نشرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، تقريرًا عما أسمته "تردي أوضاع مصر سياسيًا واقتصاديًا في عهد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي". وقالت الصحيفة في بداية تقريرها "الحال بمعظم دول العالم، هو أن الشباب يعتبرون العمود الفقري للانتعاش والتقدم الاقتصادي، ولكن الأمر غير ذلك في البلدان الديكتاتورية؛ فالشباب وصغار السن يمثلون تهديدًا دائمًا ومصدرًا للإزعاج"، مضيفة أن "الشباب في تلك البلدن كانوا في أوائل المحاربين بثورات الربيع العربي، التي أطاحت ببعض الرؤساء، مثلما حدث في مصر وتونس وليبيا واليمن، وهددت عرش آخرين من أمراء رؤساء وملوك في بلدان أخرى". وأرجعت الصحيفة البريطانية السبب في ذلك قائلة إن الشباب "أكثر وعيا بما يجري حولهم من آبائهم؛ فتمكنوا من فهم العالم حولهم بالتكنولوجيا ووسائل الإتصال الحديث، ومشككين أكثر في السلطة والسياسة والدين"، معقبة: "بعد العراقيل التي شهدتها العديد من الثورات وانحرافها عن أهدافها، وانزلاق بعض الدول في الحروب الأهلية وانتكاس ثورات البعض الأخر؛ باستثناء تونس، بعد كل هذا ساءت احوال الشباب كثيرًا". سجن الشباب أسهل من إيجاد فرص عمل لهم وأضافت أنه "من الصعب إيجاد فرصة عمل مناسبة، وأصبح السهل فقط هو إيداع الشباب داخل زنزانة، وأصبحت نتائج هذا السوء تنحصر في 3 اختيارات: إما الفقر أو الهجرة أو بنسبة قليلة تحوله لجهادي". وذكرت أنه "مع تراكم الأسباب التي تزيد من احتمالية وقوع الانفجار؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة للشباب في بلادهم لقمع السياسي السائد؛ أصبحت الأمور أكثر سوءا في مصر تحت رئاسة عبد الفتاح السيسي اكثر مما كانت عليه في السابق”، لافتة إلى أن "شعوب منطقة الشرق الأوسط هم الاكثر تشاؤما وتخوفا أن تواجه الأجيال القادمة مصيرا اسوء". وأضافت أن " تعداد الشباب وصغار السن في تلك البلدان يزداد بسرعة كبيرة؛ من 64 مليون عام 2010 إلى 58 مليون عام 2015، وأن الشباب من سن 15-24 يشكلون 20% من تعداد السكان في الشرق الأوسط في 2010 الذي يمثل 357 نسمة". مصر أصبحت أكثر قمعا وذكرت أيضا أن "مصر أصبحت اكثر قمعا في العهد الحالي، من مصر مبارك"؛ متابعة: "السيسي ليس بالكفاءة المطلوبة للنهوض بمصر". وأكدت أنه "نظرًا لأن مصر تمثل أكبر دولة عربية في المنطقة؛ فمستقبل المنطقة ونجاحها على الصعيد الديمقراطي والسياسي من عدمه، مرهون بما يحدث في القاهرة". وأكدت الصحيفة أن نظام الرئيس السيسي "أخفق"، رغم دعومه بالأموال التي تأتي من دول الخليج وكذلك المعونة العسكرية الأمريكية، في حين وصل مقدار عجز الميزانية 12% من الناتج القومي المحلي، في الوقت الذي تقدمت الحكومة المصرية بطلب اقتراض لصندوق النقد الدولي". البطالة وصلت ل40 % والعاطلون في ازدياد وأردفت الإيكونوميست أن"نسبة البطالة في مصر نحو 40%، بجانب إرهاق الحكومة بعدد العاطلين عن العمل الذين يزدادوا يوما عن يوم، و القطاع الخاص الذي أصبح غير قادر على استيعاب عاملين جدد، والغريب أنه خريجي الجامعات هم الأكثر تعرضا للبطالة، اكثر من المتعلمين تعليما بسيطا"؛ موضحة ان "مشاكل الإقتصاد المصري اكبر بكثير من قدرة الحكومة على استيعابها، وذلك في ظل تراجع اسعار البترول واعتماد واردات الطاقة على التحويلات النقدية السياحة بشكل كبير في دول الشرق الأوسط في ظل وجود خطر الإرهاب و تزايد انشطة الجيش التجارية". الحكومة تفقد السيطرة على الأسعار والسوق السوداء وأكملت: "لم تستطع الحكومة السيطرة على أسعار الغذاء المستورد أغلبه، و منع ظهور سوق سوداء للدولار، بينما يصر "الانقلاب" على الدفاع عن قيمة الجنيه المصري؛ لتجنب إثارة الشغب و حدوث التضخم،بجانب العجز في واردات قطع الغيار والآلات؛ الذي بدوره يضر بالصناعة وينفر المستثمرين إلى جانب البيروقراطية الشديدة التي تحول بينهم وبين الاستثمار في مصر". وأضافت " إلى جانب إنفاق مبالغ طائلة من الأموال في مشروعات مبالغ فيها؛ فمشروع توسعة قناة السويس الذي انخفضت ايرادته، ومشروع تأسيس مدينة تكون مثل دبي في الصحراء الذي لم تظهر له آية دلالات حتى الان، ومشروع بناء جسر يصل مصر بالسعودية الذي أثار غضب الكثيرين بعد وعد الرئيس السيسي للسعوديه بتسليم جزيرتين تحت سيطرة مصر للمملكة". الغرب يتعامل مع السيسي بالضغط والإقناع ولفتت المجلة إلى أن "الغرب يتعامل مع نظام السيسي بشئ من البراجماتية، إلى جانب أسلوب الضغط والإقناع؛ فلا بد للغرب أن يوقف بيع الأسحلة الباهظة التي لا تحتاجها مصر أو غير قادرة على تحملها، وأي مساعدات اقتصادية لمصر لا بد أن تخضع لشروط شديدة الصعوبة، وتقليص الخدمة المدنية، وكذلك الإلغاء التدريجي لخطط الدعم باهظة المكلفة ومن ثم تعويض المتضررين الفقراء". وختمت "التغيير يتطلب أن يكون تدريجيا؛ حيث أن مصر في حالة ضعف شديد ويعيش الشرق الأوسط في حالة من الصدمة في ظل التقلبات العنيفة التي يشهدها، ومحاولات التغير قد تدفع الاقتصاد المصري للأمام وتمنح المستثمرين الثقة للمجئ مرة اخرى الى مصر، كما أن أي حديث عن اي انتفاظة شعبية محتملة أو انقلاب أخر هو ضرب من الخيال؛ إذ أن النظام لا يبخل بأي جهد في تكميم أفواه أي صوت معارض أو ناقم ، ومن يقرأ الواقع يوقن بأن السيسي لا يمكن أن يوفر لمصر استقرار دائم وهناك حاجة شديدة في تغيير النظام السياسي الحالي ، على حد قول الصحيفة.