استمرار توافد الأطباء على مقر النقابة بدار الحكمة للتصويت بانتخابات التجديد النصفي    الأسعار في مصر لا تعرف طريق الانخفاض    الجيش التركي يتخذ قرارًا جديدًا بشأن غزة    مدافع منتخب إنجلترا يعلن جاهزيته للمشاركة في المباريات رغم كسر يده    القبض على 3 طلاب تسببوا فى تفحم 6 سيارات بالتجمع    تفاصيل أسعار تذاكر دخول المتحف المصري الكبير قبل الإغلاق المؤقت    "جمعية الخبراء" تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    على رأسهم مصر.. جميع المتأهلون لكأس العالم 2026    حبس المتهم بقتل تاجر عسل بسبب خلافات مالية 4 أيام على ذمة التحقيقات    العثور على جثة سيدة مصابة ب3 طعنات داخل الملاحات بالإسكندرية    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    سعر الحديد اليوم الجمعة 10-10-2025.. الطن يسجل 40 ألف جنيه    إعلام إسرائيلى: الحكومة ستجرى تصويتا هاتفيا على استبدال أسماء 10 أسرى فلسطينيين    تغييرات بالجملة فى تشكيل منتخب مصر أمام غينيا بيساو    تشغيل وحدتى الحروق المتكاملة والمناظير والجهاز الهضمى بمجمع الأقصر الطبى    انقطاع المياه 6 ساعات في الهرم وفيصل بالجيزة    وزير الزراعة يؤكد دعم مصر الدائم للأشقاء بالقارة السمراء    وزيرة التنمية المحلية والبيئة تشارك فى الجلسة غير الرسمية لتبادل الآراء والرؤى حول مستقبل الاتحاد الدولي لصون الطبيعة    بالرابط.. موعد تلقي طلبات الوحدات البديلة لأصحاب الإيجار القديم عبر «المنصة الرقمية»    إدراج 36 جامعة مصرية في تصنيف التايمز العالمي لعام 2026    الداخلية تكشف حقيقة صور تعاطي المخدرات والتحرش بالفتيات في الدقهلية    الداخلية تكشف ملابسات حريق سيارات داخل مجمع سكني بالقاهرة    لليوم الثالث.. لجان تلقي أوراق انتخابات مجلس النواب تستقبل طالبي الترشح    فتح معبر كرم أبوسالم لإدخال قافلة المساعدات ال 48    فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام 2025    منة شلبي وكريم فهمي يحققان 7 ملايين جنيه خلال يومي عرض بفيلم «هيبتا 2»    فضل شاكر 13 عاما من الغياب والجدل.. حكومة لبنان تعلق على محاكمته    إقبال ملحوظ في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية ببنها    «صحة الشرقية»: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن مبادرة «علاج أمراض سوء التغذية»    4 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي للحكومة ورسائل رئاسية مطمئنة للمصريين    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة....تعرف عليها    مساجد المنيا تستعد لصلاة الجمعة اليوم وسط التزام بالإجراءات الدينية والخدمية    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    جهود فنية في الجنوب.. مهرجان المنيا الدولي للمسرح يعلن اختيار 20 عرضًا ب دورته الثالثة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة قنا    «دعاء يوم الجمعة» لتفريج الهم وتيسير الحال وسعة الرزق .. كلمات تريح البال وتشرح الصدر    المغرب تضرب موعدا مع الولايات المتحدة فى ربع نهائى مونديال الشباب.. فيديو    عاجل - تصاعد التوتر في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النار: غازة إسرائيلية عنيفة في خان يونس    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    رمضان 2026 في شهر كام ؟ موعد غرة الشهر الكريم وعدد أيامه    رسميًا..موعد العمل بالتوقيت الشتوي 2025 وتغيير الساعة في مصر    «مكنتش أتمنى يمشوا».. وليد صلاح الدين: «زعلت بسبب ثنائي الزمالك»    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    طولان يقرر عودة ثنائي منتخب مصر الثاني إلى القاهرة بعد تعرضهما للإصابة    كريم فهمي يحسم الجدل: "ياسمين عبد العزيز صديقتي.. وتشرفني أي مشاركة معاها"    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    خليل الحية: غزة تصنع المعجزات وتؤكد أنها محرمة على أعدائها    تحويلات مرورية لتنفيذ أعمال إنشائية خاصة بمشروع المونوريل بالجيزة    «زي النهارده» في 10 أكتوبر 2009 .. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد    ما بيحبوش الزحمة.. 4 أبراج بتكره الدوشة والصوت العالي    «أي هبد».. وليد صلاح الدين يهاجم نجمًا شهيرًا: «ناس عايزة تسترزق»    خوفاً من السنوار.. لماذا صوت بن جفير ضد قرار انتهاء الحرب في غزة؟    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع يانيك فيريرا فى الزمالك بحضور جون إدوارد    عشان تحافظي عليها.. طريقة تنظيف المكواة من الرواسب    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    نصائح للأمهات، طرق المذاكرة بهدوء لابنك العنيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإخوان" تدعو الثوار إلى إنكار الذات والحوار الجاد بعد سقوط الانقلاب

