* 80 % النسبة المتوقعة للإشراف القضائى على الاستفتاء.. والتصويت على يومين أحد البدائل * النظام السابق زج بقضاة مؤيدين له فى المحكمة الدستورية.. ومشروع الدستور أعاد الوضع إلى نصابه الصحيح * من يعترض على باب السلطة القضائية فى مشروع الدستور يقدم لنا حجته * "نادى القضاة" اجتماعى ليس من حقه شطب أحد.. وقرارات جمعيته العمومية غير مُلزمة * لا نوافق أن يكون القاضى سببا فى تعطيل مصالح الناس * التطاول على الرئيس إهانة للشعب الذى اختاره فى انتخابات حرة * الإعلان الدستورى يهدف لمنع حالة الفراغ المؤسسى * تقليص صلاحيات الرئيس فى الدستور الجديد ينفى فكرة الاستحواذ أعرب المستشار نور الدين يوسف -رئيس محكمة جنايات القاهرة- عن ترحيبه بقرار المجلس الأعلى للقضاء بندب قضاة للإشراف على الاستفتاء، مؤكدا أنه يتوقع أن تصل نسبة المبادرة من جانب القضاة للإشراف على الاستفتاء إلى 80%. وقال يوسف -فى حوار ل"الحرية والعدالة"-: إن دعوات البعض للامتناع عن الإشراف على الاستفتاء لن تؤثر، وحتى لو تم ذلك فإن هناك بدائل، منها إجراء الاستفتاء على يومين، مشيرا إلى أن الامتناع يعادل فى حكمه حكم التوقف عن العمل وتعطيله. وأكد أن قرارات الجمعية العمومية لنادى القضاة برئاسة المستشار أحمد الزند غير مُلزمة للقضاة على الإطلاق، مشيرا إلى أن نادى القضاة ليس سوى ناد اجتماعى قراراته غير مُلزمة للأعضاء. وقضايا أخرى تناولها الحوار التالى.. * كيف ترى قرار مجلس القضاء الأعلى بندب قضاة للإشراف على الاستفتاء الشعب للدستور؟ أرى أنه قرار جيد ويُراعى ظروف البلد والمرحلة التى نمر بها من أجل بناء مؤسسات الدولة، ولا بد أن نتفرغ للبناء والعمل، بعد أن مر علينا عامان نعانى من توقف البلاد، وبالتأكيد فإن شيوخ القضاء لهم النظرة الثاقبة فى مثل هذه الأمور. * ولكن هل هذا القرار مُلزم لكافة القضاة؟ المُفترض أنه مُلزم، لأنه إن لم يكن رأى مجلس القضاء الأعلى هو المُلزم فلمن يكون القرار؟ فهل يستوى رأى المجلس مع رأى نادى القضاة على سبيل المثال أو الجمعية العمومية للنادى؟! * وماذا عن الموقف القانونى حال امتناع عدد من القضاة؟ هناك فرق بين ما إذا كان القرار تكليف أو دعوة، فإن كان القرار تكليفا فلا بد من مُساءلة من يمتنع، أما إن كان دعوة، فإنه بذلك يترك الحرية للقاضى لأن يذهب أو لا، باعتبار أن هذا عمل إضافى على عمله الأساسى، وإن كان الدستور قد كلفهم بذلك. * وكيف ترى موقف المعلنين عن الامتناع عن الإشراف على الاستفتاء؟ حكم الامتناع عن الإشراف على الاستفتاء هو نفس حكم التوقف عن العمل فى المحاكم؛ لأن الدستور هو الذى كلف بذلك، وحينما يكلف الدستور فئة ما بعمل مُعين فلا بد وأن تقوم به، لأنه أقوى من القانون. * أنفهم من ذلك أن من يدعو إلى الامتناع عن العمل سيحاسب؟ يُسأل عن هذا مجلس القضاء الأعلى وليس أنا. * هل هناك بدائل حال امتناع القضاة عن الإشراف على الاستفتاء؟ لدينا بالطبع بدائل كثيرة؛ مثل الزملاء من الهيئات القضائية الأخرى، فضلا على أن كثيرا من القضاة سيشاركون فى الإشراف على الاستفتاء على الدستور. وأتوقع أن تبادر نسبة عالية جدا فى الاشتراك فى الإشراف على الاستفتاء تصل إلى 80%، فلا أخشى من هذا، وحتى إن امتنع عدد كبير فمن الممكن أن يتم الاستفتاء على يومين، فإذا افترضنا أننا بحاجة إلى 13 ألف قاضٍ وتوافر لدينا 7 آلاف فقط، من الممكن أن نجعل الاستفتاء على يومين. * كيف ترى دخول عدد من القضاة فى المعترك السياسى؟ هناك فرق بين العمل بالسياسة والحديث فيها، وهناك أشياء لا يجوز للقاضى أن يدخل فيها وهى المعترك بين القوى السياسية وبعضها البعض. أما إن كانت القضايا المطروحة عامة وستؤثر على مستقبل البلد والقضاء نفسه، فالحديث فيها مُباح وفقا للمواثيق والاتفاقيات الدولية. وللقاضى أن يكوِّن جمعيات ونوادى وأن يُبدى رأيه فى الأمور العامة التى تهم بلده، وإلا فإننا نضعه فى قوقعة بعيدا عن الوطن وعن همومه. ولكن حين أقول كقاضٍ إن هذا الحزب أفضل من ذاك، أو أن مبادئه أفضل من غيره، أكون فى هذه الحالة قد دخلت فى الخصوصيات. * ما تفسيرك لدعوة بعض القضاة بمقاطعة الإشراف على الاستفتاء؟ لأنهم يرون أن السلطة التنفيذية تغولت عليهم فى بعض الأمور من هنا كان الامتناع. * وهل ترى أن السلطة التنفيذية بالفعل تغولت على السلطة القضائية؟ أرى وجود تغول، ولكن أرى أنه لا بد من إعلاء المصلحة العامة ومصلحة البلد؛ حيث نعانى على مدار العامين الماضيين من توقف مؤسسات الدولة وجمود الاقتصاد، واختلال كل موازين الحياة فى مصر، لذا لا بد من أن ننتهى من تكوين مؤسستنا وبناء الحياة الديمقراطية وسير البلد فى مسارها الصحيح. * ولكن كيف ترى قرار الرئيس بتحصين التأسيسية والشورى من الحل؟ كان حلا مؤقتا ولا بد منه ولازما لاستكمال بناء المؤسسات فى البلد، لا أقول أبدا إنه لا يوجد به تغول على السلطة القضائية، ولكن أحيانا يتدخل الطبيب ليبتر عضوا من أعضاء الإنسان لأن به غرغرينة ويريد أن يُحافظ على باقى أعضاء الجسد. * وماذا عن قرار إقالة النائب العام؟ النائب العام مثله مثل محافظ البنك المركزى وشيخ الأزهر ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات يعينون بقرار من رئيس الجمهورية، ولا يجوز عزلهم. لكن كان يتوجب على هؤلاء بعد الثورة ومع وجود رئيس جديد منتخب، أن يقدموا استقالاتهم، فإن شاء الرئيس قبلها، وإن شاء أبقاهم فى مواقعهم، لأن فشلهم هو فشل للرئيس ونجاحهم هو نجاح للرئيس. * وماذا عن إعادة التحقيق مع قتلة المتظاهرين؟ أستطيع أن أقول إنه قرار سياسى، ولكن من الناحية القانونية سنقوم بتنفيذه وفقا للقانون، وإن وجدت أدلة جديدة، فسنعيد المحاكمة. وإن وجد ما يبرر أى إجراء وفقا للقانون فنحن لها، ولكن إن كان غير ذلك فلا إلزام علينا أن نستمع إلى صوت السياسيين. * ما تقييمك لمشروع الدستور الجديد بشكل عام؟ تصفحت أغلب مواده وهو دستور جيد جدا، والاعتراضات المطروحة حوله واهية، فمنها ما هو مُتعلق بأن أصل الألفاظ عامة، وأن سلطات رئيس الجمهورية لا حدود لها. وأقول إن رئيس الجمهورية لم يعد يمتلك سلطات، بل إنى أشفق عليه، فلم يعد بيده أن يُصدر أى قرار، إلا أن يكون مجتمعا مع رئيس الوزراء، ولم يعد باقيا له سوى الأشياء الخارجية، التى يراقبه الشعب فيها، والدستور الجديد اتبع النظام المختلط وهو نظام جيد، ولا يوجد فيه إطلاقا أى عيوب. * وما تعليقك على باب السلطة القضائية فى مشروع الدستور؟ تقريبا لم يكن به تغيير كبير، إلا فيما يتعلق بمدة النائب العام وموضوع المحكمة الدستورية، الذى جاء ليُعيد ما كانت عليه عقب وفاة المرحوم المستشار عوض المُر؛ لأن النظام السابق حاول أن يكون له أغلبية فيها، فزج ببعض الناس أو الزملاء الذين رأى أنهم من مؤيديه، ومن هنا كان لا بد أن تعود المحكمة الدستورية إلى سابق عهدها، وقضاؤنا جيد ولكن الدستور عاد بها إلى سابق عهدها حين كان يترأسها المرحوم عوض المُر. * ولكن البعض يرى أن باب السلطة القضائية قلص من سلطات القضاة ومن صلاحيتهم؟ لم أر مواد من شأنها تقليص سلطات القضاء، وعلى من يقول غير ذلك أن يتحدث على أساس، ولا يكون كلامه عاما، وعليه أن يوضح فى أى شىء تقلصت سلطات القضاء من وجهة نظره، ويقول لنا على سبيل المثال إن القضاء كان يحكم فى قضايا كذا وكذا وتقلصت سلطته بعد وضع الدستور، أو انتزعت منه بعض الاختصاصات أو أجاز الدستور تدخل السلطة التنفيذية فى عمل القضاء. * كيف ترى موقف قضاة المحكمة الدستورية بتأجيل الجلسات لأجل غير مُسمى؟ أُدين وبشدة ما حدث أمام المحكمة الدستورية، وأرى أن الدولة لا بد وأن تُمارس دورها فى ضبط العمل السياسى والتظاهُرى وحماية المرافق العامة والمحاكم والعمل على أن تقوم بدورها. * ولكن سبق أن شهدت المحكمة تظاهرات من قبل وتم عقد الجلسة وصدر حكم؛ فما الذى اختلف تلك المرة؟ الشرطة قالت إنها مكنت من أراد من القضاة الدخول إلى المحكمة، فى حين أن البعض الآخر آثر السلامة، وعلى العموم هذا شىء شخصى، ولا أستطيع التحدث به لأنى لم أكن هُناك. * ما تعقيبك على دعوة المستشار أحمد الزند خلال الجمعية العمومية لنادى القضاة بمقاطعة العمل بالمحاكم اعتراضا على الإعلان الدستورى؟ أولا قرارات الجمعية العمومية لنادى القضاة غير مُلزمة للقضاة، ولكنها مجرد توصية، وبعض الزملاء استجاب لها والبعض الآخر لم يبد رأيه، سواء بالإيجاب أو السلب، وأنا أرى أن تعطيل العمل حكمه حكم هؤلاء الناس الذين التفوا حول المحكمة الدستورية. * ولكن ألا ترى أن هناك خطورة فى تعطيل العمل بالمحاكم؟ خطورتها ستأتى على الشعب للأسف وليست على القضاة، فمن سيذهب ولن يجد القاضى ستتعطل مصالحه، وهناك أشياء كثيرة ستتوقف، وكذلك فإن خطورتها فى مغزاها ومعناها، عندما يكون القضاة أنفسهم هم دعاة تعطيل، وهذا شىء غير مقبول. ولقد طالبت المجلس العسكرى من قبل ورئيس الجمهورية بعد ذلك، أن ينهى أو ينظم المظاهرات والاعتصامات بقانون، حتى نقف على الطريق ولا يتم ترك هذا الأمر للناس التى تؤجر أشخاصا لإثارة الفوضى، وعوامل كثيرة جدا تسعى لأن تظل هذه الأمور كما هى. ولا بد أن يعود الشعب كله لعمله ومصانعه وإنتاجه ومدارسه، أليس هؤلاء الناس جميعا لديهم حياة. * وماذا حول شطب حركة قضاة من أجل مصر من النادى؟ فى النهاية نحن أمام ناد اجتماعى، وليس له أنه يتدخل بهذه الصورة، وشطبها أو عدمه وهو أمر ليس ذا أهمية، فنحن لدينا نواد كثيرة من الممكن أن نذهب إليها. * ما مدى قانونية تجاوز البعض فى شخص الرئيس؟ لا أؤيد ذلك، والإعلاميون خصوصا ينتهجون هذا التصرف، فليس من المعقول أن يظهر أحدهم على الهواء ويحضر معه البعض ويتطاول على رئيس الجمهورية، فالمتطاول لا يفهم أنه يتطاول على الشعب الذى اختار هذا الرئيس، فلو اختار الشعب شخصا حتى وإن كان لا يصلح لشىء، فلا بد من احترامه وتوقيره لأن فى إهانته إهانة لهذا الشعب الذى اختاره. ولكِ أن تتخيلى ماذا إذا تم إهانة الدكتور مرسى فى أى دولة فى الخارج، فهل يقبل أى مصرى بذلك؟ بالطبع لا، لأنه رمز البلد، وأتساءل إن كنت أنت فى بلدك لا تحترمه، فكيف تطلب من الآخرين أن يحترموه؟ * هل ترى أن الرئيس أهان القضاة بشكل أو بآخر كما يقول البعض؟ ليست إهانة، ولكن نستطيع أن نقول إن الرئيس باعتباره رئيس السلطة التنفيذية والتشريعية فى وقت واحد، ومراعاة للظروف التى تمر بها البلد فقد أصدر إعلانه الدستورى الأخير، حتى لا نجد أنفسنا بلا دستور، وبلا مجلس شعب، وبلا مجلس شورى وبلا محليات، وإنما لا يوجد غير رئيس يقف بمفرده إذا أصدر قرارا يتم مُعارضته، ومطالبته بإلغائه. من هنا كانت هذه القرارات، وحتى وإن كانت ماسة ببعض من السلطة القضايا، ولكنى أؤكد أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وهى قاعدة شرعية معمول بها فى كل البلاد ومع كل الناس، سواء أكانوا مسلمين أو غيرهم، وإذا كان هناك بعض التجاوزات فلا بد من أن نقدرها. * ماذا تقول للبعض ممن يدعون الناس لمقاطعة الاستفتاء أو الحشد للتصويت ب"لا" للدستور؟ أقول لهم فكروا فى صالح مصر أكثر من المصالح الخاصة. * بتقديرك ما طبيعة المخاطر التى تواجه مصر فى الوقت الراهن؟ مصر لم يستطع أحد أن يهزمها عسكريا، فأرادوا أن يهزموها من الداخل بأيدى أبنائها، وأخشى أن ينطبق علينا قول الله عز وجل: "يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ". وأنادى كل مصرى أن يعود إلى صوابه وإلى فكره وأن يضع مصر نصب عينيه، ويُراعى مصلحة البلد فى المقام الأول قبل مصالحه الشخصية، وأن يقرأ ما يُحاك لمصر من القوى الأجنبية حتى نُحافظ على بلدنا؛ لأنى لم أعد أرى فى الدول العربية والإسلامية غير مصر، حفظها الله ورعاها.