منذ عدة أيام قضت المحكمة الإدارية العليا بتأييد حكم المحكمة الدستورية العليا والقاضى بحل مجلس الشعب، وهذا معناه أننا أمام انتخابات تشريعية جديدة فى غضون عدة أشهر وتحديدا بعد الانتهاء من كتابة الدستور وطرحه للاستفتاء الشعبى للموافقة عليه. وبالطبع فالحكم يلقى بظلاله على العديد من النقاط بالغة الأهمية والتى يجب أن تلتفت إليها كل القوى السياسية وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة الذى أتشرف بالانتماء إليه. قوبل الحكم بدرجة عالية من الشماتة والحقد من قبل العديد من القوى الليبرالية واليسارية تجاه التيار الإسلامى وكأنها معركة انتصروا فيها لأنفسهم ولذواتهم وانتقاما من جماعة الإخوان المسلمين، وظنوا أن تلك هزيمة ساحقة للجماعة والحزب ومؤيديهم "كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا". ونحن فى حزب الحرية والعدالة مع تأكدنا أن حكم المحكمة الدستورية العليا كان مسيسا بالدرجة الأولى إلا أننا نرضى بأحكام القضاء ولا نعلق عليها إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً. لكن العاقل هو من يستفيد من كل ما مر به من تجارب صغرت تلك التجارب أم كبرت. ولا شك أن تجربة مجلس الشعب الذى تم حله كان لها من الحسنات والهنات ما يجب أن نقف عندها لتفاديها والعمل على إخراج مجلس الشعب الجديد بشكل مختلف تماما عن سابقه، وإلا لو فعل الإنسان الشىء نفسه بالكيفية نفسها مرة أخرى فلن نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام. لا بد أن يشعر المواطن بأن مجلس الشعب الجديد مختلف تماما ويسير بوتيرة أكبر وأسرع وأكثر تأثيرا فى حياة المواطن، لا سيما أن أغلب العراقيل التى كانت توضع فى وجه مجلس الشعب الماضى قد زالت وإن شاء الله تعالى إلى غير رجعة. أرى من وجهة نظرى الشخصية البحتة أننا يجب أن ننافس على كل مقاعد مجلس الشعب، فالكل قد أخذ فرصته فى الإعداد وترتيب الأوراق وظهر تكتل الأحزاب الناصرية والتيار الشعبى وغيرهما، فلا مجال إذًا لأى حزب أن يتغنى بعدم الاستعداد والجهوزية وممارسة الابتزاز السياسى الرخيص وتهييج الرأى العام على حزب الحرية والعدالة والتيار الإسلامى، فنحن لم نر من التيار الليبرالى واليسارى أى عمل على الأرض سوى الكلام فى الفضائيات والنقد الهدام الرخيص الذى ينأى عاقل أن يتفوه به فضلاً عن الهجوم المستمر على جماعة الإخوان المسلمين. وفى المقابل فلا مانع لدينا كحزب أن نسعى للتكتلات السياسية مع من يريد التعاون معنا، فالأصل أننا لا نعزف على سيمفونية منفردة بل الأصل أنها جماعية خدمة لبلدنا الحبيب مصر. فمرحبا بمن يريد التحالف مع الحرية والعداله، خاصة إذا كان هدفه خدمة الوطن. ولقد عبر الحزب أكثر من مرة عن ترحيبه بكل التكتلات الوطنية التى تم إنشاؤها فى الفترة السابقة إثراءً للديمقراطية الحقيقية. لكننا من وجهة نظرى نحتاج داخل حزبنا الحرية والعدالة إلى العديد من النقاط التى تعتبر غاية فى الأهمية من أجل تحقيق أهدافنا: - نحتاج إلى التدقيق الشديد والتمحيص البالغ فى اختيار المرشحين حتى يكون كل منهم شامة يهتدى بها الناس، وأن يكون الاختيار على أساس الكفاءة الشديدة والمهنية البالغة لا على أساس الكتل التصويتية، فالناس غالبا يصوتون لمرشحينا لأنهم مرشحو الحرية والعدالة لا لذوات المرشحين أنفسهم. - حسن إعداد المرشحين لقيادة المرحلة القادمة أمر بالغ الأهمية؛ فالمرشح هنا فى مقام السياسة وبالطبع تلك لها قوانينها التى لا تحيد عنها. فلا بد أن يتم تدريب المرشح على الأداء السياسى المهنى العالى، وكذلك أصول الحوار والتفاوض والإقناع والبروتوكول السياسى، حيث إن لكل مقام مقالا، وكذلك الإلمام الشامل والكامل والواضح بكل قضايا الوطن؛ حتى يستطيع أن يدلى بدلوه فيها؛ فهو نائب الشعب وليس نائب حزب الحرية والعدالة. - كما يجب عدم الانجرار وراء القضايا الجانبية والأزمات الوقتية التى يفتعلها الإعلام لشغل النواب بها وتهييج الرأى العام عليهم. ولتكن لنا أولويات واضحة ورؤية محددة وهى فى الأصل نابعة من الشعب، وفى المقابل لا بد أن نوصل صوتنا للجماهير ولا ندع ذلك الإعلام المضلل يشوه صورتنا مرة أخرى كما حدث قبل ذلك. وليكن هناك متحدث إعلامى باسم الكتلة البرلمانية لحزبنا يخرج ويوضح القضايا للناس أولا بأول حتى لا نترك الفرصة للإعلام لتضليل الناس. - نحن نحتاج إلى تدريب أعضاء الحزب والجماعة على التواصل السياسى القوى مع الجماهير وحسن توعية الجماهير باللعبة السياسية حتى لا ينخدع الناس بالإعلام ويصوتوا لغير الحق، والواقع ورغم أن لدينا أمانة للتثقيف السياسى داخل الحزب إلا أننى أرى أنها لا تقوم بالواجب المفروض عليها حتى الآن. هذه كانت بعض النقاط التى أتمنى أن آراها واقعا داخل حزبى الجميل "الحرية والعدالة" والله الموفق.