طالبت جماعة الإخوان في رسالتها الأسبوعية من جميعِ الثوارِ الالتقاءَ بكل وضوحٍ على ما يلي:
1 - الاعتصامُ بحبلِ اللهِ، وإخلاصُ النيَّةِ له، واليقينُ باقترابِ نصرِ اللهِ تعالى للحقِّ، والاهتمامُ مع الحَشْدِ والحِراكِ الثوريِّ على الأرضِ بالدُّعاءِ، وبخاصَّةٍ في جوْفِ اللَّيلِ، وهو سلاحٌ ماضٍ يستعمِلُه الجميعُ، بمن فيهم ذَوُو الأعذارِ من ﴿الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾.

2 –التعاونُ الصَّادِقُ والثِّقةُ المتبادَلةُ وإنكارُ الذَّاتِ بينَ رُفقَاء الثورة، والوَعْيُ الحقيقيُّ لتفادِي كلِّ محاولاتِ الانقلابيِّين التي لنْ تتوقَّفَ لخديعةِ الثورةِ والثوارِ وتفتيتِ صفوفِهم، وإحداث مخططات بديلة مشبوهة، تقفز على الشرعية وحق الشهداء في القصاص وحق الشعب في الحياة وإنفاذ إرادته وكرامته..

3 - التواصُلُ المستَمِرُّ والتنسِيقُ الجيِّدُ في المواقفِ والتحركاتِ بينَ كُلِّ شركاءِ الثورةِ، وتحديدُ الأهدافِ بدِقَّةٍ، والتفاهُمُ في إجراءاتِ تحقيقِها على أرضِ الواقعِ، والتعامُلُ مع أيِّ حقائقَ أو مُشْكلاتٍ في حينِه، بما يحافِظُ على وَهَجِ الثورةِ ووَحْدةِ الهدَف.

4 – اعتزوا بسلميتكم ولا تلتفتوا إلى الانقلابيين الإرهاربيين الذين يسعون بكل ما أوتوا من مكر لجر الثوار إلى العنف، وترك الانقلاب الدموي يتحمل وحده الدماء الطاهرة التي يستهين بسفكها.

5- الحوارُ الجادُّ والعمِيقُ بين رُفقاءِ الثورةِ، لبحْثِ مُستقبلِ الوطنِ بعد سقوط الانقلابِ المؤكَّدِ، وبَلْوَرة رؤيةٍ واضحةٍ ومحددةٍ ومتَّفَقٍ عليها بما يعزز مكتسبات الثورة وإرادة الجماهير ويجمع ولا يفرق.

