نقل عن حمدى قنديل، أحد رموز جبهة الإنقاذ، قوله فى أعقاب لقائه جون ماكين مبعوث العناية الأمريكية "إن المطلوب هو حل الإخوان المسلمين"، وقد أثار هذا التصريح ذكريات الماضى الناصرى الأليم، حيث كان حمدى قنديل مذيعا بالتليفزيون المصرى فى الستينيات، وكان مكلفا باستجواب المعتقلين تليفزيونيا بعد أن يؤتى بهم من زنازين التعذيب مرهقين لكى يتحدثوا على الشاشة معربين عن أسفهم بحق الزعيم. لم ينس حمدى قنديل ثأره مع الإخوان، وإن حاول جاهدا التكفير عن ذنبه فى بدايات الحراك السياسى فى مصر قبل الثورة وبعدها بقليل، لكن لا يزال حنين قنديل للماضى قائما وهو يعتقد اعتقادا جازما أنه فى ظل وجود الإخوان فإنه لا حظ له ولا لتياره من رضا الشعب؛ لذا فبدلا من أن يتحدث فى السياسة راح يتحدث عن جماعة الإخوان. المطلوب إذن ليس إزاحة الرئيس مرسى لأن ذلك بدا وكأنه محال فى الوقت الراهن؛ لذا فإن الهدف المنشود هو تفكيك الجماعة التى تقف وتدعم الرئيس ولديها خطة وبرنامج إصلاحى لا تملكه جبهة الإنقاذ ولا غيرها من التيارات الموجودة على الأقل فى الوقت الراهن. الحديث عن جماعة الإخوان هو موضة هذه الأيام، وستظل هذه الموضة طالما بقيت هذه الجماعة بشعبيتها وانتشارها وقربها من الشارع المصرى. هذا الأمر يزعج الكثيرين من الفاشلين سياسيا، خصوصا تلك التيارات الناشئة التى تريد أن تبنى شرعيتها على فناء الإخوان، وليس على أداء وإنجاز وعطاء كما فعلت الإخوان على مدار عمرها الممتد لثمانين عاما أو يزيد. الرهان على فناء الإخوان هو أشبه بالحلم الذى يراود البعض مثل الأخ ثروت الخرباوى الذى طاف على ديوانيات الكويت مبشرا بفنائهم فى هذا العام، وهى أضغاث أحلام تكلم بها الخرباوى من قبل عدة سنوات ولم تتحقق أحلامه، وأنى له ذلك وهو يعلم علم اليقين أن الإخوان وهى فى السلطة أشد تمسكا بمنهجها التربوى والدعوى والأخلاقى عن ذى قبل. الإخوان المسلمين ليست حزبا سياسيا ولن تكون، ولكنها جماعة وطنية إسلامية المنهج والهوى والمسلك والطريقة، وهى محضن لتربية الرجال وتنشئة القيادات تنشئة سليمة تحفظ لهم دينهم وتجعل من هذه الكوادر نماذج تحتذى. أعجبنى قول قيادى إخوانى بأن "غربال الإخوان عيونه ضيقة" حين يتعلق الأمر بترشيحاتهم لكوادرهم، وهو قول يعبر عن حقيقة حرص هذه الجماعة على الوطن وعلى أبنائها فى الوقت نفسه. ------------- د. حمزة زوبع [email protected]