تمر السنون ولا تزال الذاكرة العربية والإسلامبية محتفظة بمشاهد الدم التي سالت خلال الانتفاضة الثانية للمسجد الأقصى في مثل هذا اليوم من عام 2000، حيث اندلعت شرارة الانتفاضة، عقب اقتحام رئيس وزراء الكيان الصيهوني الأسبق أرييل شارون المسجد الأقصى ومعه قوات كبيرة من جيش الاحتلال، لتسفر بعدها الانتفاضة الثانية عن مقتل 4412 فلسطينيا إضافة ل48 ألفا و322 جريحا. البداية من شارون البداية كانت عند استفزاز شارون لمشاعر المسلمين في القدس، والعالم العربي، باقتحام المسجد الأقصى، مدججا بقواته وأسلحته، الذين بلغ عدد أكثر من ألفين جندي، وكأنه أعلن الحرب على الأقصى، حيث ذهب للمسجد المبارك باعتباره زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك، يوم 28 سبتمبر 2000، وبموافقة من رئيس الوزراء في حينه إيهود باراك، فوقعت مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال. وتجوّل السفاح شارون في ساحات المسجد، وقال إن "الحرم القدسي" سيبقى منطقة إسرائيلية، مما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين، وقُتل سبعة فلسطينيين وجُرح 250 آخرون، كما أُصيب 13 جنديا صهيونيا. وشهدت مدينة القدس مواجهات عنيفة أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى جميع المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت ب"انتفاضة الأقصى". ويعتبر الطفل الفلسطيني "محمد الدرة" رمزا للانتفاضة الثانية، فبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية في 30 سبتمبر 2000، مشاهد إعدام للطفل (11 عاما) الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة. وأثار إعدام الصهاينة للدرة مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، وهو ما دفعهم إلى الخروج في مظاهرات غاضبة ومواجهة الجيش الصهيوني، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات منهم. وتميزت الانتفاضة الثانية، مقارنة بالأولى التي اندلعت عام 1987، بكثرة المواجهات، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي. كما نفذت الفصائل الفلسطينية هجمات داخل المدن المحتلة من الصهاينة، استهدفت تفجير مطاعم وحافلات، تسببت بمقتل مئات الصهاينة. ووفقا لأرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن مقتل 4412 فلسطينيا إضافة إلى 48 ألفا و322 جريحا، بينما قُتل 1100 إسرائيلي، بينهم ثلاثمئة جندي، وجرح نحو 4500 آخرين. وكان من أبرز أحداث انتفاضة الأقصى اجتياح مخيم جنين ومقتل قائد وحدة الهبوط المظلي الإسرائيلية، إضافة إلى 58 جنديا، وإصابة 142 جنديا في المخيم. وتعرضت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الانتفاضة لاجتياحات عسكرية وتدمير آلاف المنازل والبيوت، وكذا تجريف آلاف الدونمات الزراعية. اغتيال القيادات ومن أبرز أحداث الانتفاضة الثانية، اغتيال وزير السياحة بالحكومة الصهيونية، رحبعام زئيفي على يد عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وعمل شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول بالأحزاب السياسية والحركات العسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة، ولإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وعدد من كبار مؤسسي الحركة، وأبو علي مصطفى (مصطفى الزبري)، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وخلال انتفاضة الأقصى زجّ الاحتلال بكلا القائدين مروان البرغوثي وأحمد سعدات في السجون وعشرات من قادة الفصائل الفلسطينية. وفي عام 2002 بدأ الاحتلال من القدس بناء الجدار العازل لمنع دخول الفلسطينيين من محافظات الضفة الغربية داخل الخط الأخضر ومدينة القدسالمحتلة. وشهدت الانتفاضة الثانية تطورا في أدوات المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالانتفاضة الأولى التي كان أبرز أدواتها الحجارة والزجاجات الحارقة. وعملت الفصائل الفلسطينية على تطوير أجنحتها العسكرية، وخاصة كتائب القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي توسعت بشكل كبير، عُدّة وعتاداً، وباتت تمتلك صواريخ تضرب بها المدن والبلدات الإسرائيلية. وكانت مغتصبة "سديروت"، على موعد مع تلقي أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع، أطلقته كتائب القسام، بعد عام من انطلاق انتفاضة الأقصى يوم 26 أكتوبر 2001، لتطور الكتائب بعد ذلك وعلى نحو متسارع من قدراتها في تصنيع الصواريخ. توقفت بعدها انتفاضة الأقصى في الثامن من فبراير 2005 بعد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة "شرم الشيخ"، إلا أن مراقبين يرون أن الانتفاضة الثانية لم تنته لعدم التوصل إلى أي حل سياسي ولاستمرار المواجهات بمدن الضفة. وكانت الانتفاضة الأولى أو "انتفاضة الحجارة"، قد اندلعت يوم 8 ديسمبر 1987، في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، ثم انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين. واندلعت بعد دهس سائق شاحنة صهيوني مجموعة من العمال الفلسطينيين على حاجز بيت حانون شمال القطاع.