وقالت الجماعة تحت عنوان "أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ": في ظلِّ معركةٍ شَرِسةٍ تقودُها الثورةُ المضادةُ بقيادةِ الانقلابِ العسكريِّ الدمويِّ وفلول النظامِ المخلوعِ الذي ثارَ عليه شعبُنا العظيمُ، يأبى قادةُ العسكرِ الانقلابيون إلا أنْ يُسْفِروا كلَّ حينٍ عن وجههم الحقيقي، ويأبوْن أنْ يرجعوا عن غَيِّهم وفسادِهم، ويُصِرُّون على السيرِ عكسَ التيارِ وعلى خلافِ كل معاني الوطنيةِ والإنسانية والرُّشْدِ العقليِّ، وبالمخالفةِ لكلِّ دروسِ الماضي والحاضرِ التي أكَّدتْ أنَّ الشعوبَ حين تثورُ فإنها لا تهدأُ حتى تستخلص كرامتَها، وتحققَّ أهدافَها، وتسْحَقَ المصادِرين لحريَّتِها والمتكبِّرين عليها، كائنةً ما كانت التضحياتُ والثمنُ الذي تدفعه لنَيْلِ الحريَّة..في ظلِّ هذا التجبُّرِ الانقلابيِّ والانتشارِ الأهوجِ المتوتِّرِ لعصاباتِ الانقلابِ في طولِ البلادِ وعرضِها، والقتلِ الفاشيِّ بدمٍ باردٍ، والاعتقالاتِ العشوائيةِ المتصاعدةِ؛ وإخلاء حدود البلاد من القوات المسلحة لتملأ الشوارع والميادين؛ إرهابا لأي صوت وطني يفكر في الاعتراض على إهدار دماء الشهداء الأحرار، يأتي الحكم الصادم بتبرئة المخلوع وأركان نظامه الفاسد من قتل ثوار الكرامة، متحديا بشكل صارخ مشاعر جموع الشعب الحر..وفي ظل هذا التحدي الانقلابي والاستعراض الفرعوني للقوة يتساءَلُ البعضُ بإشفاقٍ: كيفَ يمكنُ هزيمةُ الثورة المضادة التي تحرك كلِّ هذه الآلةِ الانقلابية؟ ومَتَى نَصْرُ الله؟.

وتابعت الرسالة تحت عنوان: حِكْمٌ بَالِغَةٌ فِي الْمِحْنَةِ الْكَاشِفَة: يؤكد القرآن العظيم أنَّ هذا التدافعَ قد يطولُ، والمحنةَ قد تشتدُّ؛ لا عَنْ غَفْلةٍ من الحكيمِ الخبير ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾، وإنما يتأخَّرُ الحسْمُ الإلهيُّ لِحِكَمٍ إلهيةٍ بالغةٍ، منها: انكشافُ معادنِ الرِّجال، والتمايزُ في الصفوفِ، ومنها: أن يقف المخدوعون والمغرر بهم على حقائق الأمور، وتنكشف أمامهم كل الحيل الخادعة التي غرهم بها المرجفون المخادعون، ويتبين لهم الصادقون في حبهم لوطنهم والحريصون على أمتهم، والمؤمنون بقيم العدل والحرية والكرامة الإنسانية، الذين يُقَدِّمون أرواحَهم وحياتَهم لله، كما ينكشف المتاجرون بهذه القيم، ولا يبقى لدى العقلاء أدنى شك في تمييز الثائر الحق من مدّعي الثورية الزائفة. وبهذا التمايز تشق الثورة طريقها نحو تحقيق أهدافها على نور وبصيرة.

