القمة العربية.. الرئيس السيسي: القضية الفلسطينية لا حياد فيها عن العدل والحق    غدًا.. انطلاق فعاليات الأسبوع التدريبي ال37 بمركز التنمية المحلية في سقارة    الزراعة تستعرض جهود مكافحة الآفات خلال النصف الأول من مايو    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    رئيس جامعة كفر الشيخ يناقش الموازنة في اجتماع لجنة التعليم بمجلس النواب    بريطانيا تتفوق على الصين في حيازة سندات الخزانة الأمريكية خلال مارس الماضي    القمة العربية.. السيسي: الاحتلال اتخذ من "التجويع والحرمان" سلاحًا لزيادة معاناة الشعب الفلسطيني    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    بديل كروس.. قائمة مدججة بالنجوم تحير ريال مدريد    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: الحرارة تقترب من 50 درجة    أمن المنافذ يضبط 38 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    مواعيد وإجراءات التقديم للصف الأول الابتدائي ورياض الأطفال للعام الدراسي 2025/2026    تحت شعار السينما في عصر الذكاء الاصطناعي".. انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية    مؤتمر قصر العيني لجراحة المسالك البولية يحتفي بتراث علمي ممتد منذ 80عامًا    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    افتتاح معرض "حواديت مصرية" في مركز كرمة بن هانئ الإثنين المقبل    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق محل حلويات في السيدة زينب    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    20 نصيحة وقائية و5 إرشادات للاستحمام في حمامات السباحة    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    "من زفّة إلى جنازة".. شقيق يُضحي بحياته لإنقاذ عريس قبل أيام من فرحه في البحيرة    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    كيف وصف نجوم الفن الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال85؟    بث مباشر.. انطلاق أعمال القمة العربية ال 34 بمشاركة الرئيس السيسى    منال سلامة عن الزعيم في عيد ميلاده: " عادل إمام من مدرسة فؤاد المهندس ومدبولي"    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    هل طلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي ملزمون برد «التابلت» بعد الدراسة؟.. الوزارة تجيب    متهمو "خلية داعش الهرم" أمام القضاء اليوم (تفاصيل)    بحضور وزير الصحة.. بدء احتفالية اليوم العالمي للطبيب البيطري    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    مسئول أممي: الأمم المتحدة لديها القدرة لتقديم المساعدات في غزة    لا للتصريح الأمني.. نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 بقانون الصحافة    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    السكة الحديد تعلن مواعيد حجز تذاكر القطارات خلال عطلة عيد الأضحى    متحدث حكومة العراق: فلسطين محور قمة بغداد والزعماء العرب مجمعون على دعم غزة    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    فيفا يحسم قضية بوبيندزا والزمالك    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    محافظ جنوب سيناء يعلن آليات جديدة لتيسير نقل مرضى الغسيل الكلوي    "فن وإبداع".. معرض فني نتاج ورش قصور الثقافة بالمنيا    ريفيرو يبدي إعجابه بثنائي الأهلي.. ويكشف عن رأيه في الشناوي (تفاصيل)    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    "هزيمة الإسماعيلي وفوز تشيلسي".. نتائج مباريات أمس الجمعة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    «أنقذوا الإسماعيلي».. كبير مشجعي الدراويش: أغمي عليا والهبوط بالنسبة لي صدمة عمري    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإخوان" تدعو الثوار إلى إنكار الذات والحوار الجاد بعد سقوط الانقلاب

طالبت جماعة الإخوان في رسالتها الأسبوعية من جميعِ الثوارِ الالتقاءَ بكل وضوحٍ على ما يلي:
1 - الاعتصامُ بحبلِ اللهِ، وإخلاصُ النيَّةِ له، واليقينُ باقترابِ نصرِ اللهِ تعالى للحقِّ، والاهتمامُ مع الحَشْدِ والحِراكِ الثوريِّ على الأرضِ بالدُّعاءِ، وبخاصَّةٍ في جوْفِ اللَّيلِ، وهو سلاحٌ ماضٍ يستعمِلُه الجميعُ، بمن فيهم ذَوُو الأعذارِ من ﴿الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾.

