على طريقة «كيد العوالم»، يواجه نظام عسكر 30 يونيو الانقلابي الخلافات حول مثلث حلايب مع الشقيقة السودان. ومنحت السلطة لأذرعها الإعلامية الضوء الأخضر لتنهش في عرض السودان الشقيق بكل باطل وحق؛ لا سيما بعد الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان للخرطوم، وتوقيع 22 اتفاقًا عسكريًّا وأمنيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا. وتمثلت طريقة «كيد النسا»، عبر تكليف وزير الأوقاف محمد مختار جمعة بإلقاء خطبة الجمعة لأول مرة في مثلث حلايب، محل التوتر الأكبر بين مصر والسودان، كما بث التلفزيون الحكومي المصري الخطبة من مسجد التوبة بعد نحو ساعتين من بث برنامج تلفزيوني من المدينة ذاتها، شمل لقاءات للمسئولين فيها. وراح جمعة- كعادته- في كيل المديح والنفاق لجنرال العسكر عبد الفتاح السيسي ونظام عسكر 30 يونيو، لافتا إلى أن ما تم من نهضة عمرانية وتنمية في حلايب وشلاتين خلال السنوات الأربع الماضية، يزيد على خمسة أضعاف ما تم خلال السنوات الثلاثين الماضية. وبحسب مراقبين، فإن هذه التحركات المصرية الأخيرة بشأن مثلث حلايب تأتي ردًّا على التقارب السوداني التركي، ومنح السودان لتركيا حق امتياز تطوير جزيرة "سواكن" على سواحل البحر الأحمر والقريبة من الحدود المصرية. ويأتي هذا التطور بينما تتمسك القاهرةوالخرطوم بموقفهما بشأن السيادة على مثلث حلايب وشلاتين. ففي الأشهر القليلة الماضية أكد مسئولون سودانيون مرارًا أن هذه المنطقة جزء من السودان، وإن كانت تحت السيطرة المصرية، لكن حكومة العسكر رفضت التصريحات السودانية، كما رفضت دعوة من الخرطوم لقبول التحكيم الدولي. وقبل عشرة أيام تقريبا، قالت مصر إنها ستخاطب الأممالمتحدة لتأكيد تبعية حلايب وشلاتين لها، ورفضت ما وصفتها بمزاعم السودان بأحقيته في السيادة على تلك المنطقة. وجاء هذا الموقف تعقيبًا على تقارير عن توجيه الخارجية السودانية خطابا إلى الأممالمتحدة لإعلان رفضها اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين السعودية وعسكر 30 يونيو، المعروفة باتفاقية تيران وصنافير، لأنها تتضمن تبعية منطقة مثلث حلايب لمصر. السودان: لن نتنازل عن حلايب ورد وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، أمس الجمعة، على هذه التحركات المصرية باتهام السياسيين المصريين بأنهم لا يريدون أن يكون السودان دولة قوية، معتبرا أن هذا الأمر لا يخدم مصالح أي بلد على الإطلاق. جاءت هذه التصريحات في مقابلة أجرتها معه قناة «TRT» التركية الرسمية بنسختها العربية، مضيفا «أن البعض في مصر لا يفهم أن السودان القوي في مصلحة مصر.. ويرى السودان الضعيف في مصلحتها» حسب نص تصريحاته. وكان وزير الخارجية السوداني قد شدد، في تصريحات متلفزة يوم الأحد الماضي 24 ديسمبر 2017م، على أن بلاده لن تتنازل عن حلايب وشلاتين. وقال الغندور: إن حلايب وشلاتين سودانية، مؤكدًا أن بلاده لن تتنازل عنهما، وأن الخلاف يمكن حله من خلال الحوار، أو اللجوء للتحكيم الدولي في الأممالمتحدة. وأكد "غندور" خلال حواره مع برنامج "بلا قيود"، المُذاع عبر فضائية "بي بي سي العربية"، أن العلاقة مع مصر مقدسة، والاختلاف في الرأي بين الأشقاء لا يفسد للود قضية، لافتًا إلى أنه أعلن في وقت سابق "سودانية" حلايب وشلاتين من داخل مقر الخارجية المصرية، مؤكدًا أن حكومة بلاده لن تعمل على تصعيد الخلاف على منطقة حلايب إلا بعد انتهاء كل سبل الحوار. وأكد وزير الخارجية السوداني أن حل أزمة مثلث حلايب يتم بالحوار أو التحكيم الدولي، لكن حكومة العسكر أكدت رفضها القاطع لما انطوى عليه الخطاب الموجّه من الخارجية السودانية حول السيادة السودانية على منطقة حلايب وشلاتين، ووصفت تصريحات السودان باحتلال مصر لحلايب بأنه ادعاء. انعكاس على أزمة سد النهضة وترى إذاعة "صوت أمريكا"، الإذاعة الرسمية للولايات المتحدةالأمريكية، أن الخلافات الأخيرة من الممكن أن تشعل التوترات بين البلدين بخصوص سد النهضة الذي تبنيه السلطات الإثيوبية على النيل الأزرق، والذي تراه القاهرة تهديدًا خطيرًا لحصتها في مياه النيل الذي يعتمد عليه البلد الأكثر تعدادا للسكان في العالم العربي. وفي سياق تعليقها على التراشق الإعلامي القائم بين القاهرةوالخرطوم، والذي زادت وتيرته في الآونة الأخيرة، عقب توسيع الأخيرة نطاق علاقاتها مع كل من تركيا ودولة قطر، أشارت الإذاعة- في تقرير على نسختها الإلكترونية بعنوان" تدهور جديد في العلاقات المصرية السودانية بسبب أردوغان"- إلى فشل المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، في نوفمبر الماضي، بشأن سد النهضة ووصولها إلى طريق مسدود، مضيفة أن الخرطوم تميل على ما يبدو إلى جانب أديس أبابا في هذا الخصوص. ولفت تقرير "صوت أمريكا" إلى أنه في الوقت الذي تلتزم فيه الحكومة المصرية الصمت، استغلت وسائل الإعلام المصرية زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للخرطوم في أوائل الأسبوع الحالي، وكذلك اللقاء الموسع بين رؤساء أركان تركيا والسودان وقطر في الخرطوم، وراحت تتهم الجانب السوداني بالتآمر ومحاولة تجديد النزاع الحدودي مع مصر حول مثلث حلايب. وسلط التقرير أيضا الضوء على هجوم الإعلام الموالي للعسكر على الرئيس السوداني عمر البشير، وإصراره على أن الأخير تنازل عن سيادة بلاده على جزيرة سواكن، جزيرة استراتيجية تقع قبالة سواحل البحر الأحمر، إلى تركيا. ونفى أردوغان أن يكون لدى أنقرة أية نوايا في بناء قاعدة بحرية هناك، مؤكدا أن بلاده تخطط فقط لاستعادة ما فقدته الإمبراطورية العثمانية في المنطقة. واستشهد التقرير بما نشره الكاتب الصحفي ومقدم البرامج التلفزيونية عماد أديب في مقالته بصحيفة الوطن المصرية والتي قال فيها: "الرئيس السوداني عمر البشري يلعب بالنار مقابل الدولارات". ومضى أديب قائلا، في مقالته التي حملت عنوان "الانتحار السياسي لعمر البشير": "السودان ينتهك قواعد التاريخ والجغرافيا، ويتآمر على مصر تحت مظلة الجنون التركي والمؤامرة الإيرانية والمخطط الإثيوبي لتعطيش مصر وتمويل قطر للجهود الساعية لتقويض مصر".