أرسل الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين، رسالة إلى الإخوان في داخل السجون وخارجها والمهاجرين خارج الوطن؛ أشار فيها إلى أن الأعمال والأنشطة الثورية وعشرات الوسائل من حرب اللاعنف مطلوبة للمنهج الإصلاحي، "إلا أن الاستدراج للعنف أواستهداف الأرواح خروج عن النضال الثوري وتقويض له"، لافتًا إلى أن إعلان فضيلة المرشد العام في عبارته الموجزة "سلميتنا أقوي من الرصاص" كان تعبيرًا عن السياسة العامة للجماعة الذي أكد عليها مجلس شورى الجماعة في كل قرارته والتزمت به كل وحدات الجماعة. وبين أنه "لا يتم الإصلاح إلا بالتغيير الجذري وانتزاع الحرية لنيل الحقوق، والصدع بالحق في وجه الظالمين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر علي الأذى والثبات على الحق وبذل النفس والمال وكل ذلك من عناصر المنهج الإصلاحي هو ضروري للثوار حتى يكونوا ثوارًا حقًّا".
ولفت إلى أن ما تردد من شائعات عن بعض الفعاليات التي تجاوزت الثوابت كان أغلبها افتراءات يراد بها تشويه الثورة والثوار، مشددًا على تأكيد الجماعة علي لسان علمائها وقادتها في الداخل والخارج علي سلمية منهجها في كثير من البحوث والمقالات والتي اطلعتم عليها حتي أصبحت معلومة للكافة.
وأوضح القائم بأعمال المرشد أنه أرسل خطابًا لأعضاء مجلس الشورى ورؤساء المكاتب الإدارية أوضح فيه الإجراءات الواجب اتباعها مع من يخالف السياسة العامة، مشيرًا إلى أنه "على قدر معرفتنا بمنهجنا الإسلامي الشامل وإيماننا به وتقديرنا له يكون بإذن الله نجاحنا في حشد قوى الأمة في هذه الثورة المباركة، وعلى قدر وحدة صفنا والألفة بين قلوبنا يكون بإذن الله تماسك قوى الثورة".
وأضاف أن احترام القرارات المتخذة بآليات صحيحة والالتزام بها مع التجرد الكامل للدعوة ومصلحتها والارتباط بالمبادئ لا الأشخاص من أهم عوامل تماسك الجماعة والحفاظ عليها.
ودعا إلى أن ينشغل كل فرد في الصف بمهمته والاجتهاد في إنجازها على أحسن وجه، وألا يشغل الحديث عن التصريحات الإعلامية والسياسية، عن الواقع العملي وموازنة النتائج وكيفية تعويض ما فات، محذرًا من فساد ذات البين؛ فإنها الحالقة.
طالع نص الرسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. هذه رسالتي إلى كل أخ وأخت، شاب وشيخ، مشارك في الحراك أو مغيب في السجون، مهاجر إلى ربه فارٍّ بدينه.
إلى كل من استجاب لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح.. إلى المجاهدين خلف أسوار الاستبداد والقهر والظلم.. إلى أسر الشهداء.. إلى الحرائر اللاتي أصبحن قدوة للرجال قبل النساء.. إلى كل من استمسك بدعوته ووفَّى ببيعته.. ذليل على إخوانه.. عزيز على أعداء دينه.. حريص على ثورته أن تخطئ هدفها أو أن تستدرج إلى غير نضالها السلمي.. يخشى على نفسه والمناضلين معه من حظوظ النفس أو الإخلاد إلى الأرض.
الإخوة والأخوات.. لقد فجرت الثورة الطاقات الكامنة وميزت بين معادن الناس.. فعاداها كل ظالم أو نفعي أو... وربما تخلف عنها بعض المخدوعين أو المقهورين.. وهدفنا في هذه الموجة الثورية المتجددة استعادة المخدوعين بالوعي الصحيح.. وإزاحة القهر والخوف بحسن الصلة بالله والثقة بنصرة ورجاء مثوبته.
