كان من المثير للدهشة أن الحديث عن كلمة محتملة الأربعاء المقبل يعلن خلالها أن القدس عاصمة لإسرائيل، جاء عشية اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني والذي صوتت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة ضد تبعية مدينة القدس لدولة إسرائيل. وأكدت 151 دولة أثناء التصويت الذي أجري في نيويورك، الخميس، أنه لا صلة للقدس بإسرائيل، مقابل امتناع 9 دول ودعم 6 أخرى لإسرائيل، وهي إسرائيل نفسها والولاياتالمتحدة وكندا وجزر مارشال وميكرونيسيا وناورو.
ونقلت "رويترز"، مساء الجمعة، عن مسئول أمريكي كبير، قوله: إن دونالد ترامب "من المرجح أن يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل في كلمة يلقيها يوم الأربعاء المقبل".
ويأتي ذلك بعد تقارير نُشرت في وسائل الإعلام الأمريكية، الليلة الماضية، وتحدثت أيضًا عن أن ترامب "سوف يؤجل نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس، ولكنه سيلقي خطاباً يُعلن فيه اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل".
ووصفت المصادر ذاتها في البيت الأبيض الاعتراف بالقدس ك"عاصمة لإسرائيل" بأنها "جائزة ترضية لإسرائيل".. وأنها "تهدف للتغطية على تراجع ترامب عن تصريحاته في حملته الرئاسية" بشأن نقل السفارة إلى القدس في حال انتخابه.
صلف صهيوني
وصدر في أعقاب التصويت قرار أممي ينص على أن أي خطوات تتخذها إسرائيل كقوة احتلال لفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها في مدينة القدس غير مشروعة وتعتبر لاغية وباطلة ولا شرعية لها، داعيًا السلطات الإسرائيلية إلى احترام الوضع القائم تاريخيًا في المدينة قولاً وفعلاً، وخاصة في الحرم القدسي الشريف.
من جانبه، أعرب الطرف الأمريكي عن خيبة أمله من القرار الصادر، قائلاً: إن هذا هو القرار الأممي ال18 الموجه ضد إسرائيل منذ بداية العام.
وصدر هذا القرار مع 5 قرارات أخرى تدين الوجود الصهيوني المتواصل في الجولان المحتلة، ودعمته 105 دول مقابل 6 معارضة و58 ممتنعة.
وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست، أن الولاياتالمتحدة أبدت خيبة أملها من القرار الصادر، قائلةً إن “هذا هو القرار الأممي ال18 ضد إسرائيل منذ بداية العام”.
جاء ذلك في وقت أوردت فيه وسائل الإعلام، نقلاً عن مصادر رسمية، أنباء عن قرب اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقله سفارة واشنطن من تل أبيب إلى هذه المدينة.
مواقف عربية ضعيفة
وحتى الآن لم تتخذ مواقف عربية رسمية؛ تجاه الإعلان الأمريكي، الذي هو لجس النبض برأي المراقبين، إلا أن وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن اعلن أنه "لا يمكن تحقيق #السلام في الشرق الأوسط إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة على حدود 1967 و عاصمتها #القدس الشريف"، في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر".
وقال صائب عريقات القيادي بالسلطة الفلسطينية في تصريحات للجزيرة: إن "قضية القدس مسألة كبرى والمساس بها هو لعب بالنار.. وأن أي اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل سينهي قضية القدس".
غير أن المحلل الأردني، ياسر الزعاترة قال إن "السؤال هو: ما ستفعل السلطة الفلسطينية في حال اعترف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني؟ لا شيء سوى بيانات وشكاوى. هذه قيادة تعاني التيه، وليس لديها أي توجه نحو الخروج منه". مضيفا أن "إذا صحّ أن ترامب سيعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، فسيكون ذلك بمثابة صفعة لكل مروجي خطته. الجنون جزء من موازين القوى وسنن التدافع، وكذلك حال الغطرسة وكل ألوان السلوك السياسي؛ العاقل والمجنون وما بينهما".
أما الإعلامي الفلسطيني جمال ريان على قناة الجزيرة فقال: "ألا يستدعي الإعلان عن نية الرئيس ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ، بيانا استباقيا قبل يوم الأربعاء من الأمين العام للجامعة العربية، أين هو أبوالغيط؟ هل يتابع التطورات؟".
وأضاف في تغريدة أخرى: "القدس تناديكم يا مصريين، نداء لكل مصري لديه اتصال بالأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط، ضرورة إطلاعه على نية الرئيس ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لا بد من تحرك الجامعة العربية واتخاذ موقف عربي سريع وحازم".
ووجه نداءً مماثلاً للمملكة فقال: "أين هي السعودية زعيمة العالم الاسلامي من نية ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟ ألا تستدعي القدس يا خادم الحرمين الشريفين دعوة جامعة الدول العربية لعقد قمة طارئة قبل الأربعاء نصرة للقدس؟".
كان الرئيس البوسني الراحل علي عزت بيجوفيتش كتب كلمات خالدة في أحد مؤلفاته: "إن مدينة القدس ليست مدينة عادية بل هي مدينة فريدة في العالم لكونها تحتضن مقدسات الأديان السماوية الثلاثة التي لا يمكن أن تتنازل عنها بحال من الأحوال.. إذن من يقدر على جعل مدينة القدس حرة ومفتوحة أمام الجميع بالتساوي؟ ..نظريًا وعمليًا يقدر المسلمون وحدهم على ذلك".