ألقت السلطات التونسية القبض على عدد من رجال الأعمال ونواب الحزب الحاكم "نداء تونس"، في إجراء لسحب البساط مطلقا من حركة النهضة التي تشارك في الحكومة، وتتحمل منذ 2011 وزر تأخر الإصلاح في تونس، رغم انسحابها من المشهد في 2013، في أعقاب مذابح الإسلاميين في مصر، ومناهضة الثوار عسكريا في سوريا وليبيا واليمن. ويجمع حاليا رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، بدعم من رئيس الدولة قايد السبسي، نقاط "معركة" الفساد، فبات الواقع أن هناك مجموعات داخل الدولة التونسية كما يقول علي العريض، نائب رئيس حركة النهضة ورئيس الحكومة السابق، وهي: "النوع الأول يسعى إلى حماية الدولة وأهداف الثورة، والنوع الثاني يدفع إلى إحداث الفوضى بحجة حماية الثورة، والنوع الثالث ممن كان يشرع للفساد أمس، وأصبح اليوم يرفع شعارات تندد بهذه الآفة". انطلاق "الحرب" وطبّق الأمن التونسي- بموجب قانون الطوارئ منذ أكثر من عام ونصف- عمليات دهم وتوقيف شخصيات عدة؛ بتهمة الضلوع في الفساد والتهريب، ووضعهم رهن الإقامة الجبرية. ويضم الموقوفون، رجل الأعمال شفيق جراية، وياسين الشنوفي المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، ونجيب بن إسماعيل، ورضا العياري المسئول في الجمارك. في الوقت الذي قال فيه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، في تصريح مقتضب لبعض الإعلاميين المتواجدين أمام قصر الحكومة بالقصبة: إنه "سيخوض المعركة على الفساد حتى النهاية"، مضيفا "إما الدولة وتونس أو الفساد، وأنا أخترت تونس". غير أن أبرز الموقوفين رجل الأعمال شفيق جراية، المتهم بالفساد وعلاقته بالإرهاب وشبكات التهريب، والذي استهزأ من تصريح رئيس الحكومة بقوله: إنه "لا ينجم يدخل ولا ينجم يخرج". حقيقة المسار وضمن تعليقات كثيرة تحذر من كذبة "مكافحة الفساد" في تونس- التي تحتل المرتبة 59 في قائمة الأكثر فسادا بين 147 دولة- قال الباحث "د.سامي براهم"، على صفحة "تونس بلا فساد" على "الفيسبوك": "بعد جلسة هيئة الحقيقة والكرامة عن الفساد، يتبيّن لكلّ ذي عقل سبب الإصرار على تمرير قانون مواز وهيئة موازية للمصالحة: التحكّم في ملف الفساد بحيث تقع التغطية على ما تواصل منه بعد الثّورة وعلى شبكاته ورموزه التي لا تزال موجودة داخل الإدارة ومؤسسات الدّولة وسوق المال والأعمال". وأضاف "نفهم كذلك سبب امتناع المكلّف بنزاعات الدولة عن إتمام إجراءات التحكيم والمصالحة؛ لتعطيل الهيئة وإعطاء انطباع عن فشلها، وذلك لافتكاك هذا الملفّ من أنظارها إلى جهة أخرى تفرغه من مضامينه ومقاصده "كشف منظومة الفساد" و"لفلفة الأمر". ونصح "براهم" كتلة النّهضة، التي وصفها ب"عقدة المنشار" في هذا القانون، قائلا: "السّجون التي يهدّدونكم بها أشرف لكم من تمرير قانون يحرّر الفساد ويركّزه بالديمقراطيّة المزيفة، ديمقراطيّة "الأمن مقابل تشريع الفساد". الملف المخفي وفي حوار لأحد المواقع الإلكترونية التونسية "حقائق أون لاين"، اليوم الخميس، مع العضو السابق للجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد، ناجي البكوش، كشف عن أن "ملفا يهم المصلحة العليا للوطن أخفيناه"، ما يؤشر إلى هلامية الإجراءات المتخذة، عما تم إعداده بعد ثورة الياسمين في 2011، كشف عن انتشار واسع للفساد داخل العديد من المؤسسات والوزارات والبنوك والجمارك، وفي صفوف الإعلاميين والمحامين. فيما رفض الإجابة عن وجود هذه الشخصيات في الحكم، لكنه قال: "نتحدث اليوم عن مقاومة الفساد كثيرا، والحديث أصبح مبتذلا". وأضاف أن "اللجنة" التي كان عضوا بها، أحالت في 2011 حوالي 450 ملفا الى القضاء". وتابع "القضاء حسم في عدد قليل من الملفات المحالة إليه من طرف اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق، وملفات كثيرة لم يتم الكشف عن مصيرها وبقيت نائمة".