاف السياسى. إن الإعلام الآن يفتقد قدرته على تشكيل الاتجاهات السياسية السليمة والإيجابية، وعلى الإعلام أن يعكس الصورة الحقيقية لدى الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المختلفة، والتأثير السليم والصحيح وليس بالتهويل والتهوين عبر منابر تزييف الوعى وتوفير ثقافة سياسية مغلوطة. وهذه صورة مأساوية لتأثير الإعلام المصرى: كانت سيدة تعمل فى أحد البيوت، فلما انقطعت عن العمل، ذهب صاحب البيت يسأل عنها، قال: أين أنت يا حاجة؟ قالت: بارك لى يا أستاذ، ابنى اشتغل فى الثورة، ابنى بيحصل على مائتى جنيه فى اليوم. قال الرجل: ماذا يعمل يا حاجة؟ قالت: ابنى مشرف على الأولاد الذين يقذفون الطوب والمولوتوف. قال: ولماذا يفعلون ذلك؟ قالت ابنى وزملاؤه يحرسون الثورة حتى لا تسرق الثورة منهم.. لا تعليق.