واستطردت الرسالة: إنَّ المؤمنينَ المجاهِدينَ الصادِقينَ لا يَقِفون كثيرًا عند الضَّعفِ البشريِّ الطارئِ، بل يستمسِكُون بالعُرْوَةِ الوُثْقَى، ويسترِدُّون بغايةِ السرعةِ ثقتَهم بوعْدِ الله وعظيمِ عنايتِه بأوليائِه ومَكْرِه بأعدائِه، كما يسترِدُّونَ ثِقتَهم في أنفسِهم وفي أُمَّتِهم،

وأردفت: سُنَّةُ الله تجرِي بالنصرِ للحقِّ والعدلِ في النهاية، ولكنَّها تجيءُ في مَوْعدِها، لا يُعْجِلُها عن هذا الموعدِ صِدْقُ رغبةِ المخلِصين في إنقاذ قومِهم ولا صِدْقُ تألُّمِهم لما هم فيه من شِقْوَةٍ، ولا ما يتلَقَّوْن من الأذَى والتكذيب والتنكيل، ولا أنَّ المجرمينَ الضالِّينَ والمضِلِّينَ يبالغون في أذاهم، ويسخرون بما ينتظرُهم من دمارٍ وعذابٍ في الدنيا والآخرة؛ فإنَّ اللهَ لا يَعْجَلُ لعَجَلَةِ أحدٍ من خلقِه، ولا مُبَدِّلَ لكلماتِه ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾.

فلنتحقق بأسباب النصر والفلاح، فلْنَثِقْ بوعْدِ اللهِ وبِشَارَتِه، ولْنَسْتَمِرَّ في جهادِنا وإِصْرارِنا على إسقاطِ الانقلابِ الدموي الباطلِ ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾.
نص الرسالة

رسالة الإخوان المسلمين: أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ

انقلاب يسير عكس التيار:
في ظلِّ معركةٍ شَرِسةٍ تقودُها الثورةُ المضادةُ بقيادةِ الانقلابِ العسكريِّ الدمويِّ وفلول النظامِ المخلوعِ الذي ثارَ عليه شعبُنا العظيمُ، يأبى قادةُ العسكرِ الانقلابيون إلا أنْ يُسْفِروا كلَّ حينٍ عن وجههم الحقيقي، ويأبوْن أنْ يرجعوا عن غَيِّهم وفسادِهم، ويُصِرُّون على السيرِ عكسَ التيارِ وعلى خلافِ كل معاني الوطنيةِ والإنسانية والرُّشْدِ العقليِّ، وبالمخالفةِ لكلِّ دروسِ الماضي والحاضرِ التي أكَّدتْ أنَّ الشعوبَ حين تثورُ فإنها لا تهدأُ حتى تستخلص كرامتَها، وتحققَّ أهدافَها، وتسْحَقَ المصادِرين لحريَّتِها والمتكبِّرين عليها، كائنةً ما كانت التضحياتُ والثمنُ الذي تدفعه لنَيْلِ الحريَّة.

في ظلِّ هذا التجبُّرِ الانقلابيِّ والانتشارِ الأهوجِ المتوتِّرِ لعصاباتِ الانقلابِ في طولِ البلادِ وعرضِها، والقتلِ الفاشيِّ بدمٍ باردٍ، والاعتقالاتِ العشوائيةِ المتصاعدةِ؛ وإخلاء حدود البلاد من القوات المسلحة لتملأ الشوارع والميادين؛ إرهابا لأي صوت وطني يفكر في الاعتراض على إهدار دماء الشهداء الأحرار، يأتي الحكم الصادم ببراءة المخلوع وأركان نظامه الفاسد من قتل ثوار الكرامة، متحديا بشكل صارخ مشاعر جموع الشعب الحر.

وفي ظل هذا التحدي الانقلابي والاستعراض الفرعوني للقوة يتساءَلُ البعضُ بإشفاقٍ: كيفَ يمكنُ هزيمةُ الثورة المضادة التي تحرك كلِّ هذه الآلةِ الانقلابية؟ ومَتَى نَصْرُ الله؟.

اللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ:
نقول في البداية: لَوْ شَاءَ اللهُ لَانْتَصَرَ من المجْرِمِينَ بِإِهْلَاكِهِمْ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ لَا جِهَادَ فِيهِ وَلَا عَمَلَ للمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنْ مَضَتْ سُنَّتُهُ بِأَنْ يحْصُلَ التَّدَافُعُ ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾، وما نحنُ فيه الآنَ هو حلقةٌ من حلقاتِ هذا التدافعِ المتكرِّر، الذي لا ينتهِي حتي يرِثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها.

