قال موقع ستراتفور الاستخباراتي الأمريكي عن أزمة السد الإثيوبي، إن "مصر" ستتغاضى عن فقدان الطاقة من نهر النيل، في إشارة إلى سد النهضة. وخلص الموقع إلى 3 سيناريوهات متوقعة: وهي أن "مصر" ستواصل الحفاظ على لهجة عدوانية ضد إثيوبيا على سد النهضة الأثيوبي الكبير في محاولة لإجبار إثيوبيا على الاستسلام لمطالب القاهرة، ولكن ذلك لن يمنع الانتهاء من السد.
وأنه على مدى العقد الماضي، حولت دول المنبع ميزان القوى في سياسة نهر النيل، وبدأت في تحدي نفوذ مصر على استخدام موارد النهر.
وأخيرا "ستضطر "مصر" إلى العودة إلى طاولة المفاوضات مع إثيوبيا، لأنه بمجرد بناء السد، يجب على مصر تنسيق عمليات السد مع إثيوبيا مع ملء الخزان الجديد".
نزاع مستمر
ولفت المركز إلى أنه "نادرا ما يمر يوم في وسائل الإعلام المصرية دون أن يكون هناك مسؤول عمومي أو عضو في البرلمان أو مقال يعبر عن قلقه إزاء السد".
وشبهت الدراسة التي نشرها ستراتفور رد الفعل بالطريقة التي انتقدت بها نفس وسائل الإعلام اتفاق جزر البحر الأحمر مع السعودية، ومرره السيسي إلى البرلمان هذا العام ليوافق عليه.
ومع زيارة مرتقبة للرئيس الاثيوبي هيلي مريام ديسالين للقاهرة توقع المركز أن السيسي، يبدو مهتما بالزيارة، ويظهر اعتداله تجاه المفاوضات مع إثيوبيا.
ولفت المركز إلى إثيوبيا انهت 70% من السد ومستمرة بالبناء؛ بغض النظر عن رغبة مصر في التوقف، وسيبدأ ملء الخزان في نهاية المطاف. مقللا من التهديدات العسكرية التي أصدرتها مصر من وقت لآخر، لافتة إلى أن المجتمع الدولي، الذي يدعم إلى حد كبير السد، سوف يتجاوز تلك التهديدات.
محشور في المفاوضات
وأشار ستراتفور إلى ما أسماه "حتمية السد"، وعندها تجد القاهرة نفسها محشورة في زاوية المفاوضات، وقدرتها على منح إثيوبيا تنازلات محدودة بشكل متزايد. مشيرا إلى أن "مصر" تقدمت بشكوى إلى شركائها في الجامعة العربية وإلى البنك الدولي، ولكن دون جدوى.
وأضاف أنه مع اتساق إثيوبيا إلى حد كبير في رسالتها بأن الري ليس جزءا رئيسيا من خطة السد، فإن دعوات التدخل الدبلوماسية التي اطلقتها القاهرة تتساقط على آذان صماء. ومن المرجح أن يجبر مصر على العودة إلى طاولة المفاوضات عاجلا وليس آجلا، ومن الممكن أن تبدأ زيارة ديسالين عودة مصر لها.
ورأى الموقع أن غياب خيارات القاهرة، وانخفاض قدرتها على التوحد مع السودان ضد دول المنبع، وبناء السد المستمر، واعتمادها على تكتيكاتها القديمة الآخذة في الانخفاض، اكتسبت دول المنبع نفوذا في سياسات مياه حوض النيل.
إجراءات الذروة
ولفت الموقع إلى أن النزاع الآن في وقت الأزمة، حيث سينتهي بناء سد النهضة في أواخر عام 2018. وبعده مباشرة سوف تدفع إثيوبيا للبدء في ملء خزان السد الضخم، والتي يمكن أن تعقد ما يصل إلى 74 مليار متر مكعب من ماء.
ستؤثر على 96 مليون نسمة في مصر، ورغم مستوى الإجهاد المائي في مصر أقل من العديد من جيرانه في الشرق الأوسط، بحسب ستراتفور، إلا أن أي انخفاض في وصوله إلى مياه النهر، حتى لفترة قصيرة، من شأنه أن يزيد بسرعة من التوتر.
لاسيما بسبب اهتزاز الحقوق والمعاهدات التاريخية لمصر بالتأثير على المفاوضات بين دول حوض النيل الأخرى، وبالتالي الحفاظ على سيطرة كبيرة على سياسات النهر، وأن مؤتمر الخرطوم 2015، غير في تأثير النفوذ التاريخي في مصر.
تمنيات وأحلام
وقد درست العشرات من الدراسات الأثر المحتمل لاستراتيجيات مختلفة لملء الخزان. وتريد مصر أن تستغرق العملية 15 عاما، حسب ظروف الأمطار، بينما ترغب إثيوبيا في ملئها بسرعة أكبر، حتى يمكنها البدء في جني فوائد إنتاج الكهرباء وتصديرها. وقالت مصر إن إثيوبيا يجب أن تتوقف عن بناء السد حتى تنتهي الدراسات. وقالت إثيوبيا إنها لا تحتاج الى الاستجابة لمطالب مصر لأن المصريين لا يخطرون أثيوبيا دائما بمشاريعهم المتعلقة بالمياه على النيل.
ومن شأن هذه السيطرة أن تقلل من توليد الكهرباء لسد أسوان العالي، ولكن الكهرباء عن طريق الطاقة الكهرومائية أصبحت أقل استيرادا لمصر.
ولكن بالنسبة لمصر، فإن مشروع التنمية الريفية هو مجرد واحد من العديد من مشاريع نهر النيل الكبيرة التي تخطط لها إثيوبيا، ويأتي ذلك في سياق انخفاض نفوذها على تدفقات النيل.
وترى إثيوبيا أن سلسلة من السدود ذات أهمية حاسمة بالنسبة لتوليدها المحتمل على المدى الطويل، وتزايد مركزها كمصدر رخيص للعمالة من أجل التصنيع الموجه نحو التصدير.
وعلى الرغم من أن ال سد النهضة لا يهدف إلى تخزين المياه للري، فإن مصر قلقة من أن إثيوبيا يمكن أن تستخدم سدودا أخرى لري المحاصيل. هذا التهديد المحتمل لتوافر المياه في مصر يفسر لماذا تتخذ مثل هذا الموقف الصعب على ارتجاع المريء، وهو خطر فقط أثناء ملئه. وتحاول مصر إجبار إثيوبيا على قبول موافقتها من أجل وضع سابقة للمشاريع المستقبلية والحفاظ على نفوذها في النزاعات الأكبر.