هل ستعود تونس كما كان سابق عهدها قبل الثورة ، فقد فجّر رجل الأعمال التونسي شفيق الجراية جدلاً كبيرًا في البلاد بسبب اتهامه لوزارة الداخلية بالتجسس على مكالماته دون إذن قضائي، مؤكدًا أنه رفع دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية، متهما بعض أعوانها بتسريب وثائق سرية وتعيد هذه الاتهامات للأذهان التجاوزات التي وقعت في ظل عمليات التنصت على المواطنين خلال فترة النظام السابق قبل الثورة. ورغم التخلي عن عمليات التنصت بعد الثورة إلا بإذن قضائي معلل فإن عديدًا من رجال الأعمال والسياسيين اشتكوا من التجسس عليهم ولا تقتصر الدعوى القضائية التي رفعها شفيق الجراية على وزارة الداخلية بل شملت كذلك مسؤولين رفيعي المستوى برئاسة الجمهورية. فقد اتهم كل من القياديين بنداء تونس محسن مرزوق المستشار السياسي للرئيس التونسي ورضا بالحاج مدير الديوان السياسي بمحاولة ابتزازه. وزادت هذه الاتهامات النارية التي وجهها الجراية لقيادات بنداء تونس من أزمة هذا الحزب الحاكم الذي تعصف به الانقسامات حول تسييره. والوثائق المسربة تكشف وجود اتصالات مشبوهة بين الجراية ومدير قناة نسمة التونسية نبيل قروي وبين القيادي الليبي عبد الحكيم بالحاج. وجاء بهذه الوثائق التي تعود إلى العام الماضي أن عبد الحكيم بالحاج أرسل أموالا لكل من شفيق الجراية ونبيل القروي لغايات سياسية. وكان النائب بنداء تونس وليد الجلاد كشف هذه الوثائق بوسائل الإعلام متهما الجراية بالضغط على نداء تونس للاعتراف بحكومة فجر ليبيا. وشفيق الجراية كون ثورته خاصة بعلاقاته التي يعترف بها مع أصهار الرئيس السابق ومعاملاته معهم في صفقات توريد الموز. لكن القضاء التونسي لم يوجه إليه عقب الثورة أي اتهامات بالفساد المالي رغم الشكوك الكبيرة حول شرعية مصادر ثروته. واعترف الجراية بأن له اتصالات مع عبد الحكيم بالحاج وقيادات ليبية أخرى مستغربا من تشويه صورته وتصنيفه إرهابيا بوسائل الإعلام. وقال إن السلطات التونسية لا تصنف عبد الحكيم بالحاج إرهابيا مشيرا إلى أنه شارك بصفة رسمية في الحوار الليبي في المغرب والجزائر. كما كشف بأنه موّل جزءا الحملة الرئاسية للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي رغم أنه كان يشهر به في بعض صحفه التي يملكها. ويقول محامي شفيق الجراية لمصر العربية إن موكله كان ضحية تجسس من قبل وزارة الداخلية وابتزاز من قبل قياديين بحركة نداء. وأكد أن القانون التونسي يجرم اختراق المعطيات الشخصية للمواطنين ويحجر على السلطات انتهاك خصوصياتهم ومراسلاتهم. وأفاد بأنّ الجراية له شهود على أنه كان عرضة للابتزاز المالي من قبل قيادات نداء تونس مقابل عدم كشف الوثائق المسربة. وقال ل "مصر العربية" إنه تم رفع قضية ضد وزير الداخلية السابق والقيادات المذكورة من نداء تونس بتهمة التجسس وتسريب وثائق أمنية. لكن القيادي بحركة نداء تونس والمستشار السياسي للرئيس التونسي محسن مرزوق نفى علاقته بالوثائق الأمنية المسربة. وقال إنه سيلجأ بدوره للقضاء للرد على ت التي وجهها إليه الجراية والتي اتهمها فيها أيضا بمحاولة الانقلاب على السبسي. من جهته يقول النائب وليد الجلاد إن الوثائق المسربة التي كانت بحوزته قدمها للقضاء من أجل فتح تحقيق في الغرض. ويطرح هذا الجدل أكثر من سؤال حول أسباب تسريب الوثائق الآن رغم أنها تعود للعام الماضي؟ والجهة المستفيدة من ذلك؟ لكن هذه الأسئلة لا يجب أن تحجب استمرار أزمة ثقة المواطنين مع وزارة الداخلية في ظل تواصل التنصت دون إذن قضائي. فقبل أيام قليلة فجر الإعلامي التونسي حمزة البلومي جدلاً كبيرًا عندما كشف بأن الداخلية تتنصت على رجال أعمال ومواطنين بطريقة غير قانونية. كما قال المحامي والإعلامي فتحي المولدي إن اعتقال الإعلامي معز بن غربية والفكاهي وسيم الحريصي أمس بتهمة انتحال صفة الرئيس التونسي من أجل التحيل على رجل أعمال كان مبنيا على عمليات تنصت. ويقول المحامي والنائب السابق بالمجلس التأسيسي أحمد السافي لمصر العربية إن هناك شبهات كثيرة حول وجود عمليات تنصت دون إذن قضائي، مؤكدا أن ذلك فيه تعد على المعطيات الشخصية والمراسلات. وقد أعلنت وزارة الداخلية عقب هذا الجدل عن فتحها لتحقيق حول شبهة التنصت على المواطنين من قبل مصالحها الفنية دون إذن قضائي.