الإخوة والأخوات.. إن منهجنا منهج إسلامي شامل يسعى للخير في كل المناهج الثورية والإصلاحية، فلا يتم الإصلاح إلا بالتغيير الجذري وانتزاع الحرية لنيل الحقوق، والصدع بالحق في وجه الظالمين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى والثبات على الحق وبذل النفس والمال، وكل ذلك من عناصر المنهج الإصلاحي هو ضروري للثوار حتى يكونوا ثوارًا حقًّا.
وكذلك فإن الأعمال والأنشطة الثورية من التوعية الثورية وإلهاب العواطف وتجييش المشاعر والحشود الجماهيرية في المسيرات والمظاهرات، ثم الاعتصام إلى العصيان المدني وعشرات الوسائل من حرب اللاعنف مطلوبة للمنهج الإصلاحي فيما أوضحه الإمام البنا لتحقيق عنصري الإصلاح (النصح والإرشاد ثم الخلع والإبعاد).
لكن الاستدراج للعنف أو استهداف الأرواح خروج عن النضال الثوري وتقويض له، وكان إعلان فضيلة المرشد العام في عبارته الموجزة "سلميتنا أقوى من الرصاص" تعبيرًا عن السياسة العامة للجماعة الذي أكده مجلس شورى الجماعة في كل قراراته والتزمت به كل وحدات الجماعة، والتي كان من ثوابتها عدم استهداف الأرواح، وابتكار وسائل مناسبة لتأمين استمرار الحراك الشعبي في المحافظات بالتعاون مع الإخوان والثوار، أما ما تردد من شائعات عن بعض الفعاليات التي تجاوزت الثوابت فكان أغلبها افتراءات يراد بها تشويه الثورة والثوار.
وقد أكدت الجماعة على لسان علمائها وقادتها في الداخل والخارج سلمية منهجها في كثير من البحوث والمقالات والتي اطلعتم عليها حتى أصبحت معلومة للكافة.
الإخوة والأخوات.. لقد أرسلت خطابًا لإخوانكم أعضاء مجلس الشورى ورؤساء المكاتب الإدارية أوضحت فيه الإجراءات الواجب اتباعها مع من يخالف السياسة العامة، وأنتم أيها الإخوان حرَّاس هذه الدعوة تسدُّون منافذ الشيطان بالنصح، ثم تحذير من يخالف أو يحاول أن يلتفَّ على قرارات الجماعة، فالحق أعز علينا من الأشخاص، وسوف نلتزم جميعًا بقرارات التحقيق بعد اعتمادها.. نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزلل، وأن يمضي لنا أعمالنا وتبقى أخوة الإسلام التي توجب علينا إحسان المعاملة والصفح الجميل والتعاون على البر والتقوى.
الإخوة والأخوات.. - على قدر معرفتنا بمنهجنا الإسلامي الشامل وإيماننا به وتقديرنا له يكون بإذن الله نجاحنا في حشد قوى الأمة في هذه الثورة المباركة، وعلى قدر وحدة صفنا والألفة بين قلوبنا يكون بإذن الله تماسك قوى الثورة، فحال رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل. - أننا نتعبد إلى الله بممارسة الشورى بآلياتها الصحيحة مع الالتزام بقراراتها وتطبيقها بطريقة صحيحة، مع التأكيد على أهمية النصيحة فيما بيينا "فالدين النصيحة، قلنا لمن يارسول الله؟ قال: لله ورسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم". - احترام القرارات المتخذة بآليات صحيحة والالتزام بها مع التجرد الكامل للدعوة ومصلحتها والارتباط بالمبادئ لا الأشخاص من أهم عوامل تماسك الجماعة والحفاظ عليها. - أرجو أن ينشغل كل فرد في الصف بمهمته والاجتهاد في إنجازها على أحسن وجه، وألا يشغلنا الحديث عن التصريحات الإعلامية والسياسية، وإنما يشغلنا الواقع العملي وموازنة النتائج وكيفية تعويض ما فات وما قد نكون قصرنا فيه ويكون شعارنا أننا جنود نؤدي دون نظر لأي غرض من أغراض الدنيا، متمثلين (الحباب بن المنذر يوم بدر، وعبدالله بن زيد وقصة الأذان، وسلمان يوم الخندق، وأنس بن النضر يوم أحد، وعبدالله بن رواحة يوم مؤتة).
