في ظل الأمن والأمان المفقود في ربوع مصر، بزمن الانقلاب العسكري، يعاني المجتمع المصري من كوارث أمنية عدة. ولعل أبرزها ما شهدته بعض المدارس والتي تحولت لمصيدة لاغتصاب الأطفال والتحرش بهم من قبل الذئاب البشرية.
وذلك بسبب الانشغال بالأمن السياسي على حساب الأمن الاجتماعي.
وخلال الفترة الأخيرة، تكررت حوادث التحرش واغتصاب الطلاب داخل المدارس من قبل المسؤولين عن العملية التربوية، خلال الأشهر الماضية، وآخرها واقعة أحدثت صدمة كبيرة لدى الرأي العام، ارتكبها مدرس رياضيات بمدرسة تجريبية لغات، بمنطقة إمبابة محافظة الجيزة.
المرس "المغتصب" يدعى مدحت ب.و، عمره تجاوز 56 سنة، استغل صغر وبراءة 15 تلميذة بالمرحلة الابتدائية، أعمارهن لا تتجاوز ال11 عامًا، وهتك عرضهن، دون رحمة ولا ضمير، وتقدم الأهالي ببلاغات ضده، وقُبض عليه، وأمرت النيابة بحبسه على ذمة التحقيقات.
يشار إلى أن وقائع التحرش بالطلاب داخل العديد من المدارس أو بالأطفال بشكل عام أصبحت ظاهرة، أكدها تقرير هيئة النيابة الإدارية لعام 2016، الذي ذكر أن حالات التحرش وهتك العرض داخل المدارس تضاعفت مقارنة بعام 2014 و2015، ولا يمكن تجاهلها.. فيما يطالب مراقبون وحقوقيون بتشديد العقوبات على المجرمين.
وكشف التقرير السنوي للنيابة الإدارية لعام 2016، عن ارتفاع نسبة تحرش المعلمين الجنسي بالفتيات القاصرات بالمدارس بشكل ملحوظ مقارنة بعام 2015، حيث وصلت الحالات المسجلة بالنيابة الإدارية ل116، في حين بلغت عام 2014، 61 حالة فقط، ما يعني أن حالات التحرش الجنسي داخل المدارس ارتفعت إلى الضعف خلال الفترة الماضية، ما ينذر بكارثة إذ لم يتم علاج الأمر.
وكشفت النيابة الإدارية العديد من وقائع التحرش بالأطفال في المدارس خلال العام الماضي، كان أبرزها إحالة مدرس بإحدى المدارس الإعدادية بنات بمدينة بور فؤاد في بورسعيد، إلى المحاكمة العاجلة، على خلفية ارتكابه جرائم وانتهاكات أخلاقية وجنسية وسلوك معيب في حق طالبات المرحلة الإعدادية بالمدرسة.
وأوضح تقرير النيابة الإدارية أن هناك العديد من الحالات التي لم يتم الكشف عنها؛ لأن الطالبات أو الطلاب وأولياء الأمور لا يستطيعون الإبلاغ عن المضايقات والتحرش الذي يتعرضون له، خوفا من التشهير بهم والفضيحة إذا تعرضوا إلى هذا الأمر، بالإضافة إلى وجود حالات أخرى لم يتحدث فيها الطلاب والطالبات مع أولياء أمورهم من الأساس.
وأكد التقرير أن أسباب عدم الإفصاح عن حالات التحرش داخل المدارس، بسبب نظرة المجتمع إلى الفتاة باعتبار أنها المسؤولة عن تعرضها لهذا الجرم بسبب ملابسها وسلوكياتها.
جرائم اغتصاب وعلى سبيل المثال تلقى قسم شرطة النزهة، في شهر أكتوبر، بلاغًا من أولياء أمور تلاميذ مدرسة خاصة يتهمون فيه المدير باغتصاب أطفالهم داخل المدرسة، وقال يحيى حسين، مدير إدارة النزهة التعليمية بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة، إنه إذا ثبتت واقعة تعرض 3 طلاب بمدرسة خاصة للاغتصاب، سيتم وضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة، واستدعاء النيابة المدير للتحقيق معه.
كما تلقي قسم شرطة حلوان، بلاغًا من كارم على، 59 عامًا، خفير، يتهم زوج طليقته، ويدعى «إسلام.م»، بالاعتداء الجنسي، واغتصاب ابنته صاحبة 9 أعوام، وكشفت التحريات أن والدة الطفلة وتدعى «صباح. ض» 37 عاما، تزوجت عرفيًا من المتهم، بعد انفصالها عن والد الطفلة، ثم انفصلت عنه أيضا، لذا عزم على الانتقام، ورأى أن أفضل وسيله اغتصاب طفلتها.
واغتصب «إبراهيم. م»، 35 عامًا، عاطل، رضيعة عمرها عاما و8 أشهر، في الواقعة المعروفة إعلامياَ ب«قضية البامبرز»، وكشفت الصحيفة الجنائية أنه سبق واغتصب طفلًا صغيرًا في قريته ميت زنقر، بعدما حاول التحرش به، وحُكم عليه بالسجن 15 سنة، قضى منها 8 سنوات في السجن حتى تصالح والده مع أهل الطفل القتيل، وباع أرضه، وبيته ودفع الدية فعفوا عنه، وتم إخراجه من السجن.
انفلات أخلاقي وأمني وتعبر تلك الحالات عن انفلات اخلاقي، يعززه غياب دور المؤسسات الدينية والتربوية، بجانب القمع الامني الذي يشهره النظام المستبد في وجه من يكشف عن الجرائم والكوارث التي يتعرض لها المجتمع المصري، بجانب الانشغال بالأمن السياسي ومطاردة المعارضين عن تحقيق الامن الجنائي والمدني لعموم المصريين الذين سقطوا من حسابات الحكومة الحالية...