لليوم الثاني على التوالي، واصلت القوات العراقية عملياتها العسكرية باتجاه مدينة الموصل شمال البلاد من محورين، لاستعادة مزيد من المناطق التي تخضع لسيطرة داعش في جنوب وجنوب شرق المدينة الذي بدت مؤشرات على تراجعه وخسارته لسبع قرى في اليوم الأول للعمليات. ومن جانبها كشفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن خمسة آلاف عسكري أميركي في العراق ساهموا بتدريب 12 لواء عراقيا من أجل المشاركة في عملية الموصل.
وقال المتحدث باسم البنتاغون -خلال مؤتمر صحفي بمقر الوزارة في واشنطن اليوم الثلاثاء- إن المؤشرات الأولية تؤكد أن القوات العراقية استطاعت تحقيق أهدافها حتى الآن، وأنهم تفوقوا على التوقعات لما يستطيعون إنجازه في اليوم الأول.
وأشار بيتر كوك إلى أن قوات التحالف الدولي نفذت أكثر من 54 ألف تمرين مع القوات الأمنية العراقية، بالإضافة إلى ما يزيد على عشرة آلاف ضربة جوية محددة، بما في ذلك سبعون غارة في الموصل وحدها، خلال هذا الشهر. من جانب آخر، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم أن القوات التركية الجوية شاركت في الضربات الجوية التي نفذها التحالف على الموصل.
سرّ الاهتمام بالموصل
يقول الكاتب والباحث السياسي العراقي لقاء مكي إن من أسباب الاهتمام الدولي بالموصل حاليا هو ما حظي به تنظيم الدولة من اهتمام عالمي، حيث تعد الموصل النقطة التي بدأ بها تنظيم الدولة توسعه في العراق.
وأضاف في تصريحات إعلامية أن للمدينة أهمية أيضا على الصعيد الجغرافي والديمغرافي، فمنها يمكن فتح طريق بري بين إيرانوسوريا، وربما تكون هذه المعركة من خواتيم المعارك مع تنظيم الدولة في العراق تحديدا، وستفتح الباب واسعا أمام إنهاء وجوده في سوريا، وفي الرقة تحديدا.
لذلك فإن كثيرا من الدول والأطراف تريد أن يكون لها حضور في المعركة، على افتراض أنها ستليها صفقات سياسية لتحديد مستقبل العراق.
أما بشأن عودة الموصل لسابق عهدها بعد المعركة، قال مكي إنه ليس في العراق فرص كبيرة لتحقيق الأمنيات بسرعة ودون مشاكل، وقال إن الموصل تعرضت لويلات كبيرة بعد الاحتلال الأميركي.
نزوح السكان ومخاوف بشأن المدنيين
وأفادت تقارير إعلامية أن مئات من النازحين العراقيين القادمين من مدينة الموصل وصلوا إلى مخيم الهول في ريف الحسكة شمال شرق سوريا. وتأتي عمليات النزوح خوفًا من العمليات العسكرية الدائرة في مناطقهم. ولا يزال مئات النازحين ما يزالون عالقين في منطقة الدشيشة عند الحدود السورية العراقية.
ومنذ بدء العملية العسكرية هناك تسود حالة من الترقب والخوف لدى سكان المدينة, باعتبار سياسة الأرض المحروقة التي تتبعها القوات الحكومية ومليشيات الحشد الشعبي, وكذلك لانعدام الثقة لدى سكان الموصل في القوات الحكومية والمليشيات الموالية لها. فهذه الميليشيات الشيعية القادمة من باقي محافظاتالعراق إلى الموصل سبقتها تصريحات طائفية تدعو إلى القتل والثأر, وهو ما ينذر بوضع إنساني صعب يكتنفه الكثير من الغموض بشأن مصير السكان الراسخين تحت سيل من القصف والشائعات.
وبالإضافة إلى هذه المخاوف باتت حياة مئات الآلاف من المدنيين العالقين تحت نيران القصف في خطر داهم بسبب النقص المرتقب في الغذاء والدواء, خاصة وأن آخر الأنباء الواردة من الموصل تفيد بخلو المدينة من المواد الغذائية بعد إغلاق المحال التجارية أبوابها ونفاد ما هو متوفر فيها.
"علماء المسلمين" يحذر من كارثة إنسانية
من جانبه، دعا الامين العام "للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" علي القره داغي، شعوب وحكومات العالمين العربي والاسلامي إلى بذل قصارى الجهد لدعم أهل مدينة الموصل ومنع وقوع الحرب فيها، محذرا في بيان من أن يصيب الموصل ما أصاب "الفلوجة" العراقية و"حلب" السورية من دمار وخراب.
وناشد القرة داغي في بيان له أمس الاثنين، المسلحين الموجودين بمدينة الموصل الخروجَ منها وتسليمها إلى إدارة مدنية حتى لا تتعرض للدمار، والقتل وهتك الأعراض.
كما حذر أمين عام "علماء المسلمين"، من كارثة إنسانية وشيكة يمكن أن تلحق بأكثر من ثلاثة ملايين شخص من أهل الموصل عند خروجهم منها، ولا سيما مع قرب حلول فصل الشتاء.
كما أعرب مسؤول كبير في الأممالمتحدة الاثنين عن "قلقه البالغ" بشأن سلامة سكان مدينة الموصل بعد إطلاق القوات العراقية عملية لاستعادتها من أيدي مسلحي داعش.
وقال ستيفن أوبراين نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ "أشعر بقلق بالغ بشأن سلامة نحو 1.5 مليون شخص يعيشون في الموصل قد يتأثرون من جراء العمليات العسكرية الهادفة إلى استعادة المدينة من داعش".
وأضاف أوبراين أن "العائلات معرضة لخطر شديد" إذ أنها قد تجد نفسها ضحية "لتبادل إطلاق النار، أو مستهدفة من جانب قناصة".
أردوغان: لن نقبل بأي انتهاكات للشيعة ضد السنة
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تدخل تركيا في العراق هو لضمان عدم وقوع أي انتهاكات ضد أهالي الموصل وأن تركيا ستكون متواجدة على الأرض وفي الميدان وعلى طاولة المفاوضات بالعراق.
وقال الرئيس التركي في كلمة له اليوم الثلاثاء:"على الجميع أن يعلم أننا لن نقبل أي تصرف خاطئ من الشيعة تجاه السنة في الموصل وأننا حياديون جدا في جميع قضايا المنطقة".