2 –التعاونُ الصَّادِقُ والثِّقةُ المتبادَلةُ وإنكارُ الذَّاتِ بينَ رُفقَاء الثورة، والوَعْيُ الحقيقيُّ لتفادِي كلِّ محاولاتِ الانقلابيِّين التي لنْ تتوقَّفَ لخديعةِ الثورةِ والثوارِ وتفتيتِ صفوفِهم، وإحداث مخططات بديلة مشبوهة، تقفز على الشرعية وحق الشهداء في القصاص وحق الشعب في الحياة وإنفاذ إرادته وكرامته..

3 - التواصُلُ المستَمِرُّ والتنسِيقُ الجيِّدُ في المواقفِ والتحركاتِ بينَ كُلِّ شركاءِ الثورةِ، وتحديدُ الأهدافِ بدِقَّةٍ، والتفاهُمُ في إجراءاتِ تحقيقِها على أرضِ الواقعِ، والتعامُلُ مع أيِّ حقائقَ أو مُشْكلاتٍ في حينِه، بما يحافِظُ على وَهَجِ الثورةِ ووَحْدةِ الهدَف.

4 – اعتزوا بسلميتكم ولا تلتفتوا إلى الانقلابيين الإرهاربيين الذين يسعون بكل ما أوتوا من مكر لجر الثوار إلى العنف، وترك الانقلاب الدموي يتحمل وحده الدماء الطاهرة التي يستهين بسفكها.

5- الحوارُ الجادُّ والعمِيقُ بين رُفقاءِ الثورةِ، لبحْثِ مُستقبلِ الوطنِ بعد سقوط الانقلابِ المؤكَّدِ، وبَلْوَرة رؤيةٍ واضحةٍ ومحددةٍ ومتَّفَقٍ عليها بما يعزز مكتسبات الثورة وإرادة الجماهير ويجمع ولا يفرق.

وقالت الجماعة تحت عنوان "أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ": في ظلِّ معركةٍ شَرِسةٍ تقودُها الثورةُ المضادةُ بقيادةِ الانقلابِ العسكريِّ الدمويِّ وفلول النظامِ المخلوعِ الذي ثارَ عليه شعبُنا العظيمُ، يأبى قادةُ العسكرِ الانقلابيون إلا أنْ يُسْفِروا كلَّ حينٍ عن وجههم الحقيقي، ويأبوْن أنْ يرجعوا عن غَيِّهم وفسادِهم، ويُصِرُّون على السيرِ عكسَ التيارِ وعلى خلافِ كل معاني الوطنيةِ والإنسانية والرُّشْدِ العقليِّ، وبالمخالفةِ لكلِّ دروسِ الماضي والحاضرِ التي أكَّدتْ أنَّ الشعوبَ حين تثورُ فإنها لا تهدأُ حتى تستخلص كرامتَها، وتحققَّ أهدافَها، وتسْحَقَ المصادِرين لحريَّتِها والمتكبِّرين عليها، كائنةً ما كانت التضحياتُ والثمنُ الذي تدفعه لنَيْلِ الحريَّة..في ظلِّ هذا التجبُّرِ الانقلابيِّ والانتشارِ الأهوجِ المتوتِّرِ لعصاباتِ الانقلابِ في طولِ البلادِ وعرضِها، والقتلِ الفاشيِّ بدمٍ باردٍ، والاعتقالاتِ العشوائيةِ المتصاعدةِ؛ وإخلاء حدود البلاد من القوات المسلحة لتملأ الشوارع والميادين؛ إرهابا لأي صوت وطني يفكر في الاعتراض على إهدار دماء الشهداء الأحرار، يأتي الحكم الصادم بتبرئة المخلوع وأركان نظامه الفاسد من قتل ثوار الكرامة، متحديا بشكل صارخ مشاعر جموع الشعب الحر..وفي ظل هذا التحدي الانقلابي والاستعراض الفرعوني للقوة يتساءَلُ البعضُ بإشفاقٍ: كيفَ يمكنُ هزيمةُ الثورة المضادة التي تحرك كلِّ هذه الآلةِ الانقلابية؟ ومَتَى نَصْرُ الله؟.