وإياكم وفساد ذات البين فإنها الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، وإياكم والظن وتتبع العورات فإن الظن أكذب الحديث (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا).
الإخوة والأخوات.. إن أعداء ثورتكم العالميين لا يقلون خطرًا عن أعدائها المحليين (بعضهم أولياء بعض) فما كان لمستبد أو خائن مهما بلغ طغيانه أن يبقى في مكانه إلا بدعم الصهاينة وحلفائهم في الشرق والغرب وفي المقابل فجيل الثورة (بعضهم أولياء بعض)، كما هو في مصر؛ فهو في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
وإن الرعب الذي أصاب الصهاينة وحلفاءهم بانتفاضة القدس لهو خير دليل على أن جيل الثورة يعد لأمر عظيم؛ فانتصار الثورة في مصر هو خطوة نحو تحرير الأقصى والمرابط في الميادين والشوارع هو إن شاء كالمرابط في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
يا رجال العقيدة ويا أصحاب الفكرة.. يا من اختاركم الله من بين ملايين البشر لتكونوا في ميدانكم هذا.. لقد أذهلتم العالم بثباتكم وصمودكم البطولي وتمسككم بالحق الذي أنتم- على رغم كل ما تواجهونه من ابتلاءات ومحن- واثقون في نصر الله عز وجل لكم، لا تؤثر فيكم العواصف، ولا تهزكم الرياح العاتية، وبثباتكم هذا يثبت إخوانكم في الميادين في الداخل والخارج.
فأنتم في ميدانكم وإخوانكم خارج السجون فى ميادينهم تمثلون العقبة الكئود أمام المعتدين على دين الله، ورد كيدهم في نحورهم أمام ثباتٍ وإصرارٍ على مواصلة السير في الطريق الذي سبقنا عليه إخوة لنا ذهبوا إلى ربهم شهداء، لا يعوقنا في مسيرتنا تهديد ولا يفتُّ في عضدنا وعيد؛ لأن طريقنا نور، وعوننا من الله بلا حدود، وثقتنا في نصر الله لهذا الدين، فنحن منصورون في الدنيا قبل الآخرة بإذن الله.
الإخوة والأخوات جميعًا.. ونحن مقبلون على موجة ثورية متجددة ظهر فيها الوعي المتنامي لدي الجماهير، رغم الحملات الإعلامية المضللة التي عمادها الكذب والخداع ومكر الليل والنهار للفساد والإفساد، رغم كل ذلك فقد بدا المعدن الطيب لهذا الشعب.
رفضت جموع الشعب الرشاوى الانتخابية وقاطعت الجماهير الانتخابات البرلمانية، وهذا يزيدنا أملاً في مواصلة الحشد الثوري ببذل التضحيات والصبر على الأذى فإن كل ذلك يقابله التفاف الجماهير حول الثورة.
فابعثوا الأمل وابتكروا الوسائل وأحسنوا التواصل واقبلوا كل مشاركة مهما كانت محدودة، ولا تحقروا من المعروف شيئًا؛ فالباطل زهوق بطبعه، يحمل عوامل زواله في ذاته، فأهل الباطل تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى يملأ الرعب قلوبهم من أي مظهر لالتفاف الشعب حول الثورة، فلم يكن ثوار تونس يحملون سلاحًا عندما هرب بن علي، ولم يكن ثوار التحرير يملكون قوة حينما تنحي مبارك.
أيها الإخوة والأخوات جميعًا.. أخلصوا نياتكم لله عز وجل، فإنَّه مُطَّلع على قلوبكم، وتوشك الأيام أن تمر، ويتحقق وعد الله للمؤمنين، فنسعد جميعًا بنصره في الدنيا وصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم في جنة عرضها السماوات والأرض. (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ). والله أكبر ولله الحمد القائم بأعمال المرشد د. محمود عزت