الاقتصاد المتعثر الدولة العميقة التدخل الخارجى تسييس القضاء إعلام الفلول الاستقطاب السياسى الفساد أكد خبراء سياسيون واقتصاديون أن مصر تواجه 7 تحديات فى الذكرى الثانية لثورة 25 يناير المجيدة، مشيرين إلى أن التحدى الاقتصادى هو الأهم بعدما تعرض الاقتصاد الوطنى للعديد من الضربات الموجعة على مدى عام ونصف العام قبل تولى الرئيس محمد مرسى مقاليد الحكم فى 1 يوليو 2012. وأضافوا أن سحب المجلس العسكرى خلال الفترة الانتقالية حوالى ثلثى نصف الاحتياطى النقدى، ليصل إلى 15 مليار دولار فقط، أدى إلى ضعف الجنيه أمام العملات الأجنبية، كما زاد العجز فى الموازنة إثر تراجع الاستثمار الأجنبى وتراجع معدلات السياحة وارتفاع معدلات البطالة؛ وهو ما يشير إلى الإرث الثقيل الذى ورثه الرئيس. وأوضحوا أن حالة الانقسام السياسى فى الشارع من أبرز التحديات التى تواجه ثورة يناير التى تميزت بتوحد جميع طوائف الشعب، لافتين إلى أن باقى التحديات تتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق مواجهة الفساد وإعادة توزيع الثروة، وهيكلة الجهاز الإدارى التى تسيطر على معظمها الدولة العميقة، والعمل على استقلال القضاء وتطهير الإعلام الذى يتحكم فيه رجال أعمال الفلول ومنع محاولات التدخل الخارجى. فى البداية، أوضح الدكتور أحمد مطر -رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاقتصادية- أن من أهم التحديات التى تواجه مصر بعد عامين من قيام ثورة يناير هو تطهير القضاء وإنهاء حالة "التسييس" التى تواجه هذه المنظومة منذ حكم النظام السابق، موضحا أن هذا التحدى يعد الأكبر من بين التحديات التى تواجه مصر، مشددا على ضرورة استقلال القضاء؛ لأنه هو الحكم، ولا يجوز له أن يدخل فى خصومات سياسية مع أطراف ضد أطراف أخرى. وأشار إلى ضرورة تطهير منظومة الإعلام والعمل على إصلاح هذه المنظومة الخطيرة؛ من أجل أن تخدم المواطن وتقوم بتنفيذ برامج إعلامية وتسعى إلى تطوير المواطن بدلاً من انشغالها ببث الأكاذيب والشائعات. وقال مطر: إنه يجب على الحكومة أن تعمل على حسن استغلال الأصول والثروات والموارد المتاحة والعمل على تنميتها من أجل خدمة فقراء الشعب، مضيفا أن تنمية هذه الموارد ستعمل على تعزيز قدرة الحكومة من أجل تنفيذ البرامج التنموية. وأوضح أن الاقتصاد المصرى لدية قدرة كبيرة على التعافى من أزمته؛ حيث إنه يمتلك العديد من الإمكانيات البشرية والجغرافية والمقومات الاقتصادية، التى تعد القاعدة الرئيسية لاستعادة عافية أى اقتصاد، مشيرا إلى أنها تستطيع أن تنضم إلى قائمة العشرين دولة الأقوى اقتصاديا على مستوى العالم. وطالب مطر بضرورة العمل على سرعة تشكيل مفوضية مكافحة الفساد؛ من أجل القضاء عليه داخل جميع مؤسسات وأركان الدولة، خاصة الجهاز الإدارى، لافتا إلى أن الجهاز الإدارى للدولة يحتاج إلى إعادة هيكلة بإجراء تغييرات فى الصف الثانى داخل الوزارات "وكلاء الوزراء" وأصحاب الأيدى المرتعشة؛ من أجل وضع صورة مضيئة وخطة شاملة للتنمية، وأن تكون لديها قدرة على تنفيذها. من جانبه، وصف الدكتور عمرو أبو الفضل -الخبير السياسى بمركز الجمهورية للدراسات السياسية والأمنية- أن أهم تحدٍّ يواجه مصر بعد عامين على ثورتها يتمثل فى إنهاء حالة الاستقطاب السياسى بين جميع القوى والفصائل السياسية، مشددا على ضرورة المحاولات التى تجرى لرأب الصدع لبناء وطن جديد. وأكد ضرورة حل وإنهاء جميع الخلافات السياسية بين جميع التيارات والقوى السياسية والعمل على وضع خارطة طريق للبدء فى تنفيذ مخططات التنمية والنهضة، مشيرا إلى أهمية العمل على إنهاء أزمة المواد المختلف عليها فى الدستور وقانون الانتخابات البرلمانية المنتهى منه مؤخراً؛ من أجل إنهاء الخلافات الدائرة فى الحياة السياسية، مشددا على إنهاء كل ما يتعلق بالتخوين من جانب بعض الأطرف للأطراف الأخرى، مع ضرورة إنهاء كل المظاهر التى تؤدى إلى التنازع والفرقة بين صفوف شركاء الوطن الواحد. وطالب أبو الفضل جميع القوى السياسية والوطنية والحكومة ومؤسسة الرئاسة بضرورة تقديم حلول وخطط وبرامج؛ من أجل وضع تصور كامل