وتابعت الرسالة تحت عنوان: حِكْمٌ بَالِغَةٌ فِي الْمِحْنَةِ الْكَاشِفَة: يؤكد القرآن العظيم أنَّ هذا التدافعَ قد يطولُ، والمحنةَ قد تشتدُّ؛ لا عَنْ غَفْلةٍ من الحكيمِ الخبير ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾، وإنما يتأخَّرُ الحسْمُ الإلهيُّ لِحِكَمٍ إلهيةٍ بالغةٍ، منها: انكشافُ معادنِ الرِّجال، والتمايزُ في الصفوفِ، ومنها: أن يقف المخدوعون والمغرر بهم على حقائق الأمور، وتنكشف أمامهم كل الحيل الخادعة التي غرهم بها المرجفون المخادعون، ويتبين لهم الصادقون في حبهم لوطنهم والحريصون على أمتهم، والمؤمنون بقيم العدل والحرية والكرامة الإنسانية، الذين يُقَدِّمون أرواحَهم وحياتَهم لله، كما ينكشف المتاجرون بهذه القيم، ولا يبقى لدى العقلاء أدنى شك في تمييز الثائر الحق من مدّعي الثورية الزائفة. وبهذا التمايز تشق الثورة طريقها نحو تحقيق أهدافها على نور وبصيرة.

واستطردت الرسالة: إنَّ المؤمنينَ المجاهِدينَ الصادِقينَ لا يَقِفون كثيرًا عند الضَّعفِ البشريِّ الطارئِ، بل يستمسِكُون بالعُرْوَةِ الوُثْقَى، ويسترِدُّون بغايةِ السرعةِ ثقتَهم بوعْدِ الله وعظيمِ عنايتِه بأوليائِه ومَكْرِه بأعدائِه، كما يسترِدُّونَ ثِقتَهم في أنفسِهم وفي أُمَّتِهم،

وأردفت: سُنَّةُ الله تجرِي بالنصرِ للحقِّ والعدلِ في النهاية، ولكنَّها تجيءُ في مَوْعدِها، لا يُعْجِلُها عن هذا الموعدِ صِدْقُ رغبةِ المخلِصين في إنقاذ قومِهم ولا صِدْقُ تألُّمِهم لما هم فيه من شِقْوَةٍ، ولا ما يتلَقَّوْن من الأذَى والتكذيب والتنكيل، ولا أنَّ المجرمينَ الضالِّينَ والمضِلِّينَ يبالغون في أذاهم، ويسخرون بما ينتظرُهم من دمارٍ وعذابٍ في الدنيا والآخرة؛ فإنَّ اللهَ لا يَعْجَلُ لعَجَلَةِ أحدٍ من خلقِه، ولا مُبَدِّلَ لكلماتِه ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾.

فلنتحقق بأسباب النصر والفلاح، فلْنَثِقْ بوعْدِ اللهِ وبِشَارَتِه، ولْنَسْتَمِرَّ في جهادِنا وإِصْرارِنا على إسقاطِ الانقلابِ الدموي الباطلِ ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾.
نص الرسالة

رسالة الإخوان المسلمين: أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ

انقلاب يسير عكس التيار:
في ظلِّ معركةٍ شَرِسةٍ تقودُها الثورةُ المضادةُ بقيادةِ الانقلابِ العسكريِّ الدمويِّ وفلول النظامِ المخلوعِ الذي ثارَ عليه شعبُنا العظيمُ، يأبى قادةُ العسكرِ الانقلابيون إلا أنْ يُسْفِروا كلَّ حينٍ عن وجههم الحقيقي، ويأبوْن أنْ يرجعوا عن غَيِّهم وفسادِهم، ويُصِرُّون على السيرِ عكسَ التيارِ وعلى خلافِ كل معاني الوطنيةِ والإنسانية والرُّشْدِ العقليِّ، وبالمخالفةِ لكلِّ دروسِ الماضي والحاضرِ التي أكَّدتْ أنَّ الشعوبَ حين تثورُ فإنها لا تهدأُ حتى تستخلص كرامتَها، وتحققَّ أهدافَها، وتسْحَقَ المصادِرين لحريَّتِها والمتكبِّرين عليها، كائنةً ما كانت التضحياتُ والثمنُ الذي تدفعه لنَيْلِ الحريَّة.

