قال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين الأسبق: إنه مع تراجع إيرادات القناة قبل حفر التفريعة بشهور قليلة تزامنا مع استمرار انخفاض النفط ونقص الدولار وجفاف المعونات الخليجية كان يتوجب على قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي أن يتمهل في بدء المشروع في 5 أغسطس 2014 إلا أنه أصر على بدئه وإنهائه في سنة واحدة ما تسبب في أزمة كبرى في نقص الدولار. ويحلل الولي في مقاله المنشور اليوم الجمعة على موقع "مصر العربية" الألكتروني بعنوان «كيف تسببت تفريعة قناة السويس في أزمة الدولار؟»، المراحل التي مر بها المشروع وكيف تسبب في تفاقم أزمة الاقتصاد المصري بدلا من انتشاله من كبوته. الإصرار على الإسراع رغم تراجع الإيرادات ويوضح الولي أن المتخصصين وقتها أكدوا أن القناة تستوعب مرور 78 سفينة يوميا، بينما متوسط عدد السفن العابرة 45.5 سفينة يوميا عام 2013، مما يعنى عدم وجود ضرورة آنية لها، والغريب أن يصر رأس النظام المصرى على تنفيذ التفريعة الجديدة خلال عام واحد فى أغسطس 2014، رغم أن أسعار البترول كانت قد باتت فى الهبوط منذ منتصف يونيو 2014، وهو ما يؤثر سلبا على عبور السفن للقناة. ويتابع الولي أنه فى عام 2015 ظهرت معالم أثر انخفاض أسعار البترول على تراجع إيرادات القناة، والتى بدأت فى الانخفاض بداية من شهر فبراير 2015 والشهور التالية له بلا انقطاع، كما بدأت معونات الخليج فى النضوب منذ بداية العام، وظهرت المياه الجوفية بمواقع الحفر الجاف مبكرا، مما استدعى دخول كراكات الشركات الأجنبية قبل الموعد المتوقع، وزادت أعداد الكراكات الأجنبية المشاركة بالتكريك حتى قيل رسميا أنها تمثل 75% من كراكات العالم مما زاد التكلفة. وحسب المقال تسبب تسديد مستحقات الشركات الأجنبية المشاركة فى التكريك فى ظهور مشكلة نقص الدولار وبداية تحريك سعر صرفه الرسمى حسبما ذكر محافظ البنك المركزى. ويؤكد الخبير الاقتصادي أنه كان من الطبيعى فى ضوء تلك العوامل، والتى تشمل تراجع الإيرادات واستمرار انخفاض أسعار البترول، ونقص الدولار وجفاف المعونات الخليجية، أن يتم التمهل فى التنفيذ للمشروع.. لكنه على العكس تم تجنيد كافة الجهود والموارد لإنهاء المشروع فى موعده، حتى أن شركات المقاولات المشاركة فى المشروع القومى للطرق، عللت تأخرها فى تنفيذ الطرق بحشد كافة معداتها فى مشروع القناة وهكذا. تكلفة التفريعة غير معروفة ويبدى الكاتب اندهاشه من أن تكلفة المشروع حتى اليوم غير معروفة مستنكرا «كان من الطبيعى أن يعرف المصريون تكلفة التفريعة الجديدة أو قناة السويس الجديدة كما يسمونها، إلا أن ما حدث أن رئيس هيئة القناة ذكر ثلاثة أرقام عن تلك التكلفة، فهى 3.2 مليارات دولار فى حديث تلفزيونى تعادل 25 مليار جنيه وقتها فى منتصف أغسطس من العام الماضى، ثم يصرح عبر جريدة قومية يوم 16 أكتوبر من العام الماضى أنها 21 مليار جنيه، ثم يصرح بجريدة يومية خاصة فى 28 فبراير من العام الحالى أنها 19 مليار جنيه. ويمضى الخبير الاقتصادي في استنكاره «وبالطبع ستجد وزير الاستثمار السابق أشرف سلمان يقول أنها 22 مليار جنيه، وستجد مصرفيون مولوا بعض عمليات الإنشاء يذكرون أرقاما أخرى للتكلفة، وإذا كان المصريون لم يعرفوا كامل التكلفة فمن الطبيعى ألا يعرفوا حجم الدولارات التى استخدمتها، أو قيمة القروض الدولارية التى حصلت عليها هيئة القناة». تراجع الإيرادات وبعد الاحتفالات الصاخبة للمشروع بحسب المقال انتظر المصريون عائدات المرور بالقناة التى تعوضهم عن الإحباط الذى يعيشون فيه بسبب عدم تحقق مشروعات المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، وتخفف عنهم أزمة نقص الدولار التى زادت معها الفجوة بين السعر الرسمى وغير الرسمى. لكن المفاجأة كانت فى تراجع إيرادات القناة بشهر الافتتاح وهو ما يتسق مع الانخفاض الموجود قبل الافتتاح بخمسة أشهر، واستمر التراجع للإيرادات خلال الشهور التالية، وحتى نهاية عام 2015، وهنا بدأت هيئة القناة فى التأخر فى إعلان بيانات دخل القناة الشهرية، واستمر التراجع خلال الشهر الأول من العام الحالى، فتحولت هيئة القناة لإعلان إيرادات القناة بالجنيه المصرى، حتى تستفيد من تراجع سعر صرفه أمام الجنيه لإظهار زيادة غير حقيقية فى الدخل. وانفرد شهر فبراير بزيادة الإيرادات بنحو 15 مليون دولار بعد عام كامل من التراجع، لكن الإيرادات عادت للانخفاض فى مارس من العام الحالى، وهنا صدرت تعليمات بعدم نشر إيرادات القناة الشهرية، سواء من خلال هيئة القناة أو جهاز الإحصاء أو غيره، رغم انتظام إعلانها خلال الأسبوع الأول من الشهر التالى منذ سنوات طويلة. واقتصرت بيانات هيئة القناة عن أخبار عبور عدد من السفن خلال يوم أو يومين بين الحين والآخر، كلما مر عدد مناسب منها، ويوم الثلاثاء الماضى تقابل رئيس هيئة القناة مع رأس النظام فى مصر، وقالت صحيفة يومية بصفحتها الأولى أن رئيس الهيئة عرض عليه نتائج أول عام للقناة الجديدة. ويمضي الولي لافتا إلى أن المواطن المصرى لم يحظ برقم واحد لتلك الإيرادات أو أعداد السفن العابرة أو حمولتها فى بيان الرئاسة عن الاجتماع، وقامت نفس الصحيفة القومية أمس الخميس بإصدار ملحق خاص عن قناة السويس الجديدة بعد عام من افتتاحها من 12 صفحة، تحدثت فيه عن الاحتفالات والأغانى، لكنها لم تذكر رقما واحد للإيرادات ولا حتى بالجنيه المصرى. وهكذا بحسب المقال افتقد مشروع التفريعة السابعة للقناة -حيث سبقتها ست تفريعات فى عهود سابقة- للشفافية منذ بدايته وحتى الآن.