مساء أمس، تظاهر المئات من المواطنين أمام صيدلية الإسعاف وسط القاهرة، بحثًا عن حقن البنسلين، لإنقاذ أطفالهم الذين يعانون من الحمى الروماتزمية، بعد نقص الحقن في الأسواق، مرددين هتافات: "حرام عليكم أولادنا بتموت بالبطيئ.. وخدنها كعب داير مش لاقيين الحقنة منذ 4 شهور". ويأتي هذا بينما تصاعدت أزمة اختفاء "البنسلين" طويل المفعول من السوق المحلية؛ الأمر الذي يهدد حياة الآلاف من المرضى، في ظل ظهور الأنواع المستوردة في السوق السوداء بأضعاف سعرها الحقيقي، وبما يفوق قدرة غالبية المرضى.
ما زالت أزمة نقص الدواء مستمرة، والتي كان آخرها اختفاء حقنة البنسلين ممتد المفعول؛ ما يؤثر سلبًا على مرضى الحمى الروماتيزمية، ولم يتوقف الأمر على نقص البنسلين، بل شمل النقص البدائل الدوائية للبنسلين أيضًا، وبالرغم من نقصه بالصيدليات والمستشفيات، فإنه يوجد بالسوق السوداء، حيث وصلت الحقنة إلى 200 جنيه، في حين أن سعرها الأصلي لا يتعدى 8 جنيهات.
ويستخدم "البنسلين" لمرضى الحمى الروماتيزمية ويحصل عليه المريض لمدة تتراوح من 15 إلى 25 سنة بصفة دورية شهريًا، أو كل ثلاثة أسابيع حتى لا يؤثر على القلب مستقبلاً.
وقال أحد المواطنين: إن ابنته لا تنام من شدة الآلام، لافتًا إلى أنه يبحث عن حقنة البنسلين منذ 4 شهور، ولم يجدها.
وقال الدكتور علي عوف، رئيس الشعبة العامة للأدوية بالغرف التجارية، في تصريحات صخفية: إن بوادر الأزمة ظهرت منذ أكثر من شهرين ولم تتحرك وزارة الصحة، لإنقاذ الموقف وتركت السوق للشركات؛ حيث أصبح للحقنة سوق سوداء تباع ب200 جنيه مقابل 7 جنيهات.
وأكد بعض الأطباء اختفاء حقنة "البنسلين" من الصيدليات؛ الأمر الذي تسبب في نشوب أزمة بين صفوف مرضى الروماتيزم.
وكان الدكتور محيي عبيد، نقيب الصيادلة، أكد أن عقار "البنسلين" مختفٍ من السوق منذ فترة طويلة، وأن الأزمة فادحة الضخامة، موضحًا أن هذه الفترة تشهد نقصًا واختفاءً لعدد كبير من الأدوية المهمة والحيوية، مرجعًا أسباب الاختفاء لشركات الأدوية في نقص خامات الإنتاج والمواد الخام التي تعتمد عليها صناعة الدواء.
ورغم تلك المعاناة للمواطنين فإن وزير الصحة لا يزال يؤكد في تصريحاته أن إجمالي الأصناف التي تشهد نقصًا لا تتعد 25 صنفًا، وهو ما يتناقض تمامًا مع إحصائيات نقابة الصيادلة التي تؤكد أن عدد نواقص الأدوية بلغ قرابة 1200 صنف.
استغلال الشركات وأوضح طبيب صيدلي أن المرضى انتابتهم حالة من اليأس في إمكانية توفير العقار: "المريض بيدخل الصيدلية يسألني على البنسلين وهو عارف أنه مش موجود"، مشيرًا إلى أن العقار له بدائل عديدة ولكن أيضًا غير متوفرة.
وأشار إلى أن "البنسلين" مختف اختفاءً تامًا، مؤكدًا أنهم أصحاب المهنة لا يجدون طريقة للحصول عليه؛ لاستعمالهم الشخصي، مشيرا إلى أن شركات الأدوية تقوم باستغلال أصحاب الصيدليات عن طريق توريد كميات كبيرة من الأدوية في مقابل الحصول على "حقنتين من البنسلين"، مما يضطر أصحاب الصيدليات للرضوخ للاستغلال مقابل الحصول على العقار، إلى جانب بيعه للمريض بنفس ثمنه الذي تم شرائه به من شركات الأدوية وبالتالي لا يحقق صافى ربح 1%.
يذكر أن وزارة الصحة أكدت منذ فترة حل تلك الأزمة من خلال ضخ 100 ألف عبوة بنسلين طويل المفعول لعلاج الحمى الروماتيزمية، حيث ذكر الدكتور أحمد عماد وزير الصحة والسكان، في تصريحات، أنه تم حل أزمة نقص البنسلين طويل المفعول، وسيتم ضخ كميات أكثر في السوق خلال الفترة المقبلة، لتفادى النقص في هذا الصنف، مؤكدًا أن هناك تحركًا كبيرًا لسد أي نقص، خاصة في الأدوية الحيوية التي تمس المواطنين...
تلاعب على طريقة ألبان الأطفال
يشار إلى أنه بالبحث في أبعاد وملابسات الأمر، تم التوصل –من قبل مراقبين- إلى أن من ضمن مسببات الأزمة اختفاء البدائل الدوائية لحقنة البنسلين من الأسواق بشكل غريب وغير مفهوم.
وأكد أن ذلك تسبب في حالة من الهلع والرعب الشديدين في نفوس المرضى، نتيجة تعرض حياتهم وسلامتهم للخطر، جراء نقص تلك الأدوية من الأسواق وعدم قدرتهم على المداومة على شرائها من السوق السوداء، لارتفاع أسعارها إلى أكثر من 200 جنيه..
وهو نفس سيناريو ألبان الاكفال التي حدثت العام الماضي، ثم قام الجيش بضخ مئات الالاف من العبوات باسعار جديدة ، حيث ارتفع سعر العبوة من 6 جنيهات إلى 30 ثم 45 جنيها، كما أعلنت الانتاج الحربي انشاء مصنع للألبان الاطفال، ومصنع للأدوية....
فهل يقف العسكر وراء التأزيم في معايش المصريين بالتلاعب في اسعار السلع ومتطلبات الحياة الأساسية بالاخفاء ثم رفع الأسعار؟!