في ظلِّ هذا التجبُّرِ الانقلابيِّ والانتشارِ الأهوجِ المتوتِّرِ لعصاباتِ الانقلابِ في طولِ البلادِ وعرضِها، والقتلِ الفاشيِّ بدمٍ باردٍ، والاعتقالاتِ العشوائيةِ المتصاعدةِ؛ وإخلاء حدود البلاد من القوات المسلحة لتملأ الشوارع والميادين؛ إرهابا لأي صوت وطني يفكر في الاعتراض على إهدار دماء الشهداء الأحرار، يأتي الحكم الصادم ببراءة المخلوع وأركان نظامه الفاسد من قتل ثوار الكرامة، متحديا بشكل صارخ مشاعر جموع الشعب الحر.

وفي ظل هذا التحدي الانقلابي والاستعراض الفرعوني للقوة يتساءَلُ البعضُ بإشفاقٍ: كيفَ يمكنُ هزيمةُ الثورة المضادة التي تحرك كلِّ هذه الآلةِ الانقلابية؟ ومَتَى نَصْرُ الله؟.

اللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ:
نقول في البداية: لَوْ شَاءَ اللهُ لَانْتَصَرَ من المجْرِمِينَ بِإِهْلَاكِهِمْ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ لَا جِهَادَ فِيهِ وَلَا عَمَلَ للمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنْ مَضَتْ سُنَّتُهُ بِأَنْ يحْصُلَ التَّدَافُعُ ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾، وما نحنُ فيه الآنَ هو حلقةٌ من حلقاتِ هذا التدافعِ المتكرِّر، الذي لا ينتهِي حتي يرِثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها.

وعاقبةُ هذا التدافُعِ معلومةٌ يقينًا، وهي النصرُ لأهلِ الحقِّ الصابرين على التضحيةِ في سبيلِه ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾، إلى غير ذلك من الآياتِ القاطعةِ بأنَّ نصرَ اللهِ حاصلٌ لا محالةَ للمؤمنين، وأنه وعدٌ من الله للمظلومين ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾.

حِكْمٌ بَالِغَةٌ فِي الْمِحْنَةِ الْكَاشِفَة:
يؤكد القرآن العظيم أنَّ هذا التدافعَ قد يطولُ، والمحنةَ قد تشتدُّ؛ لا عَنْ غَفْلةٍ من الحكيمِ الخبير ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾، وإنما يتأخَّرُ الحسْمُ الإلهيُّ لِحِكَمٍ إلهيةٍ بالغةٍ:

منها: انكشافُ معادنِ الرِّجال، والتمايزُ في الصفوفِ، حيث يتميَّزُ الصادِقُون من الكاذِبِين، والمخلِصُون من الانتهازيِّين، والشُّجعانُ من الجُبَناءِ المتخاذِلين، والمجاهِدُون الحقيقيُّون من المدَّعِين المعَوِّقين الخانِعين الذين يتَّبِعون ما تَشَابَه منْ آياتِ الكتابِ ووقائعِ التاريخِ؛ ابتغاءَ الفتْنةِ وابتغاءَ تأويلِه؛ لتبريرِ نُكُوصِهم وقُعودِهم عن نُصْرةِ الحق، حيث تتساقطُ كلُّ الأقنِعةِ عن الوجوهِ، وتَغْدو المحنةُ خافضةً لقومٍ رافعةً لآخرين، وتكشِفُ الشدَّةُ مَنْ بَكَى ممَّنْ تَبَاكَى ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَة﴾.
ومنها: أن يقف المخدوعون والمغرر بهم على حقائق الأمور، وتنكشف أمامهم كل الحيل الخادعة التي غرهم بها المرجفون المخادعون، ويتبين لهم الصادقون في حبهم لوطنهم والحريصون على أمتهم، والمؤمنون بقيم العدل والحرية والكرامة الإنسانية، الذين يُقَدِّمون أرواحَهم وحياتَهم لله، كما ينكشف المتاجرون بهذه القيم، ولا يبقى لدى العقلاء أدنى شك في تمييز الثائر الحق من مدّعي الثورية الزائفة.
وبهذا التمايز تشق الثورة طريقها نحو تحقيق أهدافها على نور وبصيرة.

