إشارات الرئيس مرسى فى ذكرى احتفالات نصر أكتوبر التى حضرها سيادته وسط جموع من الشعب الذى انتخبه فى استاد القاهرة كانت واضحة للجميع، فالخطاب – رغم طوله- إلا أنه لخص مجموع المائة يوم التى قضاها الرئيس ليس فى قصر الرئاسة لكن فى جولات داخلية وخارجية لوضع مصر فى مكانتها التى تليق بها. ومن أروع ما جاء فى خطاب الرئيس -الذى شعرنا أنه خطاب مصارحة للشعب- سياسة كشف الحساب التى أرسى لها الرئيس فى خطابه ليؤكد للجميع أنه لا يوجد من هو فوق المساءلة حتى هو نفسه، وقال الرئيس: أنا قصرت فى خطة المائة يوم ورغم أنه توجد مبررات، لكنها لا تعفينا جميعا من التقصير.. هذه سياسة جديدة يُرسيها الرئيس وكلمات نسمعها لأول مرة من رئيس جمهورية مصر الجديدة، وسمعها ووعاها جيدا وزراء حكومته الذين كانوا فى مقدمة الصف؛ ليرسل لهم رسالة موجزها: كل مقصر لا بد أن يحاسب، ومن لم يستطع العمل عليه أن يرحل. سياسة كشف الحساب ربما تكون جديدة على الشعب المصرى الذى تربى على ثقافة أنه لا أحد يستطيع محاسبة من فوقه، ولا ننسى أننا عشنا فترة فى كنف فيلم "الزوجة الثانية"، وكانت شخصية العمدة تسيطر على كل من يحمل لقب مدير أو رئيس حتى ولو كان رئيس موقف الميكروباص.. لكن رئيسنا المنتخب بإرادة شعبية أنهى هذا العصر -مثلما أنهى عصر الحكم العسكرى- لتبدأ مرحلة جديدة وليُقدم هو نفسه القدوة فى ذلك بالاعتراف بالتقصير. ما حمله الخطاب من إشارات أخرى تلخصت فى شرح واف لل"100" يوم، وإن كانت هذه فترة لا يمكن أبدا أن نبنى عليها تحليلات أو رؤى حول سياسة الرئيس، فهى المصارحة والمكاشفة التى لم يتحرج الرئيس من ذكر كل ما يهم المواطن من رغيف العيش إلى أدق التفاصيل فى رحلة أسطوانة الغاز إلى السوق السوداء، وهو ما يؤكد أن الرئيس "واحد مننا" لا يتحدث من فوقية أو أنه يتقمص دور الرجل المتواضع البسيط، بل هى حقيقة تظهر فى مصارحته وخطاباته. رئيسنا المنتخب وضع النقط فوق الحروف.. وهكذا فى كل خطاب يلقيه نرى أن البلاد تنتقل إلى مرحلة جديدة ومطمئنة، فبعد الجولات الكثيرة والكبيرة التى قام بها فى الخارج رجع الرئيس ليتحدث إلى شعبه عن أدق تفاصيل الداخل متعهدا بحياة معيشية تليق بالمواطن المصرى بعد الثورة.. سياسة كشف الحساب.. سياسة المصارحة والمكاشفة.. الإلمام بأدق تفاصيل الحياة اليومية.. هى مرحلة العبور الثالث -بعد عبور أكتوبر وعبور ثورة يناير- التى قادها مرسى ويحتاج إلى جنود أوفياء يحافظون على هذا العبور حتى تصل مصر إلى بر الأمان.