بعض مؤيدي الانقلاب وخروجًا من العار الذي سيلحق بمواقفهم تجاه ما حصل في مصر يحاول وصف ما جرى بأنّه «تصحيح مسار» متناسين أنّ الشعوب العربية تقرأ بعمق ولم تعد تنطلي عليها الأكاذيب، ما جرى كان انقلابا عسكريا بغطاء مدني وديني رسمي مكشوف لا يمكن إنكاره ويعيدنا إلى عصر الانقلابات العسكرية العميلة والموجهة بإرادة خارجية، الرئيس مرسي حكم مصر لمدة عام لم يقمع ولم يقصي أحد ولم يعمل، كما يزعمون، على أخونة الدولة والدليل سلاسة الانقلاب في داخل أروقة الدولة. ألا تخجلون من "الخجل"؟!
"الكاتب المؤيد للإنقلاب!"، تحت هذا العنوان جاء مقال للكاتب المؤيد للانقلاب جمال الجمل، في موقع الجزيرة مباشر، مبدياً دهشته العميقة من إصرار بوابة حزب "الحرية والعدالة" على تسمية المور بمسمياتها، ف30 يونيو لم تكن ثورة للشعب بل كانت انقلابا مكتمل الأركان مع سبق الإصرار والترصد من قبل جنرالات المجلس العسكري، يقودهم السفيه عبد الفتاح السيسي.
وبينما اصطف كاتب المقال – الأستاذ الجمل- في صفوف الانقلاب على الشرعية وسن قلمه للنيل من تجربة شعب أراد ان يتنفس الحرية في 25 يناير، بزعم أن الفريق الذي ينتمي اليه الكاتب يعرف مصلحة الشعب أكثر من الشعب نفسه، مع أن عمر الكاتب - أطال الله في عمره- يتجاوز الستين عاماً بقليل، بينما يفوق عمر هذا الشعب المبتلى بمن يمارس عليه دور السلطة الأبوية ومصادرة الرأي أكثر من 7000 سنة.
بالغمز واللمز يفتتح "الجمل" بداية مقاله بالقول:" قد يتساءل البعض مستنكراً: لماذا أكتب في "الجزيرة"؟.ولأنني من هواة الصراحة حتى حدود الصدمة أرد على السؤال بسؤال: ولماذا لا أكتب في "الجزيرة"؟. وحقيقة الأمر لا يستغرب المصطفون في خانة الشرعية عودة "الأخوة"، الذين استيقظت ضمائرهم من صفوف الانقلاب، ولا نتساءل أبدا عن نواياهم، ولا يصدمنا قرارهم بالكتابة في منبر مثل الجزيرة كان محل شتائمهم بأبشع الألفاظ ومصطلحات التخوين بل وان قطر عميلة للصهاينة والأمريكان والشيعة وهتلر وداعش وكفار قريش وحروب الجيل الثالث والرابع والخامس.. الخ.
إلا أن مؤيدي الشرعية الذين جاهروا برفضهم للانقلاب منذ اللحظة الأولى، وتحملوا القتل بالرصاص والمطاردة والاعتقال والإخفاء والتعذيب والمحاكمات الجائرة والحرمان من الوظائف والأهل والولد، لهم الحق كاملا عندما يستقبلون العائدين من صفوف الانقلاب بان ينفخوا في كلماتهم وتصريحاتهم، تماما مثل الذي ينفخ في الزبادي المثلج بعدما لسعت لسانه شوربة الانقلاب.
أهلاً بالمتطهرين
وقسم الكاتب المؤيد للانقلاب "الجمل" مقاله إلى ثلاثة أقسام، الأول أراد منه دفع الحرج عن نفسه عندما يسأله البعض عن سبب الكتابة في منبر الجزيرة مباشر، مأوى خونة الوطن كما يصفهم الإعلامي أحمد موسى ورفاقه في إعلام العسكر، أما القسم الثاني فخصه ب"التلقيح" على جماعة الإخوان، التي لم تخذل رافضي الشرعية وتقدمت صفوفهم وكان لكوادرها ومنتسبيها والمتعاطفين معها شرف الموت دفاعاً عن هذا الوطن، جنباً إلى جنب مع الصادقين والمخلصين من كافة التيارات الأخرى، الذين انفصلوا عن قواعدهم وانتماءاتهم الحزبية والأيدلوجية، واختاروا فقط الانتماء لثورة 25 يناير.
أما القسم الثالث من مقال الكاتب المؤيد للانقلاب – سابقاً- فيعرض فيه الحاجة الملحة لعودة الاصطفاف حول ما وصفه ب"سلطة الشعب"، والسؤال هنا: منذ 30 يونيو المشئوم إلى اليوم وبعد مرور أكثر من 4 سنوات على الانقلاب، ألم يخرج رافضي الانقلاب للدفاع عن سلطة الشعب وحرية خياراته ومنها انتخاب رئيس للبلاد وبرلمان وحكومة؟
في النهاية أكد الكاتب المؤيد للانقلاب – سابقاً- أنه لن يجامل أحداً ينتظر عودة الرئيس المدني المنتخب، الذي ورغم محنة الاعتقال له ولأسرته، واستشهاد أغلب المقربين منه، لا يزال على صموده رافضاً المساومة على شرعية ثورة 25 يناير، وقال وشدد مرارا وتكراراً أن روحه ودمه فدائها، وبلا مجاملة نقول ل"الجمل" أهلا بك في صفوف الشرعية إن أردت ولكن بلا شروط مسبقة وبلا املاءات، ضع أوراقك على الطاولة والكل يؤخذ منه ويرد والثورة هى الحكم والشعب هو الفيصل.