صحيح.. ولكنَّ نصرَ اللهِ قريب:
صحيحٌ أنَّ ظواهرَ الأمورِ وموازينَ القُوَى الماديةِ على الأرضِ بين المفسِدين المدَجَّجينَ بأنواعِ الأسلحةِ الشَّرِهين إلى سفكِ الدماءِ، وبين ذَوِي العزائمِ الثائرينَ السلميِّين الحريصينَ على إحقاقِ الحقِّ قد تُحرِّكُ في بعضِ المؤمنينَ دواعِيَ العجَلَةِ التي طَبَع اللهُ الإنسانَ عليها لحسْمِ الأمرِ ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾.
وصحيحٌ أنَّ الضعفَ البشريَّ قد يمرُّ بقلوبهم، نتيجةَ أخطارٍ شديدةٍ مفاجئةٍ لم يتوقَّعُوها ولم يتَحَسَّبُوا لها ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾.
وصحيحٌ أيضًا أن البأْسَاءَ والضَّرَّاءَ قد تشتد وتطول ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾.
كلُّ ذلك صحيحٌ... لكنَّ الصحيحَ أيضًا: أنهم لا يسْألون: متى نصرُ الله؟ شَكًّا في وعْدِ الله؛ بَل طَلَبًا واستِنْجَازًا لِلنَّصْرِ، وهم يُدركِون أنَّ الدعاءَ أحدُ أهمِّ الأسلحةِ في معركةِ الحقِّ والباطل، مِثْلما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، حيث جَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي»، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ.

والصحيحُ أيضًا: أنَّ المؤمنينَ المجاهِدينَ الصادِقينَ لا يَقِفون كثيرًا عند هذه الحالةِ من الضَّعفِ البشريِّ الطارئِ، بل يستمسِكُون بالعُرْوَةِ الوُثْقَى، ويسترِدُّون بغايةِ السرعةِ ثقتَهم بوعْدِ الله وعظيمِ عنايتِه بأوليائِه ومَكْرِه بأعدائِه، كما يسترِدُّونَ ثِقتَهم في أنفسِهم وفي أُمَّتِهم، ويردِّدُون الوعدَ الإلهيَّ الذي جعله اللهُ إجابةً على السؤال: ﴿أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾، ويُدْرِكون يقينًا أنَّ اشتدادَ المحنةِ بَشِيرُ زَوَالِها، ويؤكِّدُ أنَّ بينَهم وبينَ النصرِ مسافةً قريبةً جدًّا، عليهم أنْ يقطعُوها بالصَّبْرِ والثباتِ والتوحُّدِ ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾، فَمَنْ كَانَ أَصْبَرَ كَانَ بِالنَّصْرِ والتَّوْفِيقِ أَجْدَرَ ﴿وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ لِأَنَّ الْمُبْدِّلَ لِكَلِمَاتِ غَيْرِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ قُدْرَتُهُ فَوْقَ قُدْرَتِهِ، وَسُلْطَانُهُ أَعْلَى مِنْ سُلْطَانِهِ، فمَنْ ذا يقدِرُ على تبديلِ كلماتِ الله؟ ﴿وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ ما يصفُ متاعبَ الطريقِ وعقباتِه، ويؤكِّدُ ما ينتظرُ المؤمنينَ بعدَ ذلك كلِّه في نهايةِ الطَّريق.

سُنَّةٌ لا تتَخَلَّف:
إنها سُنَّةُ الله تجرِي بالنصرِ للحقِّ والعدلِ في النهاية، ولكنَّها تجيءُ في مَوْعدِها، لا يُعْجِلُها عن هذا الموعدِ صِدْقُ رغبةِ المخلِصين في إنقاذ قومِهم ولا صِدْقُ تألُّمِهم لما هم فيه من شِقْوَةٍ، ولا ما يتلَقَّوْن من الأذَى والتكذيب والتنكيل، ولا أنَّ المجرمينَ الضالِّينَ والمضِلِّينَ يبالغون في أذاهم، ويسخرون بما ينتظرُهم من دمارٍ وعذابٍ في الدنيا والآخرة؛ فإنَّ اللهَ لا يَعْجَلُ لعَجَلَةِ أحدٍ من خلقِه، ولا مُبَدِّلَ لكلماتِه ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾.
ولاحِظْ أيُّها الثائر الحر أنه سُبحانَه أضافَ النصرَ إلى ذاتِه العلِيَّة بنون العظَمَة، فقال ﴿حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾، وقال ﴿جَاءَهُمْ نَصْرُنَا﴾؛ لتدركَ أنَّ الوعدَ ليس بأيِّ نصرٍ، ولكنْ بنصرٍ كبيرٍ يُناسبُ نون العظمةِ، فلا تهتزَّ إنْ تأخَّرَ قليلًا، حتى لو كان العددُ قليلًا والعُدَّةُ ضعيفةً، طالما انبعثتْ العزائمُ العظيمةُ تنصُرُ الحقَّ وتواجِهُ الباطل، ف ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