وعاقبةُ هذا التدافُعِ معلومةٌ يقينًا، وهي النصرُ لأهلِ الحقِّ الصابرين على التضحيةِ في سبيلِه ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾، إلى غير ذلك من الآياتِ القاطعةِ بأنَّ نصرَ اللهِ حاصلٌ لا محالةَ للمؤمنين، وأنه وعدٌ من الله للمظلومين ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾.

حِكْمٌ بَالِغَةٌ فِي الْمِحْنَةِ الْكَاشِفَة:
يؤكد القرآن العظيم أنَّ هذا التدافعَ قد يطولُ، والمحنةَ قد تشتدُّ؛ لا عَنْ غَفْلةٍ من الحكيمِ الخبير ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾، وإنما يتأخَّرُ الحسْمُ الإلهيُّ لِحِكَمٍ إلهيةٍ بالغةٍ:

منها: انكشافُ معادنِ الرِّجال، والتمايزُ في الصفوفِ، حيث يتميَّزُ الصادِقُون من الكاذِبِين، والمخلِصُون من الانتهازيِّين، والشُّجعانُ من الجُبَناءِ المتخاذِلين، والمجاهِدُون الحقيقيُّون من المدَّعِين المعَوِّقين الخانِعين الذين يتَّبِعون ما تَشَابَه منْ آياتِ الكتابِ ووقائعِ التاريخِ؛ ابتغاءَ الفتْنةِ وابتغاءَ تأويلِه؛ لتبريرِ نُكُوصِهم وقُعودِهم عن نُصْرةِ الحق، حيث تتساقطُ كلُّ الأقنِعةِ عن الوجوهِ، وتَغْدو المحنةُ خافضةً لقومٍ رافعةً لآخرين، وتكشِفُ الشدَّةُ مَنْ بَكَى ممَّنْ تَبَاكَى ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَة﴾.
ومنها: أن يقف المخدوعون والمغرر بهم على حقائق الأمور، وتنكشف أمامهم كل الحيل الخادعة التي غرهم بها المرجفون المخادعون، ويتبين لهم الصادقون في حبهم لوطنهم والحريصون على أمتهم، والمؤمنون بقيم العدل والحرية والكرامة الإنسانية، الذين يُقَدِّمون أرواحَهم وحياتَهم لله، كما ينكشف المتاجرون بهذه القيم، ولا يبقى لدى العقلاء أدنى شك في تمييز الثائر الحق من مدّعي الثورية الزائفة.
وبهذا التمايز تشق الثورة طريقها نحو تحقيق أهدافها على نور وبصيرة.

صحيح.. ولكنَّ نصرَ اللهِ قريب:
صحيحٌ أنَّ ظواهرَ الأمورِ وموازينَ القُوَى الماديةِ على الأرضِ بين المفسِدين المدَجَّجينَ بأنواعِ الأسلحةِ الشَّرِهين إلى سفكِ الدماءِ، وبين ذَوِي العزائمِ الثائرينَ السلميِّين الحريصينَ على إحقاقِ الحقِّ قد تُحرِّكُ في بعضِ المؤمنينَ دواعِيَ العجَلَةِ التي طَبَع اللهُ الإنسانَ عليها لحسْمِ الأمرِ ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾.
وصحيحٌ أنَّ الضعفَ البشريَّ قد يمرُّ بقلوبهم، نتيجةَ أخطارٍ شديدةٍ مفاجئةٍ لم يتوقَّعُوها ولم يتَحَسَّبُوا لها ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾.
وصحيحٌ أيضًا أن البأْسَاءَ والضَّرَّاءَ قد تشتد وتطول ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾.
كلُّ ذلك صحيحٌ... لكنَّ الصحيحَ أيضًا: أنهم لا يسْألون: متى نصرُ الله؟ شَكًّا في وعْدِ الله؛ بَل طَلَبًا واستِنْجَازًا لِلنَّصْرِ، وهم يُدركِون أنَّ الدعاءَ أحدُ أهمِّ الأسلحةِ في معركةِ الحقِّ والباطل، مِثْلما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، حيث جَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي»، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ.

