يستغل العسكريون حربهم ضد "الإسلام المعتدل"- المعني به الحرب على الإخوان المسلمين والإسلاميين عموما- بشكل سافر في تمرير انقلابهم من بوابة الدين المسيحي في الداخل، من خلال رأس الكنيسة الأرثوذكسية، وفي الخارج من خلال "الفاتيكان" صاحب الاتجاه الكاثوليكي الذي تعتنقه أغلب أوروبا؛ بما يحقق مصالحهم وتمرير أزماتهم، كأزمة ريجيني، وتجنب القرارات المبنية على أخطائه، مثل قرارات الاتحاد الأوروبي. "ودي جدا" وصف "الفاتيكان" لقاءه شيخ العسكر أحمد الطيب بال"ودي جدا"، و"لقاء قمة"، حيث عانق الأبوان "فرنسيس" بابا الفاتيكان، والطيب شيخ العسكر بعضهما، واتفقا على مؤتمر دولي للسلام، واعتبر الفاتيكان أن "المعانقة" هي جوهر اللقاء، بحسب وكالة موقع سوا الأمريكي للأنباء. مع حديث أن بابا الكنيسة الفاتيكاني هو من استطاع التأثير على عائلة الشاب الإيطالي "ريجيني"، والهياج الشعبي الإيطالي المرتبط به، بعدما عرض أمامهم قاعدة الأزهر الأصولية "جلب المنافع مقدم على درء المفاسد"!. ومن بين العناوين المطاطة عديدة الاستهلاك، فبحسب الفاتيكان فإن البابا وشيخ الأزهر بحثا بشكل خاص "السلام في العالم ونبذ العنف والإرهاب، ووضع المسيحيين في إطار النزاعات والتوتر في الشرق الأوسط، وكذلك حمايتهم". خلفيات اللقاء يذكر أن اللقاء يأتي بعد 5 سنوات على تعليق الحوار بين من تصفه الكنيسة الغربية ب"المؤسسة السنية الأكاديمية المصرية"، والكرسي الرسولي، في أعقاب تعليق أدلى به البابا بندكتوس السادس عشر، إثر هجوم دامٍ على كنيسة "القديسين" في الإسكندرية، في يناير 2011. وقال آنذاك: "إنه علامة أخرى على الحاجة الملحة لاعتماد حكومات المنطقة، على الرغم من الصعوبات والمخاطر، تدابير فعّالة لحماية الأقليات الدينية". وفسر نظام المخلوع مبارك التعليق على أنه "تدّخل سياسي"، الأمر الذي دفع الحكومة المصرية إلى استدعاء سفيرها لدى الفاتيكان، كما قرر الأزهر تعليق حواره معه. ويتم التحضير للقاء الذي كشف عنه الفاتيكان، قبل أيام قليلة، غير أن الحوار بين المؤسستين استؤنف شيئا فشيئا، منذ مارس 2014، عندما شارك محمود العزب، سكرتير شيخ الأزهر، في مبادرة بين الأديان لإطلاق شبكة لمكافحة شتى أشكال العبودية الحديثة والإتجار بالبشر. وفي فبراير الماضي، زار وفد من الفاتيكان جامعة الأزهر، واستقبلهم عباس شومان، وكيل الأزهر، وأعرب عن استعداد فرنسيس لاستقبال "الطيب"، وعقد لقاء مع البابا. وقدّم فرنسيس لضيفه "الطيب" نسخة من رسالته العامة حول البيئة وكذلك ميدالية السلام، وزار بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني، شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي في القاهرة، في 27 فبراير 2000. فرنسيس و"السيسي" غير أن الفاتيكان وأباهم لا يملون من الدعاء ل"السيسي" وتهنئته بالأعياد، وآخر تهانيه كانت بتشكيل "البرلمان" المزور الذي جاء على غير إرادة الشعب المصري، والتقى "فرنسيس" السيسي، في 24 نوفمبر 2014، داعيا إلى ما أسماه "التعايش السلمي" في مصر، وبحوار لتسوية الأزمات الإقليمية. وبحسب متحدثي الفاتيكان، فإن محادثات "ودية" جرت بين الجانبين، وأتاحت التشديد على "تضامن الكنيسة مع كل الشعب المصري في هذه المرحلة الانتقالية السياسية "، موضحا أن المقصود بالتعايش هو "الضمانات التي أقرها الدستور الجديد بشأن حماية حقوق الإنسان والحرية الدينية". غير أن السيسي جامله بقوله: "البابا يمثل قيمة كبرى للإنسانية جمعاء". تواضروس وزيارة مشبوهة وقبل نحو خمسين يوما من الانقلاب العسكري، اجتمع "تواضروس الثاني"، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ب"فرنسيس" في الفاتيكان، في حضور الأب رفيق جريش، المتحدث الإعلامي باسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر، والذي كان من ضمن وفد الفاتيكان الذي استقبل تواضروس. وفي تعليقات لمصادر كنسية بمواقع قبطية موالية للكنيسة المصرية، فإن الزيارة لها أهداف أخرى، منها ما تحقق وأخرى في طور التنفيذ، هي "دعم الحوارات المسكونية (اللاهوتية) بين الكنيسة القبطية والفاتيكان، وتدشين أول كنيسة قبطية في الفاتيكان، والتوسط لتهدئة الأجواء المتوترة بين الفاتيكان والأزهر، بالإضافة إلى دعوة البابا فرنسيس لزيارة مصر للمرة الأولى منذ تنصيبه". وأضاف الأب جريش أن هذه هي الزيارة الأولى من تواضروس لأوروبا، حيث اختار يوم 10 مايو لزيارة بابا الفاتيكان (رسميا)، مثلما قام "البابا شنودة" الراحل بزيارة مماثلة للفاتيكان في اليوم نفسه منذ 40 عاما. وهو نفس اليوم الذي بعث فيه فرنسيس برسالة لتواضروس، كان عنوانها الرئيسي "نسير على طريق المصالحة بعد قرون من الصمت والعداء". وادعت كنيسة الأرثوذكس أنه من غير المقرر أن يتم خلال الزيارة إثارة مشكلات خاصة بالمسيحيين فى مصر، حيث إن "تواضروس" يؤمن تمامًا بأن مشكلات أقباط مصر هي مشكلات داخلية خاصة!.