* لم أوجّه الناس خلال خطبتى إلى قول "نعم" أو "لا" * الإعلام ضلل المواطنين بحقيقة الاعتداءات.. وتعامل الإسلاميين أحبط المخطط * الرئيس اتصل بى مرتين وأقول له: أعانكم الله على المكائد التى تُدبر للبلاد * لم يحدث فى التاريخ الإسلامى حصار مسجد إلا مرة واحدة منذ حملة "نابليون"! الشيخ أحمد المحلاوى إمام وخطيب مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، أو كما يلقبه السكندريون خطيب الثورة، لم يكن يتخيل أحد أن يُحاصَر رجل ممن قدم كثيرا فى سبيل الله ولنشر دعوته، فى المسجد الذى خطب فيه سنوات ولم يستطع النظام السابق فى ظل سطوته أن يفعلها، الرجل الذى قارب 88 عاما لم يخش طوال عمره أن يقول كلمة الحق فى وجه سلطان جائر، قالها فى عهد السادات ومبارك حيث اعتقله الأول ومنعه الثانى من الخطابة وهدده بالاعتقال مرارا، وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير قام مدعو الثورية وأصحاب حرية الرأى من التيار الليبرالى والعلمانى باحتجازه هو ومن معه من المصلين يوم الجمعة الماضية، واعتدوا على المسجد بالطوب وزجاجات "المولوتوف" دون مراعاة لحرمة بيوت الله. "الحرية والعدالة" التقت الشيخ الثائر ليحكى تفاصيل 14 ساعة من الحصار داخل مسجد القائد إبراهيم، ووأد فتنة كانت تهدف إلى بحور دم فى الإسكندرية، ويرد على اتهامات الإعلام المضلل له بتوجيه المواطنين نحو الموافقة على الدستور داخل المسجد. * بداية.. هل فضيلتك وجّهت الناس إلى قول "نعم" أو "لا" خلال الخطبة على المنبر؟ كانت خطبتى فى الجمعة الماضية حول قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، وكنت أقصد توجيه رسالة إلى طائفتين: أولاهما الإعلام الفاسد الذى لا يراعى الله فى نقل الأخبار ويكذبون ويشوهون الواقع، أما الرسالة الثانية فإلى الشعب الذى يتلقف هذه المعلومات دون تحقيق أو بيان، وهو ما يسبب مشاكل لا حصر لها، وانتهت الخطبة وأدينا الصلاة، وجلست مع بعض المصلين بعد الصلاة للدردشة، ودار الحوار حول حكم ذهاب الناس إلى الاستفتاء، وبينت لهم أن الأزهر الشريف أفتى أن الخروج إلى الاستفتاء واجب دينى؛ لأنه طلب للشهادة ولا بد من الخروج، وأوضحت "تقول نعم أو تقول لا"، المهم أن تقول الذى تعرف أنك ستحاسب عليه أمام الله، وإذا خرجت وجاملت أو شهدتَ شهادة زور فقد وصلت درجتك إلى الشرك بالله، ولم أقل للناس قولوا نعم أو لا، الناس سألونى حول رأيى فى الاستفتاء وقلت لهم إنى سأقول "نعم" وهذا رأيى فقط. * متى بدأ الهجوم على المسجد؟ فوجئنا بعد إنهاء بعد هذه الجلسة بأفراد مدربين يقذفون المسجد بالحجارة "والبازلت" الخاص بقضيب الترام وأصيب البعض وقمنا بإغلاق المسجد، ثم قذفوا الشبابيك فأغلقناها، وقبل أن نغلق الأبواب تجرأ اثنان من البلطجية وحاولا الدخول إلى المسجد فأمسك بهما المصلون، ووضعوهما فى المكتب عندى، وأحدهما يدعى "موسى"، ومن الواضح أنه مهم لديهم؛ لأنهم كانوا يساومون على ذلك الرجل بشدة فى مقابل مغادرة المكان، ثم جاءت قوات الشرطة ومدير الأمن وقال لى: أعدك أنك لو أفرجت عن الاثنين سيغادران المكان، فقلت له: أنت رجل الأمن المسئول الآن، وهذه مهمتك. وسلمنا الشخصين وخرجا، وعلى الرغم من ذلك لم ينته الحصار، وللمبالغة فى الاستفزاز -لأن مخططهم كبير- قالوا: إن هناك أفرادا آخرين مقبوض عليهم داخل المسجد ولا بد أن ندخل للتأكد، وطلب مدير الأمن منا دخول أحد المحامين التابعين لهم، ودخل بصحبته ولم يجد أى شىء، وكانت تمثيلية لاستفزازنا، ودخل آخر للسبب نفسه ولم يجد شيئا أيضا، وأنا أرى أن هؤلاء البلطجية ليسوا جناة، فهم مجنىّ عليهم، وهم ضعفوا نتيجة احتياجهم والأموال التى عرضت عليهم طائلة، أما الجناة الحقيقيون فهم من دفعوا لهؤلاء، وهم معروفون للناس جميعا، وكنا حريصين على عدم الاشتباك مع هؤلاء البلطجية. * كيف ترى أبعاد تلك المؤامرة؟ اتضح لى أبعاد المؤامرة بعد أن اتصلت بى إحدى الإعلاميات وقالت لى: كيف توجه الناس من على المنبر وتقول من يقول نعم يدخل الجنة ومن يقول لا يدخل النار؟ فقلت لها: لا ينبغى أن تسألى هذا السؤال، فالخطبة مسجلة ولم أقل ذلك، ثم سألتنى: هل من الممكن أن يجرى الاستفتاء فى ظل تلك الظروف؟ فقلت لها: سيتم بإذن الله على خير، وفى تلك اللحظة أدركت الهدف من تلك المؤامرة، وعرفت أن الهدف كان إيقاف الاستفتاء. * لماذا اختير مسجد القائد إبراهيم تحديدا؟ لأن المسجد تاريخى ومعروف موقفه وموقف إمامه منذ زمن، ويكفى أن الرئيس السابق السادات وهو يخطب قال لفظا لم يكن يليق به وهو "أهو مرمى زى الكلب فى السجن" لشده غيظه، ومن يراجع تاريخ المسجد وخطبى عن كامب ديفيد يعلم ذلك، ثم دور المسجد فى ثورة 25 يناير، حيث كان المسجد أهم من ميدان التحرير؛ لأنه يعلوه فى القداسة، وهم يعلمون أنه فى حالة حصار المسجد لن يسكت رجال الإسكندرية أو نساؤها أو أطفالها، وسيتحول الأمر إلى مذبحة، وسيكون لذلك تأثير سلبى على الاستفتاء، ومن فضل الله أنه كان لدينا علم بهذا المخطط. * هل كنت تتخيل أن الحصار سيدوم 14 ساعة؟ لا، خصوصا بعد حضور قوات الشرطة وتسليمنا إياهم الاثنين الذين قُبض عليهما، وبعد تأكيد قوات الشرطة لنا أن الأمر سينتهى سريعا، والأمر كان عجيبا؛ لأنه لم يحدث فى التاريخ الإسلامى حصار مسجد إلا مرة واحدة أثناء حملة نابليون، ولكن أن يحدث هذا الأمر من مسلمين وفى مصر فذلك كان غريبا!! * متى انتهى الأمر وفُك الحصار؟ حاول الأمن فى البداية أن يخرجنى لكنى رفضت أن أخرج قبل خروج كل من فى المسجد من الرجال والنساء والأطفال، وصممت أن أُخرج آخر واحد، وهذا ما حدث، وكان ذلك فى الثالثة والنصف صباحا. * ما رأيكم فى تعامل الإعلام مع الأمر على أنه اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين؟ الأمر لم يكن اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين، من كان فى المسجد هم مصلون ليس لهم فى الاستفتاء أو غيره، وهذا التشبيه كان لاستكمال مخططاتهم. * هل تعامل القوى الإسلامية مع الحادث كان له أثر على إقامة الاستفتاء؟ بالطبع؛ لأن مخططات الطرف الآخر لم تتحقق، وكثير ممن استفزهم ما حدث نزلوا وصوتوا بنعم تعبيرا عن رفضهم ما حدث. * كيف تفسر تعامل الأمن مع الحدث بطريقة جعلت البعض يشير إلى تواطئه؟ مهما كانت الأزمة، يجب علينا ألا نحمّل الأمر أكبر مما يحتمل، فالأمن كان مجروحا وتصدى للثوار فى 25 يناير ثم انسحب من مواقعه، وما مر به الضباط من صدمة لم تكن سهلة، وبالنسبة لتلك الحادثة كانت لهم حسابات، فلو طال الحصار ليست هناك مشكلة، أما إذا حدث صدام بينهم وبين البلطجية وسقط أحدهم قتيلا فهم سيحاسبون، ومدير أمن الإسكندرية أكد لى أنهم كانوا يخشون حدوث أى اعتداء فى أثناء خروجنا والمكان غير مؤمّن، وأنا المسلم المصرى أتمنى أن تكون للشرطة هيبة فى نفوس المجرمين، وأشعر أنا باعتبارى رجلا عاديا أنى فى أمان، فهيبة الشرطة من هيبة الدولة، وأتمنى لو كانت الشرطة فى حال أحسن لكانت أراحتنا من كثير من الأزمات، ولذلك أنا أقدّر الظروف التى تمر بها الشرطة. * مَن تواصل معكم لفك الحصار عن المسجد؟ اتصل بى الرئيس محمد مرسى مرتين للاطمئنان عقب عودتى، وقلت له فى أثناء المكالمة: "ربنا يقويك، ونحن نحمل همك، لا أنت تحمل همنا، وربنا يعينك على ما أنت فيه، ونعلم ما أمامك من مكائد"، واتصل بى خلال الحدث أناس كُثر من مطروح، وقالوا لى: نحن على مشارف الإسكندرية، ونحن على استعداد لفك الحصار المسجد من أى شخص، ولكنى قلت لهم: موقفكم مشرف وأحتاجكم ولكن فى إطار الانضباط، وكذلك اتصل بى أناس من منطقة الدخيلة بالإسكندرية ومن أسيوط وسيناء، وكثير ممن استفزهم الأمر، وحاولت تهدئتهم لإبعاد شبح المعركة، حتى لا نحقق لهؤلاء ما كانوا يتمنون، واتصل بى أناس من كل التيارات الإسلامية، وأناس لا ينتمون لأى تيار للاطمئنان علىّ ومتابعة الموقف، وجاء إلى المسجد المستشار محمود الخضيرى، وحاولت إقناعه بالمغادرة، ولكنه رفض وقال: كيف أذهب وأنام والشيخ المحلاوى محاصَر هنا؟