على ما يبدو أن الانقلاب العسكري الذي يعتمد أساليب مخابراتي قمعي في إدارة شئون مصر بات يستمرأ الأزمات التي تلم بالمصريين، ويستفيد بها لتحقيق مخططات خاصة له، كما استغل وأشعل أزمة ألبان الأطفال ليستولي على تجارتها للجيش، وكما استغل ارتفاع أسعار السلع في الأسواق ليتوسع في المجمعات الاستهلاكية، وكما استفل فساد صوامغ القمح ليتولي عليها ةيع ين لواء كوزير للتموين.. وهكذا تحولت معاناة المصريين لفرص للانقلاب العسكري ليحقق أهدافه في السيطرة والتوسع في الحياة المدنية لصالح العسكر. وفي الأيام الأخيرة ورغم شكاوى ملايين الأسر من غياب حقن "الار اتش" من الصيدليات والمستشفيات.. دون أن يتحرك السيسي ونظامه.. وعلى ما يبدو أنه لن بيحرك لأن الإجهاض وقتل الأجنة هدف إستراتيجي للسسي لخفض عدد السكان الذي بات يؤرقه كما كان مع المخلوع مبارك. واشتكى عدد كبير من الأطباء ومديري المستشفيات ووحدات طب الأسرة والنساء الحوامل في مصر، من نقص حاد في خقن "الار اتش". وحذر أطباء من النقص الشديد الذى تواجهه حقن "الأنتى أر إتش" المخصصة للاستخدام فى حالات الولادة، نظرا لعدم وجود بدائل لها. وتحتاج الأم للحقن بها فى خلال 72 ساعة فقط من الولادة، ومن ثم عدم وجودها يحكم على الأم بعدم الحمل مجددا، وكثرة انتشار حالات الإجهاض، وحدوث تشوهات خلقية للجنين فى الرحم. ولفت الأطباء إلى أن العلاج الوحيد لنقص تلك الحقن، غير موجود فى مصر نظرا لارتفاع تكلفته، وهو يعتمد على نقل دم للجنين فى بطن أمه باستمرار، لافتا إلى أن بعض المستفيدين من اختفاء تلك الحقن بدأت فى الترويج لحقن مجهولة بسعر 45 جنيها للأمبول، فى الوقت الذى كانت تصل فيه الإمبولات المرخصة بوزارة الصحة إلى 300 و400 جنيه، فيما الأخيرة وصل سعرها حاليا مع شدة الأزمة إلى 1000 جنيه. فيما أكد الأمين العام المساعد والمتحدث الإعلامي لنقابة الصيادلة بدمياط، الدكتور سامح المسلماني، استمرار أزمة نقص بعض الأدوية والمحاليل الطبية، قائلا ""نعاني من أزمة نقص المحاليل الوريدية في كافة صيدليات دمياط، خاصة محاليل الملح حيث وصل سعر الكرتونة في السوق السوداء ل300 بدلا من 100جنيه وبلغت نسبة النقص ل 80%"، مضيفا : نعاني من نقص حاد في حقن RH والتي تحتاج إليها عدد من السيدات الحوامل، حيث تمنع تشوه الأجنة والإجهاض والولادة المبكرة والتي اختفت مؤخرا من كل الصيدليات بالمحافظة وعدم توفرها في السوق السوداء أيضا". دواء مغشوش إلى ذلك، قال محمود فؤاد رئيس "المركز المصرى للحق فى الدواء"، إن كل حقن "الأنتى أر إتش" الموجودة من كولومبيا فى مصر مغشوشة، لافتا إلى أنه بالتجربة وجدوا حقن "أنتى أر أتش" التى تباع فى المستشفيات الخاصة أو العيادات والمكتوب عليها باللغة اللاتينية بسعر 700 إلى 1000 جنيه مغشوشة تماما والمادة الفعالة عبارة عن مياه مقطرة، موضحا أن تلك الحقن تعانى نقص مستمر منذ عامين أدى إلى تحرك سعرها من 110 جنيهات، إلى 190، ثم إلى 245 من وزارة الصحة أو صيدليات الشركة المصرية لتجارة الأدوية. وأوضح فؤاد، في تصريحات صحفية، أن مصر تحتاج إلى 300 ألف حقنة حسب إحصائية بعام 2014، محذرا من استمرار ترك سوق الدواء الموازى كبديل لتوفير الأدوية التى تواجه نقص، مشيرا إلى أن ذلك يضاعف سعر المستحضر 5 أضعاف ثمنه الأصلى، ويتم الترويج لها بالعيادات وسلاسل الصيدليات. بينما أكد الدكتور جورج عطالله، عضو مجلس نقابة الصيادلة، أن حقن "الأنتى أر إتش" يتم استيرادها لاعتمادها على النانو