والصحيحُ أيضًا: أنَّ المؤمنينَ المجاهِدينَ الصادِقينَ لا يَقِفون كثيرًا عند هذه الحالةِ من الضَّعفِ البشريِّ الطارئِ، بل يستمسِكُون بالعُرْوَةِ الوُثْقَى، ويسترِدُّون بغايةِ السرعةِ ثقتَهم بوعْدِ الله وعظيمِ عنايتِه بأوليائِه ومَكْرِه بأعدائِه، كما يسترِدُّونَ ثِقتَهم في أنفسِهم وفي أُمَّتِهم، ويردِّدُون الوعدَ الإلهيَّ الذي جعله اللهُ إجابةً على السؤال: ﴿أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾، ويُدْرِكون يقينًا أنَّ اشتدادَ المحنةِ بَشِيرُ زَوَالِها، ويؤكِّدُ أنَّ بينَهم وبينَ النصرِ مسافةً قريبةً جدًّا، عليهم أنْ يقطعُوها بالصَّبْرِ والثباتِ والتوحُّدِ ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾، فَمَنْ كَانَ أَصْبَرَ كَانَ بِالنَّصْرِ والتَّوْفِيقِ أَجْدَرَ ﴿وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ لِأَنَّ الْمُبْدِّلَ لِكَلِمَاتِ غَيْرِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ قُدْرَتُهُ فَوْقَ قُدْرَتِهِ، وَسُلْطَانُهُ أَعْلَى مِنْ سُلْطَانِهِ، فمَنْ ذا يقدِرُ على تبديلِ كلماتِ الله؟ ﴿وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ ما يصفُ متاعبَ الطريقِ وعقباتِه، ويؤكِّدُ ما ينتظرُ المؤمنينَ بعدَ ذلك كلِّه في نهايةِ الطَّريق.

سُنَّةٌ لا تتَخَلَّف:
إنها سُنَّةُ الله تجرِي بالنصرِ للحقِّ والعدلِ في النهاية، ولكنَّها تجيءُ في مَوْعدِها، لا يُعْجِلُها عن هذا الموعدِ صِدْقُ رغبةِ المخلِصين في إنقاذ قومِهم ولا صِدْقُ تألُّمِهم لما هم فيه من شِقْوَةٍ، ولا ما يتلَقَّوْن من الأذَى والتكذيب والتنكيل، ولا أنَّ المجرمينَ الضالِّينَ والمضِلِّينَ يبالغون في أذاهم، ويسخرون بما ينتظرُهم من دمارٍ وعذابٍ في الدنيا والآخرة؛ فإنَّ اللهَ لا يَعْجَلُ لعَجَلَةِ أحدٍ من خلقِه، ولا مُبَدِّلَ لكلماتِه ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾.
ولاحِظْ أيُّها الثائر الحر أنه سُبحانَه أضافَ النصرَ إلى ذاتِه العلِيَّة بنون العظَمَة، فقال ﴿حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾، وقال ﴿جَاءَهُمْ نَصْرُنَا﴾؛ لتدركَ أنَّ الوعدَ ليس بأيِّ نصرٍ، ولكنْ بنصرٍ كبيرٍ يُناسبُ نون العظمةِ، فلا تهتزَّ إنْ تأخَّرَ قليلًا، حتى لو كان العددُ قليلًا والعُدَّةُ ضعيفةً، طالما انبعثتْ العزائمُ العظيمةُ تنصُرُ الحقَّ وتواجِهُ الباطل، ف ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