لمواجه أهم تحدٍّ وهو العدالة الاجتماعية، مشددا على ضرورة البدء فى تحقيق هذا المطلب الذى يمس قطاعا عريضا من المواطنين، الذى قامت من أجله الثورة تحت شعار "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية". وأشار أبو الفضل إلى ضرورة العمل على إجراء عملية الإصلاح الداخلى وترتيب أوراق البيت من الداخل وسد الثغرات ومنع أية محاولات للتضخيم أو افتعال الوقائع والأزمات؛ من أجل مواجه التدخلات الخارجية فى الشأن الداخلى المصرى، مؤكدا أن المؤامرات الخارجية لا يمكن أن تؤدى دورها إذا كانت المنظومة الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية سليمة. وعن أهم التحديات الاقتصادية التى تعانى منها الدولة فى الذكرى الثانية للثورة، أوضح الدكتور محمد جودة -عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة- أن الاقتصاد المصرى يعانى من حجم التركة الثقيلة التى تركها النظام البائد، لافتا إلى أن النظام أسهم فى ارتفاع حجم الدين العام لمصر، الذى وصل إلى 1.3 تريليون جنيه حتى 11 فبراير من عام 2011، موضحا أن هذا الدين يكلف أعباء على الموازنة العامة للدولة تصل إلى 230 مليار جنيه أقساطا وفوائد سنوية. وأشار جودة إلى أن عجز الموازنة العامة للدولة وصل إلى 200 مليار جنيه، فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة لوضع برامج تنموية، لافتا إلى أن من بين التحديات الاقتصادية وجود حوالى 43% من المواطنين تحت خط الفقر وارتفاع معدلات البطالة إلى حوالى 12%. وقال: إن البنية التحتية والأساسية للدولة متهالكة فى قطاعات كثيرة، على رأسها مياه شرب وصرف صحى والطرق والمواصلات، مشيراً إلى أن تأثير الفساد وصل إلى جميع مؤسسات الدولة فى ظل وجود غابة من التشريعات التى أصدرت وفقا لأهواء رجال النظام السابق. وطالب جودة بضرورة العمل على إعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة فى ظل استمرار وجود الخلل الواضح بين هيئاته، معتبرا أن تردى أوضاع الجهاز الإدارى أسهم فى إعاقة عملية الاستثمار وهروب المستثمرين؛ بسبب البيروقراطية التى يتعامل بها مع رجال الأعمال والمستثمرين. وأضاف أن هيكل الاقتصاد المصرى يعانى من خلل كبير بعدما أصبح اقتصادا ريعيا يتأثر بجميع العوامل السياسية الداخلية والخارجية، فضلا عن تردى أوضاع وقلة نسبة القطاعات الخدمية فى الاقتصاد، لافتا إلى أن هذا الخلل يعد من أهم التحديات التى تواجه مصر خلال الفترة المقبلة. وأوضح جودة أن إطالة الفترة الانتقالية أثرت على الاقتصاد بشكل سيئ؛ بحيث أثر على تردى الأوضاع ودخل السياحة وهروب العديد من الاستثمارات إلى الحد الذى أسهم فى التأثير على الاحتياطى الأجنبى، لافتا إلى أن هذا الوضع أثر على انخفاض سعر صرف الجنيه وهبوط قيمته أمام الدولار، فضلا عن تراجع أرصدة الاحتياطى وارتفاع فاتورة الواردات، خاصة أن مصر تعتمد على حوالى 50% من الاحتياجات الأساسية من الخارج. وأشار إلى أن ملف العدالة الاجتماعية يعد ضمن التحديات الكبيرة التى تواجه الحكومة والشعب معا، لاعتبار أن هذا المطلب أهم وأحد أسباب قيام ثورة 25 يناير، لافتا إلى أهمية قيام وتوجيه الحكومة باستثمار مقومات الاقتصاد من موقع جغرافى وتوافر العامل البشرى مع البعد الحضارى والثقافى لتحقيق هذا المطلب، مشددا على أن الاقتصاد المصرى لدية قدرة كبيرة على أن يكون من بين أهم الاقتصاديات الإقليمية الكبيرة فى المنطقة خلال 7 سنوات، ومن بين أهم الاقتصاديات ال16 الأقوى على العالم بحلول عام 2025. وشدد جودة على ضرورة تحقيق 5 عوامل من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية، أولها تحقيق الاستقرار السياسى والأمنى بشكل عاجل وفورى، واستكمال مؤسسات الدولة التشريعية والدستورية، والتوافق على مشروع لنهضة مصر ليعبر عن طموحات الشعب، والبدء فى تشكيل حكومة أغلبية بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية للقيام بدورها تجاه تنفيذ المشروع التوافقى على نهضة مصر، ومصارحة الشعب المصرى بحقيقة الأوضاع الاقتصادية حتى يمكن الحصول على دعمهم وتعاونهم خلال العام الجارى.