قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية اليوم الاثنين إن تدخل مصر المفاجئ في الحلبة السورية "هام لإسرائيل إذ إن كل دولة تساعد على التصدي للتأثير الإيراني في سوريا تخدم المصالح الإسرائيلية". وقال المحلل السياسي للصحيفة "تسفي برئيل" إن انضمام مصر كلاعب جديد ومفاجئ مؤخرًا إلى الحلبة السورية، وإسهامها في وقف إطلاق النار محليا ب"تفويض" من السعودية وروسيا لإدارة مفاوضات بين المليشيات ونظام الحكم في منطقة غوطة دمشقالشرقية وفي المناطق الشمالية من مدينة حمص، يصب في صالح تل أبيب. ويأتي التدخل المصري في سوريا في سياق محاولات لنجدة نظام الاسد في مواجهة ثوار سوريا الذي ينتمي الكثير منهم للحركات الاسلامية التي ترفضها مصر، وضمن هذا جري تشجيع فنانين مثل الهام شاهين ومحمد صبحي لزيارة دمشق لتلميع صورة نظام بشار في اعين المصريين بخلاف وفود حكومية مصرية. ونجحت مصر في كلا المنطقتين في توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، الأول بتاريخ 22 تموز والثاني في بداية اغسطس، بحسب الصحيفة، وهاتان المنطقتان مشمولتان في خارطة المناطق الآمنة التي اتفقت على إقامتها روسيا، تركيا، وإيران، بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة في شهر مايو. وتابع: "تولي إسرائيل أهمية لتدخل مصر، إذ أن كل دولة تعمل على التصدي للتأثير الإيراني في سوريا تخدم مصالحها، والأهم من ذلك، أن الحديث يدور عن شريكة لإسرائيل في الصراع ضد الإرهاب في سيناء، وتدرك كلاهما التهديد الإيراني والخطر الكامن في تفكك سوريا إلى كانتونات". وقال إن إسرائيل تشجع الدول الكبرى على دعم الدور المصري في سوريا، وأرسلت وفدا أمنيا إلى واشنطن في الأسبوع الماضي برئاسة رئيس الموساد لهذا الغرض، إضافة إلى اللقاء المخطط له بين نتنياهو وبوتين بعد غد، لضمان وجود شريك عربي آخر إضافة إلى الأردن، قادر على الاهتمام بمصالح اسرائيل والدول الكبرى في سوريا. كراهية السيسي للإخوان السبب وتقول هآرتس أن تدخل السيسي في سوريا سببه العداء لجماعة الاخوان المسلمين منذ انقلابه علي الرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013، الذي قطع علاقات مصر مع سوريا بسبب مجازر بشار ضد شعبه، بينما قال السيسي أن مصر "تدعم الجيوش القومية لحل الأزمات في المنطقة والحفاظ على الأمن". وأشارت إلى أن هذا التصريح واضح ومعناه أن السيسي يدعم جيش النظام السوري ونظام الأسد، وقد أوضح لاحقا أن: "الاسد يشكل جزءا من الحل"، وسمح بإقامة لقاءات في القاهرة بين رئيس الاستخبارات المصري وعلي مملوك، قائد ما يسمي "الأمن القومي" في سوريا. وفي أكتوبر عام 2016، جري لقاء علني بينهما، وقبل هذا نشرت وسائل إعلام عربية، أنه جرت لقاءات أخرى بين كبار المسؤولين المصريين والسوريين. وهذا الأسبوع شارك وفد مصري كبير مؤلف من رجال الأعمال وكبار المسؤولين في اتحاد جمعيات التجارة في معرض تجاري في دمشق وعمل وزير الخارجية السوري وليد المعلم، جاهدا للثناء على الدعم المصري. و"يعكس المشاركون في المعرض وعدد أعضاء الوفد رغبة إخواننا المصريين في تعزيز العلاقات بين البلدين"، بحسب "المعلم"، ويأتي ذلك في ظل المقاطعة العربية ضد سوريا وإبعادها من الجامعة العربية، ما جعل مشاركة وفد اتحاد التجارة المصري يشكل أهمية أكبر لنظام بشار وينقل رسالة سياسية واضحة. تغير الموقف السعودي من بشار وتقول الصحيفة الاسرائيلية إن سياسة السيسي الذي يدعم بقاء بشار الأسد في الحكم خوفا من تدهور سوريا ومن التأثيرات التي تلحق بمصر جرائه، لم تلقَ في الفترة الأخيرة رضا السعودية التي طلبت من مصر تعديل سياستها والعمل على إسقاط نظام الأسد كشرط لأية مفاوضات سياسية. بل إن السعودية عاقبت مصر لأنها دعمت في الأممالمتحدة مشروع قرار روسي، قاطعة تزويد النفط بسعر مخفض لمصر، لهذا اضطرت الأخيرة إلى البحث عن مصادر جديدة للنفط بأسعار السوق ودفعت مقابله من خزينتها التي تعاني من عجز. ولكن مع مرور الوقت، أصبحت العلاقات المصرية الروسية وطيدة في ظل استئناف العلاقات بين القاهرةوواشنطن بعد ولاية دونالد ترامب، الذي سارع إلى التعبير عن دعمه للسيسي خلافا للعلاقات الباردة التي شهدتها مصر مع إدارة أوباما. وطرأت التغييرات عندما انضمت مصر إلى السعودية ودول الإمارات العربية المتحدة وفرضت عقوبات على قطر، إذ أصبح هذا التحالف أهم للسعودية من القضية السورية. وتعترف السعودية أنها ليست قادرة على الحسم عسكريّا أو سياسيا في الحرب السورية، وأن سياسة دعم الثوار التي تنشط ضد الأسد لم تنجح حقا، ولم تنجح سياسة السعودية في التصدي أو تقليص التدخل الإيراني في سوريا. وعندما تدخلت تركيا في الحلبة السورية، وفي ظل ما رأته السعودية كتحالف ثلاثي بين تركيا، إيران، وروسيا، لم تكن السعودية والولاياتالمتحدة جزءا منه، قررت السعودية تغيير استراتيجيتها، ويتضح وفق الاستراتيجية الجديدة أن السعودية تفضل تدخل مصر بدلا من تدخل تركياوإيران دون شك. دعم بشار ضد أردوغان وتولي روسيا أهمية كبيرة لهذه التطورات، فإذا كانت تعمل مصر وفق جزء من التقارير على استئناف علاقات التطبيع بينها وبين سوريا وعلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، وفي حال نجحت في ذلك، فهذا يعني منح شرعية مصرية رسمية، ولاحقا منح شرعية عربية لنظام الأسد. وهكذا قد تسحب مصر السجاد من تحت أقدام أردوغان الآمر والناهي في الشأن السوري، وحتى أنها تقدم بديلا عربيا لعلاقة التعلق السوري الحصري على إيران، بحسب الصحيفة الإسرائيلية. ولكن المحلل السياسي للصحيفة يختم تحليله بقوله: "من السابق لأوانه أن نحدد أن تدخل إيران في سوريا ودورها قد يتلاشيان في ظل التدخل المصري، إذ إن النظام السوري يعتمد على إيرانوروسيا وستتابع هاتان الدولتان دورهما الاستراتيجي في سوريا فيما يتعلق بالحل السياسي".