أثارت تصريحات الدكتور أحمد العزبي، رئيس غرفة صناعة الدواء، التي طالب فيها وزارة الصحة بضرورة تنفيذ وعودها لشركات الأدوية بزيادة أسعار الدواء مجددا، مزيدا من المخاوف في الأوساط الطبية والمجتمعية، حيث طالب العزبي الحكومة، مؤخرا، بضرورة البحث عن آلية جديدة بخلاف التي تمت بها الزيادة الأخيرة، ولاقت انتقادات عديدة من قبل المواطنين. ورغم استجابة وزارة الصحة لمطالب شركات الأدوية بزيادة الأسعار في مايو 2016، وزيادة ثانية في فبراير الماضي، إلا أن سوق الدواء ما زال يعاني العديد من النواقص ويشهد الكثير من الأزمات، وعلى الرغم من أن أحمد عماد الدين، وزير الصحة بحكومة الانقلاب وجه نقدا شديدا إلى شركات الأدوية قبل الزيادة الأخيرة، مطالبا إياها بضرورة توفير النواقص وطرحها في الأسواق خلال أيام، وإلا سوف تتراجع الوزارة عن الزيادة، لكن أزمة النواقص ما زالت قائمة حتى اليوم. تصريحات رئيس غرفة صناعة الدواء ليست الوحيدة التي تنادي بزيادة الأسعار، بل سبقه الدكتور هاني مشعل، المدير العام لشركة صن فارما للأدوية، بأن عدم زيادة أسعار الأدوية التي وعد بها وزير الصحة، ولم ينفذها، قد تتسبب في وقف إنتاج بعض المستحضرات بسبب الخسائر، وبالتالي نقص الدواء. وعود بالزيادة وأوضح مشعل أن 99% من صناعة الدواء في مصر تعتمد على الاستيراد لجميع الخامات، ومنها المطبوعات والحبر وخامات المنتج، مضيفا أن وزارة الصحة وعدت بزيادة الدواء بنسبة 20% من المستحضرات في أغسطس الماضي، ولم توفِ بوعدها، ما يهدد بتوقف بعض أنواع الأدوية التي لم تغطِّ تكلفتها، مؤكدًا أن هذه السياسة ستشجع الصيدليات على المتاجرة في الأدوية المستوردة وخلق سوق سوداء؛ لعدم توافر الدواء المحلي. خبراء اعتبروا أن الممارسات التي تحاول شركات الأدوية تنفيذها على وزارة الصحة تضر بمصلحة المواطن في النهاية، فلا يوجد أي داع لزيادة أسعار الأدوية مرة أخرى، لكن يجب حل أزمة الدواء أولا، عن طريق توفير نواقص الأدوية وبدائلها أيضا، قبل التفكير في فرض زيادة على الأسعار، مشيرين إلى أن وزارة الصحة تستجيب لمطالب شركات الأدوية، ويجب أن نصبح دولة مصنعة للدواء حتى نواجه تحكمات الشركات. ويرى الدكتور محمد سعودي، وكيل نقابة الصيادلة الأسبق، أن بداية تلويح شركات الأدوية بزيادة الأسعار مؤشر واضح للمواطنين حتى يستعدوا لقرار زيادة الأسعار، الذي سوف تطبقه وزارة الصحة مع بداية العام الجديد، مضيفا أن أزمة الدواء لا تتمثل في زيادة أسعاره من عدمه، لكن الأمر أصبح ربحا أكثر من مسألة أمن قومي. وطالب سعودي بضرورة أن تتوقف وزارة الصحة عن الاستجابة لرغبات وضغوط الشركات المنتجة، خاصة أن وزير الصحة، كان لوح بصيغة تهديد للشركات مع تطبيق الزيادة الأخيرة، بأنه سوف يسحب قرار الزيادة إذا لم تتمكن الشركات من توفير نواقص الأدوية خلال أيام، مؤكدا أن الفترة المقبلة سوف تشهد زيادة كبيرة