أن يقول رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو «إن حماس عدو الشعب في غزة»، أو أن يحمل فصائل المقاومة مسئولية إراقة الدم الفلسطيني، فذاك بجاحة تتوافق مع منطق الاحتلال، لكن الصدمة أن نكتشف وجود نظام عسكري في مِصْر يناصب المقاومة والمجاهدين العداء، ويطبطب على كوهين وبنيامين، ويتهم حماس بقتل نائب عام الانقلاب هشام بركات. صحيفة الإيكونوميست البريطانية أعادت السخرية من نظام السيسي وأبواقه الإعلامية، في تقرير قالت فيه: "انظروا إلى الدقة! انظروا إلى تلك السيارة! سوف يسقط عليها صاروخ! لا أحد يمكنه الهرب" هكذا بدا أحمد موسى، مقدم البرامج المصري، وكأنه طفل يلعب لعبة فيديو عندما عرض "صورًا بالأقمار الصناعية" لقوات روسيا وهي تضرب تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في الخريف الماضي، ولعل ذلك يرجع إلى أن السيد موسى كان في الواقع، يعرض لقطات من لعبة فيديو، وأضاف موسى "إننا لا نقدم شيئًا من عندنا"، في حين كان يختلق الأمر برمته". على مسؤوليتي! ويلخص برنامج السيد موسى، المسمى "على مسؤوليتي"، عبثية البرامج الحوارية الشعبية المصرية، وفي شهر فبراير، تم وقف مقدم برامج يدعى خيري رمضان بعدما ادعى أحد ضيوفه أن النساء في صعيد مصر خائنات بشكل عام، كما تم الحكم بالسجن على مقدمة برامج أخرى ريهام سعيد، لمدة 6 أشهر بتهمة بث صور خاصة لإحدى ضحايا التحرش الجنسي (التي ألقت اللوم عليها أيضًا في الهجوم). ومعظم مقدمي البرامج لا يدعمون الحكومة وفقط، ولكنهم يتلقون توجههم منها، وقد صرح موسى لصحيفة الجارديان قائلًا "سوف أقول أي شيء يأمرني الجيش أن أقوله من منطلق الواجب واحترام المؤسسة". بينما يجمع مقدمو برامج آخرين بين التآمر والتملق، مثلما قال عمرو أديب بقلق إن "ضباط المخابرات (الأجانب) الذين يحاولون تدمير بلادنا، قد يقتلون السيسي". ويقول السيسي إنه يجب أن تدعمه أو تبقى صامتًا، ولكن البعض لم يفعلوا ذلك، وقد قامت مِصْر باعتقال الصحفيين أكثر من أي بلد آخر باستثناء الصين، كما تم إغلاق وسائل الإعلام التي دعمت شرعية الرئيس محمد مرسي. وعلى أي حال، يخضع معظم رؤساء الشبكات الإعلامية إلى الرقابة الذاتية، ويدعم جميعهم تقريبًا النظام، وهو ما يحمي مصالحهم التجارية، لذلك، فإن المنتقدين من أمثال باسم يوسف، المؤيد للانقلاب والمطرود من جنته، مقدم برنامج إخباري ساخر سابقًا، لم يعد يظهر على الهواء. تفاصيل المؤامرة ويدعي السيسي أن مِصْر "هدف الكثير من المؤامرات"، ويفصل مقدمو البرامج تفاصيل المؤامرة، وفي شهر أكتوبر أجرى تامر أمين مقابلة مع حسام سويلم، نائب وزير الدفاع السابق، الذي ادعى أن أمريكا كانت وراء احتجاجات عام 2011 وتسيطر الآن على المناخ في مصر، وتم الاستشهاد بكلمات أغنية لفريق هيب هوب أمريكي مغمور كدليل. ويتنوع المتآمرون، ولكن غالبًا ما يشتملون على أمريكا وإيران وإسرائيل، وأحيانًا يتم الجمع بينهم، على نحو غريب، ويقول السيد موسى إنه يتمنى أن يرى باراك أوباما "مخوزقًا". وعلى الرغم من أن صراخهم يكون سمجًا في كثير من الأحيان، إلا أن مقدمي البرامج الحوارية يؤثرون في الرأي العام في مصر، حيث أكثر من ربع السكان أميين، ولحسن الحظ، تشجع بعض مقدمو البرامج في الآونة الأخيرة، منتقدين الحكومة بسبب ضعف الاقتصاد، وبسبب أمور أخرى. كما دفع مقتل الطالب الإيطالي مؤخرًا عددًا قليلًا للتساؤل، بشكل غير مباشر، عما إذا كانت الدولة متورطة في ذلك الأمر كما تشير الأدلة أم لا، وربما أحس السيسي هذا التحول، فحذر المصريين قائلًا "لا تستمعوا إلى أحد غيري بشكل جدي". مسئولية الفتور من جهته، حمل صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة «المقال» المؤيد للسيسي، مسئولية الفتور و«العتب» بين العسكر وحماس، على الإعلام المقاوم لتبنيه خطابًا عدائيًّا تجاه الانقلاب. وقال: «بالنسبة إلى الجانب الرسمي في القاهرة، فكل ما يعنيه هو الأمن القومي، ما جعل النظام مستعدًا لمعالجة قضية معبر رفح مع «منظمة التحرير» فقط، وليس مع أي فصيل آخر، بخاصة أن القوى الرئيسية في غزة تحاول أن تقوي النفوذ القطري والتركي، وهو أمر مرفوض من جانبنا، فإما التراجع أو «فربنا يسهلهم مع الدوحة وأنقرة»، على حد زعمه! ورغم قوله «لا أقلل من المقاومة»، إلا أنّ المفكر والباحث الاجتماعي السيد ياسين، المؤيد للسيسي، شكك في وجود استراتيجية لدى الفصائل الفلسطينية في معاركها مع المحتل، إذ تبدو أعمال المقاومة «رد فعل» يدفع الشعب ثمنه، حد زعمه أيضًا.
وادعى أن «مصر تحملت مسئوليتها التاريخية وقدمت مبادرة واضحة الأهداف قبلت بها السلطة ورفضتها «حماس». وكل طرف يتحمل مسئوليته أمام الله والتاريخ»، مرددًا مقولة السيسي ذاتها «ما حدش يزايد علينا»!