في البداية تكتمت القاهرة على زيارة الوفد الأمني السوري بقيادة علي مملوك رئيس جهاز الأمن الوطني لمليشيا بشار الأسد بينما كشفت دمشق عن الزيارة في رسالة منها بعمق العلاقات التي تربطها بسلطات الانقلاب في مصر. كما تبعث برسالة إلى المملكة العربية السعودية أن المحور الروسي الإيراني السوري تمكن من استقطاب إحدى أكبر العواصم السنية وتمت تقاربات مذهلة تكاد تصل إلى حد التطابق مع الرؤية الروسية الإيرانية التي تقوم على ضرورة بقاء بشار والقضاء على الحركات الثورية المسلحة والإسلامية منها على وجه الخصوص.
وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية فإن اللقاء الذي تم بين المملوك وقيادات أمنية مصرية بحث التعاون بين النظامين سياسيا وأمنيا، واقعا وآفاقا.
ترتيبات قديمة وزيارة ليست الأولى
الكاتب والإعلامي السوري المعارض بسام جعارة يؤكد أن الزيارة ليست الأولى، بل سبقتها واحدة في سبتمبر2015، والتقى خلالها عبد الفتاح السيسي، موضحا أن الأخير كان يرسل الوفود المخابراتية والعسكرية إلى دمشق للتنسيق مع النظام السوري.
جعارة الذي طالب بمحاكمة السيسي كمجرم حرب، مضى يقول إن قائد الانقلاب نسَّق حين كان وزيرا للدفاع مع نظام بشار الأسد "من تحت الطاولة"، مما عدّه خيانة للرئيس محمد مرسي الذي وقف مع ثورة الشعب السوري.
أما الكاتب الصحفي المصري وائل قنديل فرأى أن هذا الدفء بين النظامين العسكريين في سوريا ومصر ينبغي ألا يكون مفاجئا. لافتا إلى أن الزيارة "المشينة" لممثل نظام قتل نصف مليون من شعبه لا يلام عليها نظام السيسي، فقد اُستقبل المملوك من قبل في جدة السعودية في 2015.
أهداف الزيارة
يرى بسام جعارة بحسب تصريحات في برنامج "ما وراء الخبر" الذي أذيع مساء أمس الإثنين 17 أكتوبر 2016 على قناة الجزيرة، أن الزيارة كانت تستهدف إعادة تبادل السفراء، مشيرا إلى أن الجانب المصري طلب تأجيل ذلك بسبب الضغوط الإقليمية والدولية وانتظار انفراجة في الوضع، أما الجانب الأمني فقد تضمن تبادل المعلومات الأمنية و"خبرات القتل".
ويفسر جعارة هذه المواقف من جانب سلطات الانقلاب في مصر أن السيسي يهدف إلى ابتزاز المملكة العربية السعودية ماليا؛ لأنه "لم يشبع من الرز بحسب وصفه وأن سياسة قائد الانقلاب تقوم على المكايدات وفق معادلة «إما أن تعطوني الرز وإلا سأذهب إلى إيران وبشار الأسد»!.
ويتفق معه في الرأي الكاتب الصحفي وائل قنديل لافتا إلى أن السيسي يبدل ولاءاته «أسرع من قفزة الأرنب»، فيذهب إلى حيث توجد المنح والمساعدات وإعطاء الشرعية للانقلاب، مؤكدا أن النظام المصري جرب ابتزاز السعودية من قبل وحصل على ما يريد، فلماذا لا يجرب مرة أخرى؟
وهوّن قنديل من القول إن استقبال مملوك رد مصري على الاجتماع الخليجي التركي، قائلا إن النظام في مصر لا يصل إلى مستوى الرد على دول إقليمية، بل يحاول استغلال الموقف للابتزاز.