أكد الكاتب الصحفي وائل قنديل أن نظام الانقلابي عبدالفتاح السيسي لا يريد أن يتنازل عن حلمه المجنون باستدعاء "حالة جزائرية" في مصر، تحاكي تلك العشرية السوداء التي أدمت قلوب الإنسانية، بحصدها أرواح نحو ربع مليون مواطن، موضحا أنه عقب كل حادث "إرهاب" يقع على أرض مصر، يبدأ إعلام النظام في عزف موسيقى الحرب الأهلية، ودعم "الهولوكوست" المنصوب منذ الثلاثين من يونيو 2013 بكمياتٍ إضافيةٍ من الوقود، لتغذية روح الانتقام والتصفية المباشرة، دون انتظار المحاكمة، لعائلات قادة "الإخوان المسلمين"، في الزنازين. وكشف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الثلاثاء، أن إعلام الانقلاب ذهب إلى اختيار أسماء عائلاتٍ بعينها، لتعليقها على المشانق، أطفالاً ونساءً ورجالاً، وقبل أن تبدأ التحقيقات في حادث حلوان الإرهابي، كانت أذرع السيسي الإعلامية قد انتهت من وضع قوائم المطلوبين للقتل، لافتا إلى أن هذا الاستعجال في الإبادة يزيد الشكوك حول جريمة حلوان، بشأن توقيتها ومرتكبيها، وما ترتب عليها من آثار. وأشار إلى تحول صورة وزير داخلية السيسي من "نيغاتيف" إلى "بوزيتيف"، وإهالة التراب على المعركة العادلة المحترمة، التي تخوضها الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين ضد إرهاب السلطة، وإصابة المجتمع المدني بالخرس أمام مذبحة قضائية، انتهت إلى الحكم بإعدام صحافيين وإعلاميين، من دون أن تجرؤ منظمة حقوقية واحدة على إصدار بيان يتيم، بمواجهة هذا التوحش. وتابع قنديل "لن يثنينا سعار السلطة وحناجرها الإعلامية عن القول إن نظام السيسي وتنظيم الدولة شريكان في المقتلة، ووجهان للعملة القبيحة نفسها، موضحا أنه منذ تفويض يوليو2013 الذي حصل عليه السيسي للقتل كما يشاء، ووقتما يشاء، فالاستخدام الأول للتفويض كان في مجزرة القرن، ضد المعتصمين في ميدان رابعة العدوية. ومنذ ذلك التاريخ، و"الإرهاب المحتمل" الذي تحدث عنه السيسي ينمو ويستفحل، ويقترب إلى العمق، بينما يواصل الجنرال ابتزاز الداخل والخارج بهذه اللعبة الشيطانية المخيفة. وأشار إلى التفجير الغامض عند مديرية أمن القاهرة، في بواكير الانقلاب، والذي انهمرت بعده قرارات وإجراءات، حرّمت وجرّمت كل أشكال المعارضة والاعتراض والمناقشة والتلفظ بعباراتٍ من نوعية "حريات تظاهر وحقوق إنسان"، وبعدها توالت حوادث الإرهاب المصنوعة بدقة، بغية استثمارها لاحقاً، قضائياً وسياسياً وتشريعياً، تثبيتاً لزعامة وهمية لشخص فارغ من أية رؤية أو قيمة، أو مشروع سياسي وطني. ونوه قنديل إلى حادث سيناء الذي راح ضحيته عشرات الجنود المصريين الذين يحاربون في معركةٍ ضحيتها الأولى سيناء وأهلها، وقف السيسي يخطب محرّضاً على الحرب الأهلية "لن أكبل أياديكم للثأر لشهداء مصر، الذين راحوا في الأعمال الإرهابية الجبانة، وأنتم من ستأخذون بالثأر". وكانت هذه التصريحات تاليةً لتصريحات أخرى له، اتهم فيها ضمنًا "الإخوان" بأنهم وراء ما يجري في سيناء من قتل للجنود، من دون أن يذكر "تنظيم ولاية سيناء"؛ لتنطلق بعدها دعوة إعلامية الشعب المصري إلى النزول إلى الشارع وقتل "الإخوان" وحرق ممتلكاتهم. وأوضح أن الأصوات نفسها تنطلق الآن بعد حادث حلوان، تحرض على المقتلة، كما فعلت عقب مقتل النائب العام السابق، وهي نفسها التي حرضت على مذبحة "رابعة العدوية" وما تلاها، مؤكدا أن مثل هذه الأجواء هي البيئة المناسبة لنشاط هذا النوع من الحناجر المبرمجة على تقديم اسكتشات فكاهية عن السيادة الوطنية والكرامة القومية، وهي الفقرات التي تتكرّر دائماً مع اهتزاز الأنظمة التي يلعبون في أحواشها، وتردد العبارات نفسها من نوعية الأساطيل والقطع البحرية الأميركية تتحرّش بنا في المياه الإقليمية، إلى آخر هذه المحفوظات "الأمن-قومية" المعلبة.