تهديد ووعيد متوتر:
يقَرِّر القرآنُ الكريمُ أنَّ رُؤُوسَ الضَّلاَلَةِ حين يَسْتَفِزُّهم صبرُ أهلِ الحقِّ على الأَذَى، واستمساكهم بالحق رغم التضحيات؛ يلْجَؤُون إِلى آخرِ ما لدَيْهم، وهو التَّهْدِيدُ بالقَتْلِ وبِالنَّفْيِ وَالإِخْرَاجِ مِنْ الأرض ﴿لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا﴾ فتحِقُّ عليهم كلمةُ الله بالهلاكِ والخُذلانِ ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾.
وبهذا اليقين يمضي المؤمنون، مستدركين تقصيرهم، متابعين مسارهم، متوجهين إلى ربِّهم بالتوبةِ والاستغفار، موقنين بأنَّ المعركةَ لم تَنْتَهِ بعدُ، بل لا تزالُ فيها جولاتٌ ستنتهِي حتمًا بالنصرِ لأهل الحق ﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ. وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

فلنتحقق بأسباب النصر والفلاح:
فلْنَثِقْ بوعْدِ اللهِ وبِشَارَتِه، ولْنَسْتَمِرَّ في جهادِنا وإِصْرارِنا على إسقاطِ الانقلابِ الدموي الباطلِ ﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾.
وهذا يتطلَّبُ من جميعِ الثوارِ الالتقاءَ بكل وضوحٍ على ما يلي:
1 - الاعتصامُ بحبلِ اللهِ، وإخلاصُ النيَّةِ له، واليقينُ باقترابِ نصرِ اللهِ تعالى للحقِّ، والاهتمامُ مع الحَشْدِ والحِراكِ الثوريِّ على الأرضِ بالدُّعاءِ، وبخاصَّةٍ في جوْفِ اللَّيلِ، وهو سلاحٌ ماضٍ يستعمِلُه الجميعُ، بمن فيهم ذَوُو الأعذارِ من ﴿الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾.
2 –التعاونُ الصَّادِقُ والثِّقةُ المتبادَلةُ وإنكارُ الذَّاتِ بينَ رُفقَاء الثورة، والوَعْيُ الحقيقيُّ لتفادِي كلِّ محاولاتِ الانقلابيِّين التي لنْ تتوقَّفَ لخديعةِ الثورةِ والثوارِ وتفتيتِ صفوفِهم، وإحداث مخططات بديلة مشبوهة، تقفز على الشرعية وحق الشهداء في القصاص وحق الشعب في الحياة وإنفاذ إرادته وكرامته..
3 - التواصُلُ المستَمِرُّ والتنسِيقُ الجيِّدُ في المواقفِ والتحركاتِ بينَ كُلِّ شركاءِ الثورةِ، وتحديدُ الأهدافِ بدِقَّةٍ، والتفاهُمُ في إجراءاتِ تحقيقِها على أرضِ الواقعِ، والتعامُلُ مع أيِّ حقائقَ أو مُشْكلاتٍ في حينِه، بما يحافِظُ على وَهَجِ الثورةِ ووَحْدةِ الهدَف.
4 – اعتزوا بسلميتكم ولا تلتفتوا إلى الانقلابيين الإرهاربيين الذين يسعون بكل ما أوتوا من مكر لجر الثوار إلى العنف، وترك الانقلاب الدموي يتحمل وحده الدماء الطاهرة التي يستهين بسفكها،
5- الحوارُ الجادُّ والعمِيقُ بين رُفقاءِ الثورةِ، لبحْثِ مُستقبلِ الوطنِ بعد سقوط الانقلابِ المؤكَّدِ، وبَلْوَرة رؤيةٍ واضحةٍ ومحددةٍ ومتَّفَقٍ عليها بما يعزز مكتسبات الثورة وإرادة الجماهير ويجمع ولا يفرق .
وأخيرا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون

الإخوان المسلمون
الأربعاء 11 صفر 1436 ه 3 ديسمبر 2014م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.