لا يمكن النظر إلي كتاب ثروت الخرباوي الأخير من قلب الإخوان علي اعتبار أنه كتاب انتقامي, لكن النظرة المتفحصة للكتاب تجعلنا نعيد قراءته علي اعتبار أنه شهادة شخصية نقدية من الداخل لأحد أعضاء الجماعة فثروت الخرباوي الذي اقترب ورأي يقص تفاصيل يعرفها هو جيدا وتعرفها كوادر الجماعة وقادتها جيدا, وبالتالي فالرؤية النقدية التي يقدمها أولي أن يستفيد بها مسئولو الجماعة بدلا من مهاجمتها. الذين يعرفوت ثروت الخرباوي كمحارب يعرفون انحيازه للحق, ودفاعه عنه, سواء في فترة انضمامه للجماعة أو بعد خروجه منها, ورغم أن البعض يتهم الخرباوي بأن شهادته في الكتاب مجروحة لأنه خرج مطرودا علي حد وصف أحدهم من الجماعة إلا أن قراءة الكتاب تنفي ذلك, فالخرباوي يروي بالعقل والمنطق لماذا دخل الجماعة ولماذا صدم, وكيف خرج, ويتكلم عن عدد من الألغام التنظيمية داخل الإخوان. كتب الخرباوي كتابه بلغة أدبية شفافة, تؤكد مدي تأثره بما يقوله ويحكيه في نقابة المحامين كانت لنا أيام.. جلست مع مختار نوح الذي كان من نجوم الإخوان وقتها وقرأت معه القرآن وسمعت منه واستمعت له... ومن بعدها صرت من الإخوان, صرت أنا من الإخوان... وصار الإخوان مني, وفي الإخوان نزفت نفسي, وللإخوان سكبت نفسي, وفي الإخوان نسيت نفسي... فتلاشيت.. كقطرة ماء تبخرت, وحين يوم وقعت قطرة الماء من السحابة.. فتألمت.. ومن ألمها ستنبت خضرة, وذات يوم عرفت قطرة الماء أن الضياء ينير الطريق ولكنه أحيانا يعمي البصر. الخرباوي أحد قادة الجماعة الذين أسهم في المكاسب التي حققتها في نقابة المحامين, لكن أصدر مصطفي مشهور قرارا يقضي بمنعه من الخروج من بيته بعد ما ذكر أن الخرباوي يقوم بالتنقل بين المحاكم والمحامين يوميا للقيام بدعاية لقائمة مضادة لقائمة الإخوان في نقابة المحامين, و تم عقد جلسة محاكمة داخل الجماعة لثروت الخرباوي قضت بفصله من الجماعة, ويتحدث الخرباوي في كتابه عن المحاكمة الهزلية علي عدة تهم مسجلة ومكتوبة, ولم يسمح له بمناقشة الشهود, وبعدما دافع عن نفسه, رفعت الجلسة وتقرر فصله من الجماعة, و بعد سنوات علم بمحض المصادفة أن أحد المسئولين كتب توصية مفادها أن الخرباوي لا يصلح كأخ عامل حيث لا تتوافر بشأنه شروط الانخراط في الجماعة: لأنه يفكر. يتحدث الخرباوي في كتابه عن الجموح المستطير حيث كان يدافع عن الإخوان ضد أي اتهام, وخاصة ما هو منسوب إلي التنظيم الخاص, حتي فوجئ بكلمات للمرشد المستشار مأمون الهضيبي:نحن نتعبد لله بأعمال النظام الخاص للإخوان المسلمين قبل الثورة, وحتي اكتشاف الخرباوي أن هناك مرشدا سريا للجماعة لا يعرف أحد عنه شيئا. حكايات وتفاصيل كثيرة يرويها الخرباوي من داخل جماعة الإخوان المسلمين تستدعي فتح باب الحوار والنقاش حولها وليس مجرد إثارة الجدل حول كتاب مهم, الخرباوي الذي أخرج من الجماعة لأنه يفكر يستحق أن نفكر ونتناقش معه حول القضايا التي طرحها في كتابه.