في أسعار الأدوية، وسوف تشهد زيادة في إعداد النواقص أيضا. أزمة محاليل غير مطابقة إلى ذلك، حذر مركز اليقظة، التابع للإدارة المركزية لشئون الصيدلة بوزارة الصحة من استخدام المحلول الملحي الخاص بشركة النصر للكيماويات الدوائية، إحدى شركات قطاع الأعمال العام التابعة للشركة القابضة للأدوية. وذلك إثر شكاوى من إدارة مستشفى الكهرباء بالقاهرة إثر إصابة 23 مريضًا بمضاعفات جسيمة بسبب وجود شكوك في فساد (6 ملايين زجاجة) من المحلول الملحي ومحلول «رينجر» غير مطابقة للمواصفات متداولة بالأسواق دون موافقة هيئة الرقابة والبحوث الدوائية. وحسب التقرير الطبي الصادر مؤخرا، عن مركز اليقظة الصيدلية المصري، ونظرًا لأن المرضى يستخدمون في الجلسات أنواعا مختلفة من الأجهزة والفلاتر وصنفين مختلفين من عقار الهيبارين فإن معظم الحالات التي تناولت المحلول الملحي عانت من حدوث رعشة وارتفاع في الضغط ودرجات الحرارة وقيء مستمر وبعد تحليل وظائف الدم للمرضى تبين وجود نقص حاد في كرات الدم البيضاء. كما وردت شكوى أخرى من مستشفى الكهرباء من محلول «رينجر» الخاص بشركة النصر، والذي يستخدمه المرضى في التغذية العلاجية داخل غرف العناية المركزة عقب إجراء العمليات الجراحية، حيث عانى مريض آخر في الأقسام الداخلية بخلاف مرضى الغسيل الكلوي من حساسية واحمرار باليد وإحساس بالحكة عند موضع الكانيولا مع تناول المحلول الوريدي بالتنقيط المضاف له «كاتافلام»، مما دفع إدارة المستشفى لتجميع عبوات المحلول الملحي لشركة النصر واستخدام محلول ملحي لشركة أخرى ولم تظهر مشكلة حتى الوقت الحالي. تقرير رسمي آخر صادر في مايو الماضي عن الإدارة العامة للتفتيش الصيدلي التابع للإدارة المركزية لشئون الصيدلة بوزارة الصحة رصد من خلاله حجم المخالفات الواردة في عمليات الإنتاج والتخزين للمستحضرات والمحاليل الطبية داخل النصر، الشركة الرائدة في إنتاج وتصنيع المحاليل الوريدية مما يهدد حياة المرضى والصحة العامة نتيجة غياب أمن وسلامة المستحضرات الطبية المنتجة. التقرير كشف عن ضبط تشغيلات داخل شركة النصر غير مطابقة للمواصفات ودون موافقة هيئة الرقابة والبحوث الدوائية، كما أن العمل اليومي يتم بدون وجود صيادلة مختصين وتوقف مصنع محاليل الكلى عن الإنتاج نتيجة أن أدواته مخزنة بصورة خاطئة والجراكن مخزنة بشكل لا يتوافق مع قواعد التخزين الجيد GSP. بتاريخ 12 يناير الماضي تم كتابة تقرير مرور على مخزن تابع لشركة النصر ووقع عليه الصيدلي المسئول عن المخزن وتبين إهمال مسئول المخزن من عدم وجود إجراءات التشغيل القياسية لحفظ العينات ولا سجل لدرجات الحرارة والرطوبة. وجاء في التقرير أن الجراكن مُلقاة في الشارع وتعلوها كميات هائلة من الأتربة ووجدت آثار مياه أو محلول على الأرض أسفل الجراكن، وبعد ذلك يتم بيعها وتوريدها للمستشفيات الحكومية بصورة تشكل خطورة على صحة المرضى.