تهديد ووعيد متوتر:
يقَرِّر القرآنُ الكريمُ أنَّ رُؤُوسَ الضَّلاَلَةِ حين يَسْتَفِزُّهم صبرُ أهلِ الحقِّ على الأَذَى، واستمساكهم بالحق رغم التضحيات؛ يلْجَؤُون إِلى آخرِ ما لدَيْهم، وهو التَّهْدِيدُ بالقَتْلِ وبِالنَّفْيِ وَالإِخْرَاجِ مِنْ الأرض ﴿لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا﴾ فتحِقُّ عليهم كلمةُ الله بالهلاكِ والخُذلانِ ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾.
وبهذا اليقين يمضي المؤمنون، مستدركين تقصيرهم، متابعين مسارهم، متوجهين إلى ربِّهم بالتوبةِ والاستغفار، موقنين بأنَّ المعركةَ لم تَنْتَهِ بعدُ، بل لا تزالُ فيها جولاتٌ ستنتهِي حتمًا بالنصرِ لأهل الحق ﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ. وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

فلنتحقق بأسباب النصر والفلاح:
فلْنَثِقْ بوعْدِ اللهِ وبِشَارَتِه، ولْنَسْتَمِرَّ في جهادِنا وإِصْرارِنا على إسقاطِ الانقلابِ الدموي الباطلِ ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾.
وهذا يتطلَّبُ من جميعِ الثوارِ الالتقاءَ بكل وضوحٍ على ما يلي:
1 - الاعتصامُ بحبلِ اللهِ، وإخلاصُ النيَّةِ له، واليقينُ باقترابِ نصرِ اللهِ تعالى للحقِّ، والاهتمامُ مع الحَشْدِ والحِراكِ الثوريِّ على الأرضِ بالدُّعاءِ، وبخاصَّةٍ في جوْفِ اللَّيلِ، وهو سلاحٌ ماضٍ يستعمِلُه الجميعُ، بمن فيهم ذَوُو الأعذارِ من ﴿الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾.
2 –التعاونُ الصَّادِقُ والثِّقةُ المتبادَلةُ وإنكارُ الذَّاتِ بينَ رُفقَاء الثورة، والوَعْيُ الحقيقيُّ لتفادِي كلِّ محاولاتِ الانقلابيِّين التي لنْ تتوقَّفَ لخديعةِ الثورةِ والثوارِ وتفتيتِ صفوفِهم، وإحداث مخططات بديلة مشبوهة، تقفز على الشرعية وحق الشهداء في القصاص وحق الشعب في الحياة وإنفاذ إرادته وكرامته..
3 - التواصُلُ المستَمِرُّ والتنسِيقُ الجيِّدُ في المواقفِ والتحركاتِ بينَ كُلِّ شركاءِ الثورةِ، وتحديدُ الأهدافِ بدِقَّةٍ، والتفاهُمُ في إجراءاتِ تحقيقِها على أرضِ الواقعِ، والتعامُلُ مع أيِّ حقائقَ أو مُشْكلاتٍ في حينِه، بما يحافِظُ على وَهَجِ الثورةِ ووَحْدةِ الهدَف.
4 – اعتزوا بسلميتكم ولا تلتفتوا إلى الانقلابيين الإرهاربيين الذين يسعون بكل ما أوتوا من مكر لجر الثوار إلى العنف، وترك الانقلاب الدموي يتحمل وحده الدماء الطاهرة التي يستهين بسفكها،
5- الحوارُ الجادُّ والعمِيقُ بين رُفقاءِ الثورةِ، لبحْثِ مُستقبلِ الوطنِ بعد سقوط الانقلابِ المؤكَّدِ، وبَلْوَرة رؤيةٍ واضحةٍ ومحددةٍ ومتَّفَقٍ عليها بما يعزز مكتسبات الثورة وإرادة الجماهير ويجمع ولا يفرق .
وأخيرا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون

الإخوان المسلمون
الأربعاء 11 صفر 1436 ه 3 ديسمبر 2014م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.