أكد وزير الري الأسبق الدكتور محمد نصر علام، أن التعتيم الشديد من قبل مصر حول اجتماعات "سد النهضة" الإثيوبي الذي اختتم السبت بفشل كان متوقعا في الجولة التاسعة، وأكد فشل كافة المفاوضات حول السد، خاصة وأن "أديس أبابا" نجحت فيما يقرب من أكثر من 60% من بناء السد، وأن المباحثات لن تنتهي إلى شيء جديد. وقال علام بحسب "العربى الجديد" إن إلغاء المؤتمر الصحفي المشترك في ختام الجولة التاسعة لاجتماع الوزراء الثلاثة يؤكد أن مصر بدأت من"المربع الصفر" بخصوص السد، وهو ما سيتيح للجانب الإثيوبي المراوغة باستكمال المشروع، يؤكد أن الأمور تسير في الاتجاه العكسي، خاصة وأن مصر تتحرك في 3 نقاط هي التمسك بحصة مصر التاريخية في مياه النيل، وعدم قيام مكتب واحد بتنفيذ الدراسات، وأن ما يتم إنجازه في بناء سد النهضة يسبق سير المفاوضات وهو ما ترفضه إثيوبيا. وأضاف "علام" أن هذا الاجتماع يؤكد أن مصر فشلت في إدارة ملف "سد النهضة" وهذا يعكس ضعف الحنكة السياسية لإدارة الملفات ذات الحساسية الهامة، منوهاً أن إثيوبيا تقوم حالياً وفي تعتيم شديد الكارثة بإنشاء 5 سدود جديدة على النيل في غفلة من الجميع، وتابع قائلاً: هناك انبطاح مصري شديد أمام المفاوض الإثيوبي سيؤدي إلى عواقب وخيمة لا يستطيع تخيلها المسؤولون الحاليون لأنهم ليسوا على دراية كافية أن يتخيلوا المستقبل وتأثير السد على مصر، لأنهم لو تخيلوا ذلك لن يستطيعوا أن يناموا. وقال إن توقيع مصر على وثيقة سد النهضة المعروفة ب"إعلان المبادئ" خطأ استراتيجي، اعترفت فيه مصر بسد النهضة، وبحقها في استخدام مياه النيل الأزرق والنيل الرئيسي، وهو ما يعني الاعتراف بحصة مائية لإثيوبيا خصمًا من حصة مصر والسودان، وفي نفس الوقت أعطينا لإثيوبيا اليد العليا في إقرار ما تريد فعله في مياه السد، واستخدام هذه المياه في أغراض مختلفة، مثل الصناعة والشرب والزراعة، بعد أن كانت كل ما تطالب به هو استخدام السد في توليد الكهرباء فقط، في المقابل لم تحصل مصر على أي مكاسب. وأضاف الوزير السابق أن "إعلان المبادئ" لم يتطرق إلى عدم بناء أي سدود جديدة على النيل الأزرق، وإلى سعة وحجم السد محل الخلاف مع أديس أبابا، فالسعة التخزينية للسد التي تصل إلى 74 مليار متر مكعب تمثل كارثة لمصر، لأنها ستؤثر على حصتها المائية، وتساعد على تبوير آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية، فضلاً عن التأثير على الكهرباء المتولدة من السد العالي، لافتاً إلى أن الدراسات العلمية أكدت أن السد الأصغر يستطيع توليد نفس كمية كهرباء السد الضخم بتكلفة أقل كثيرًا لكن هناك تعنتا كبيرا من جانب إثيوبيا واستمرار في عمليات البناء، مشيراً إلى أن المفاوضات حول بناء السد وصلت إلى 15 شهرا بدون أي جديد، والتعاقد مع المكتب الاستشاري الهولندي باءت بالفشل الذي سيقوم بإجراء الدراسات على سد النهضة لقياس تأثيره على دولتي المصب مصر والسودان، وفي الغالب سيتم طرح الدراسات لمكاتب استشارية أخرى تستهلك 6 أشهر أخرى. وتوقع الوزير المصري السابق أن تقوم إثيوبيا برفض أي مفاوضات إيجابية مع مصر بشأن السد ، الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى تصاعد الأزمة بين البلدين، كما توقع "علام" أن تلجأ مصر إلى مجلس الأمن وتقديم شكوى بأن السد سيؤثر على السلام والأمن الإقليميين بحوض النيل، وأنها تخشى من تداعياته، مؤكداً أن الوضع المائي في مصر سيصبح هشاً مع استكمال السد؛ فنصيب مصر من المياه ثابت منذ عام 1952 وهو 55,5 مليار متر مكعب، وزاد عدد السكان من 26 مليونا إلى 90 مليونا، والمساحة الزراعية زادت من 5,5 ملايين فدان إلى 9 ملايين فدان، وهناك توسعات هائلة في مجال الصناعة، وزيادة كبيرة في مياه الشرب، وأن بناء السد سيؤدي إلى تدهور الحياة وزيادة الفجوة الغذائية وتدهور في الرقعة الزراعية. من جانبه طالب الخبير المائي، نادر نور الدين، حكومة الانقلاب العسكري بمصارحة الشعب المصري بحقيقة فشلها الذريع في إدارة ملف سد النهضة الأثيوبي وإعلان حالة الطوارئ المائية بسبب التهديدات الحقيقية التي ستجدها مصر في السنوات القادمة جراء العطش والجفاف. وأكد الخبير المائي، خلال مداخلة هاتفية بفضائية انقلابية، أن الإستراتيجية المصرية خلال تعاملها مع ملف سد النهضة "غير محددة وعبثية"، مؤكدا أن أولى الخطوات التي يجب أن تتخذها مصر هي ضمان حصة مصر من المياه. وأكد أنه "ما كان ينبغي أن ينتهي العمل في سد النهضة قبل أن تطمأن مصر على حصتها من المياه"، لافتًا إلى أن ما يجري الآن من مفاوضات لا تليق بمكانة مصر في أفريقيا". وختم بقوله: إنه "إذا كانت أثيوبيا صادقة في مقوله "السد لن يضر مصر"، فليتم عمل معاهدة جديدة لتقسيم المياه تضم فيها أثيوبيا بعدم المساس بحصة مصر".