لا تزال أصداء الصفقة المشبوهة التي أبرمتها إحدى الشركات الخاصة نيابة عن حكومة الانقلاب مع الكيان الصهيوني، لاستيراد الغاز من حقول محتلة لمدة 15 سنة بقيمة 20 مليار دولار، تثير جدلا واسعا، لا سيما مع التصريحات اليومية الصادمة من جانب وزراء ومسئولين بالحكومة تؤكد أن مصر سوف تصدر الغاز خلال عام مع الاكتشافات الضخمة للغاز من جانب شركات عالمية. 200 تريليون متر مكعب "احتياطي الغاز" وكشف المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق بحكومة الانقلاب، عن أن الاحتياطيات المؤكدة حتى الآن من الغاز تقدر ب68 تريليون قدم مكعب، لافتًا إلى أن إجمالى الاحتياطيات النهائية التى سيتم الإعلان عنها قريبًا تقدر ب200 تريليون قدم مكعب من الغاز. وأبدى "كمال"- فى مداخلة هاتفية مع الإعلامى عمرو أديب، ببرنامج "كل يوم"، المذاع عبر فضائية "one"، وراديو نغم "fm"- سعادته بعد إعلان شركة "بى بى"، الأحد، عن اكتشاف جديد للغاز الطبيعى فى منطقة امتياز شمال دمياط البحرية فى شرق دلتا النيل. br وجاءت تصريحات المهندس طارق الملا، وزير البترول بحكومة الانقلاب، أمس الأربعاء، خلال مؤتمر دول حوض البحر المتوسط الدولى التاسع للبترول، والذى يعقد حاليًا بمدينة رافينا الإيطالية تحت عنوان "التحول إلى مزيج الطاقة المستدامة، مساهمة صناعة البترول والغاز"، لتصب في نفس الاتجاه. وأكد الملا أنه فى السنوات القليلة الماضية، تم اكتشاف كميات كبيرة من الغاز في منطقة البحر المتوسط، والتى تعد نتيجة رحلة طويلة بدأت فى أوائل السبعينيات، وقد تم تعزيز هذه الجهود مع تحقيق أحدث الاكتشافات العملاقة في مصر فى المياه العميقة بالبحر المتوسط "حقل ظهر"، باحتياطيات تصل إلى 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، ويعتبر أكبر كشف للغاز الطبيعي على الإطلاق في البحر المتوسط، فضلا عن كونه واحدًا من أكبر اكتشافات الغاز في العالم، حيث فتح المجال لإمكانية تحقيق اكتشافات أخرى، مما يحفز شركات البترول العالمية على زيادة الاستثمار في مجال استكشاف الغاز في مناطق الامتياز بالمياه العميقة المجاورة للحقل. استيراد الغاز من الصهاينة! إزاء هذه التصريحات، يتساءل الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام: «إذا كانت مصر ستنتج الغاز بكميات ضخمة نهاية العام الجاري وبداية العام القادم، فلماذا إذن إبرام عقود وصفقات طويلة الأجل مع شركات إسرائيلية ولمدد تتراوح ما بين 15 و20 عاماً؟. وإذا كان إنتاج مصر المكتشف من الغاز سيكفي تغطية السوق المحلية وزيادة، وأن البلاد ستحقق الاكتفاء الذاتي بنهاية 2018، كما قال وزير البترول المصري طارق الملا، أمس الأربعاء، فلماذا إذن تسارع شركة مصرية، تحظى بدعم حكومي قوي، لاستيراد الغاز من إسرائيل لمدة 15 عاما، وبقيمة 20 مليار دولار، وقبلها يتم إبرام اتفاقات أخرى لمدد أطول؟ وإذا كانت مصر ستتحول من مستوردة للنفط والغاز إلى دولة مصدرة في العام 2019، كما قال وزير البترول المصري أمس، فلماذا إذن الارتباط بتعاقدات طويلة الأجل مكلفة لمصر ماديا ومرهقة لاحتياطي البلاد من النقد الأجنبي لاستيراد الغاز الإسرائيلي؟". وتابع "ولماذا العجلة في إبرام مثل هذه الاتفاقيات طويلة الأجل في ظل تأكيدات بوب دادلي، الرئيس التنفيذي لشركة بريتيش بتروليوم بي بي البريطانية، قبل أيام وعقب لقائه السيسي، أن عامي 2017 و2018 سيشهدان بدء جني ثمار الاكتشافات الجديدة للغاز سواء في البحر المتوسط أو شمال الدلتا؟ وإذا كان محمد المصري، رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، قال قبل أيام: إن 2018 سيكون آخر عام تستورد فيه مصر الغاز لسوقها المحلية، فلماذا تلك الصفقات الضخمة مع إسرائيل؟!". وأضاف عبدالسلام: «وماذا عن حقول إنتاج الغاز العملاقة مثل نورس وبلطيم والصحراء الغربية والتي تعلن شركات عالمية كبرى عن اكتشافها من حين لآخر، وآخرها إعلان شركة بي بي البريطانية اكتشاف حقل ثالث لإنتاج الغاز بمنطقة دمياط شمال مصر؟». ثم يستنكر الخبير الاقتصادي إنكار حكومة الانقلاب للصفقات المشبوهة مع الصهاينة، بقوله: «والأهم من كل ذلك لماذا تتبرأ الحكومة المصرية من صفقات استيراد الغاز الإسرائيلي رغم تأكيدات غربية وإسرائيلية أن مصر ستستورد الغاز من حقول موجودة في مناطق بحرية متنازع عليها مثل "ليفياثان" وتمار، ورغم تبادل وفود الشركات التي تتفاوض حول صفقات الاستيراد؟».