تكنولوجى، وهى ليست موجودة فى مصر، مشيرا إلى أن الدواء مسعر جبريا من قبل وزارة الصحة، إلا أن عدم استقرار سعر الدولار، أدى إلى توقف استيراد الشركات لها، نتيجة لبيعها بأكثر من ثمنها، قائلا: "كل هذا أدى إلى وجود السوق البديل، الذى ينقسم إلى محورين إما أدوية مهربة من الخارج يتم بيعها بأسعار أعلى من المتعارف عليها، وإما غش المستحضر داخل مصر وبيعه". وأشار عطالله، في تصريحات صحفية، أمس، إلى ضرورة أن تحدد وزارة الصحة بالتعاون مع الشركة المصرية مجموعة الأدوية الخاصة بالحفاظ على الحياة والتى تعتمد على النانو تكنولوجى، لتحريك أسعارها بما يتوافق مع أسعار الدولار. البنك المركزي إلى ذلك، اتهمت د.هالة حسين رئيس "مركز خدمات نقل الدم" "البنك المركزي المصري" بالتسبب في معاناة الأمهات الحوامل والتسبب في إجهاضهن بسبب عدم توفير " الدولار " لشراء الكمية المطلوبة من حقن " الأر أتش " المختفية من سوق الدواء. وأشارت حسين إلى أنها ستتخذ الإجراءات القانونية ضد محافظ "البنك المركزي"، في حالة عدم توافر كميات الدولارات اللازمة لشركات الأدوية من أجل اسيراد حقن " الأر أتش". وأضافت -خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "صباحك عندنا" بفضائية، دريم، أمس- أنها هي المسؤله الآن على توزيع الكمية المتوافرة من حقن "الأر أتش"، لحين وجود استيراد كميات آخرى، مؤكدة أنه في حالة عدم مقدرتها على حل الأزمة ستقدم استقالتها. وفي سياق متصل، كشف ، مؤخرا، "مركز الحق في الدواء"، عن وجود أدوية منتهية الصلاحية وسامة بقيمة 600 مليون جنية في الأسواق المصرية. وأرجع خبراء فى صناعة الدواء إن العشوائية فى التعامل مع شركات قطاع الأعمال العام وتجاهل تطويره لسنوات طويلة ساهما فى تقليص دور هذه الشركات فى السوق، وبالتالى لم يعد لديها قدرة على ضبط أسعار الدواء المنفلتة. وحمّل "المركز المصرى للحق فى الدواء"، الحكومة المسئولية عن انهيار شركات الأدوية التابعة لقطاع الأعمال البالغة 11 شركة، نتيجة القرارات الخاطئة، وعلى رأسها تطبيق برنامج الخصخصة بداية تسعينات القرن الماضى، والذى أعقب تطبيقه غلق إمكانيات التنمية والتطوير أمام الشركات، وإتاحة تلك الفرص للشركات الأجنبية والخاصة بدعوى جذب وزيادة الاستثمارات الأجنبية والانفتاح على العالم والمنافسة، ما تسبب في انزلاق الشركات التابعة للدولة إلى نفق الخسائر انتظارًا لبيعها، بعدما كان قد تعاظم دورها حتى بداية التسعينات باستحواذها على نحو 78% من حجم صناعة وتجارة وتوزيع الأدوية فى مصر. وحسب د.سيد محمد شاهين، خبير دوائي، من ضمن العوامل التى أدت إلى انهيار الشركات العامة هو تثبيت أسعار أصناف منتجات الشركات الوطنية لأكثر من 25 عاماً، ما قلّص فرص تلك الشركات فى تحقيق أرباح تمكنها من ضخ استثمارات للتطوير والحفاظ على الكوادر الماهرة التى تعمل بها، والتى هجرتها أمام مغريات القطاع الخاص سواء المحلى أو الأجنبى. بينما حمل د.عبد الله سلامة –صيدلي- المسئولية لوزارة الصحة، مشيرا في تصريحات صحفية، إلى أن تفاقم مديونيات الشركات لدى وزارة الصحة، ورفض الوزارة سداد تلك المديونية بعدما بلغت 1.3 مليار جنيه، أدى لتعثر الشركات مالياً وعجزها عن المنافسة أمام سطوة ورأس مال القطاع الخاص. وإزاء هذا الوضع الكارثي تبقى صحة المصريين مجرد حسابات وموازنات بين شؤكات الأدوية وبين عجز الحكومة ومؤامرات العسكر التي قد يجدها فرصة مواتية للتخلص من ملايين المواليد بالإجهاض الطبي!!