بلا شك فإن الأحداث تتشابك بصورة غريبة وعجيبة، ويبدو أن هناك من يدفع نحو الدخول في حالة "فوضى خلاقة" عبر افتعال تفجيرات أو استغلالها، ثم المغامرة المحسوبة بقصف ليبيا واستمرار هذه القصف حتى مساء أمس السبت حسب تصريحات مسئولين مقربين من الجنرال خليفة حفتر بليبيا، وقبل ذلك افتعال الأزمة مع الشقيقة قطر ثم حجب أكثر من 20 موقعا إخباريا. وكم كان لافتا أن إحدى الناجيات من الحادث الإرهابي بالطريق الغربي بمحافظة المنيا صباح الجمعة الماضي والذي أسفر عن مقتل 30 حسب تصريحات رسمية وتصل إلى 50 حسب تصريحات كهنة تابعين للكنيسة، كشفت أن الجناة كانوا ملثمين ويرتدون زيا مثل زي الجيش تماما! حسب برنامج "الحياة اليوم" مساء الجمعة الماضي. فهل افتعل السيسي الجريمة النكراء وتداعياتها؛ من أجل خلق حالة من الفوضى لتمرير اتفاقية تيران وصنافير خلال شهر رمضان بناء على الالتزامات المقررة عليه في اتفاق القرن للتآمر على الأمتين المصرية والعربية؟! هذا ليس اتهاما للجيش كله، فمعلوم أن هناك قيادات وضباط اختارهم قائد الانقلاب لأداء أدوار قذرة كما حدث في مجزرتي رابعة والنهضة وغيرهما. تمرير اتفاقية الجزيرتين في رمضان وقالت مصادر برلمانية حسب صحيفة البوابة نيوز المقربة من سلطات الانقلاب وأجهزة الأمن إن شهر رمضان سيشهد مناقشة اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية المعروفة إعلاميا ب"تيران وصنافير" التى بموجبها تنتقل سلطة مصر على جزيرتى تيران وصنافير إلى السعودية، وكذلك التصديق عليها قبل انتهاء دور الانعقاد يونيو المقبل. وبررت هذه المصادر هذا الموقف على الرغم من الحكم البات والنهائي من جانب المحكمة الإدارية العليا والتي قضت ببطلان الاتفاقية، فصارت حسب خبراء في الدستور والقانون هي والعدم سواء فكيف يناقش برلمان العسكر شيئا هو أصلا منعدم بحسب الحكم القضائي؟! ومن جانبه، قال مصطفى بكرى، للمحررين البرلمانيين: إنه من المتوقع مناقشة اتفاقية تيران وصنافير خلال الأيام القليلة المُقبلة، في إطار الاستعانة بكافة خبراء القانون الدولي والجغرافيا والتاريخ وعلوم البحار للتأكد من تاريخ الجزيرتين. ومعلوم أن برلمان العسكر، مجرد طرطور أو خرنج لا يملك إرادة حرة ذلك أن كل نوابه أو الأغلبية الساحقة منه، جاءوا على الفرازة الأمنية التي اختارتهم دون سواهم لولائهم المطلق للانقلاب والعسكر. "3" تحركات مريبة بدوره أبدى الكاتب الصحفي محمود خليل، وهو أحد مؤيدي الانقلاب، قلقه من التحركات الأخيرة للحكومة بشأن تيران وصنافير، لافتًا إلى أن الحكومة أجرت اجتماعات تثير الريبة مع أكثر من 50 عضوا برلمانيا كان محور الحديث خلالها عن اتفاقية "تيران وصنافير". وأضاف خليل أنه خلال الأيام الماضية عقد رئيس الوزراء شريف إسماعيل اجتماعاً مع 50 من نواب البرلمان وكان موضوع «تيران وصنافير» حاضراً فيه بقوة، خصوصاً حين طلب بعض النواب من رئيس الوزراء إمدادهم بالوثائق والأوراق حتى يتمكنوا من مناقشتها، قبل هذا الاجتماع (22 مايو). وأشار خليل إلى تحرك مريب آخر يعكس الترتيبات التي تتم لتمرير الاتفقاية ومنها تعديل قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية والذي تم لمنع تعيين المستشار يحيى الدكرورى (القاضى الذي حكم بمصرية تيران وصنافير) لرئاسة مجلس الدولة. أما التحرك المريب الثالث فهو اللغط الذى أثير حول الجنحة التى يحاكم فيها خالد على بتهمة «الفعل الفاضح»، وخالد على كما هو معروف (محامى تيران وصنافير). ويضيف خليل «ثمة إحساس يسيطر على البعض بأن مجلس النواب سيفاجئنا بطرح الاتفاقية التى تقضى بتسليم الجزيرتين المصريتين -بحكم قضائى- إلى المملكة العربية السعودية، وأن ثمة ترتيباً لاستغلال شهر رمضان لتمرير الموضوع». تحذيرات بلا صدى ويحذر خليل أنه فى كل الأحوال تعلم السلطة خطورة هذا الموضوع، وفداحة تكلفته، خصوصاً أن هناك رأياً عاماً يتحلق حول فكرة رفض القفز على الحكم القضائى بمصرية الجزيرتين، وكذا الوثائق التى تؤكد على أنهما قطعة من التراب الوطنى. ويشدد هناك حالة من التوتر تظهر من حين لآخر على أداء السلطة فى مصر، وكما تعلم فالتوتر يدل على وجود الشخص تحت نوع من الضغط الناتج عن التحسب لنتائج قرار معين، أو اتخاذ قرار تحت سيف الاضطرار، أو أى سبب آخر. ما أخشاه أن يكون موضوع «تيران وصنافير» من بين أسباب حالة التوتر والعصبية التى تجلل الأداء العام هذه الأيام، وهى العصبية التى أصبحت معلنة بشكل واضح بعد القمة العربية الأمريكية. ويشير خليل إلى أن القرارات الخطيرة لا بد أن تسبقها حسابات دقيقة، وتقدير موضوعى للموقف. وفى ظنى أن إقدام مجلس النواب على تمرير اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة سيخلق مشكلة استثنائية للسلطة الحالية. مشكلة تتصاغر أمامها الكثير من المشكلات، بل قل إنها يمكن أن تشكل «فتيلاً» يدفع الشعب إلى تفجير كل المشكلات التى ابتلعها على مدار الأشهر الماضية، وعلى رأسها الارتفاع غير المسبوق فى الأسعار، الذى تظهر تجلياته فى حالة «الهذيان» التى أصبحت تسيطر على المواطن خلال الأيام الأخيرة.