أثار مشهد الطفل السوري الغارق قبالة السواحل السورية "إيلان عبد الله" حالة من الاستياء الشديد بمختلف دول العالم، وتلقي والد الطفل على إثر هذه الفاجعة العديد من الطلبات للحصول على جنسية عدد من دول العالم!. اللافت أن العالم الذي آلمته صورة الطفل السوري الغريق متورط بصورة مباشرة أو غير مباشرة في معاناة أبناء الوطن العربي في سوريا ومصر واليمن من خلال دعم الديكتاتوريين العرب بالسلاح والعتاد، فضلا عن الدعم المعنوي والصمت على جرائمهم بدعوى الحاجة إليهم في محاربة الإرهاب.
حالة الطفل البريء "إيلان" لم تكن الأولى من نوعها بالدول العربية التي يحكمها ديكتاتوريين يقتلون ويحرقون ويعتقلون الآلاف من أبناء وطنهم في سبيل الاستمرار في الحكم، كما يحدث في سوريا ومصر واليمن والتي تشهد يوميًّا موت العشرات من الشباب والأطفال والنساء والعواجيز "غرقًا في البحار" خلال محاولاتهم الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوربية هربًا من جحيم القمع والفقر وتردي الأوضاع المعيشية وانسداد الأفق السياسي.
في شهر أكتوبر 2013 - بعد الانقلاب العسكري بعدة أشهر - لقي 12 مهاجرًا غير شرعي (مصريين وسوريين وفلسطينيين) مصرعهم في البحر المتوسط قبالة السواحل المصرية جراء غرق سفينة كانت تقلهم مع 116 آخرين.
وفي شهر يوليو 2014، لقي مصريون مصرعهم غرقًا في البحر المتوسط قبالة سواحل كفر الشيخ، خلال محاولتهم الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا، بصحبة 19 من زملائهم (10 أشخاص من محافظة الغربية، و5 من مركز شربين، بمحافظة الدقهلية، وواحد من محافظة أسيوط، وواحد من محافظة المنوفية، وشخصين أثنين من محافظة القليوبية)، وفي يوم الخميس 3 سبتمبر 2015، غرق مركب يقل 30 صيادًا مصريًّا قبالة السواحل الليبية، بعد أن أجبرتهم تردي الحالة الاقتصادية في بلدهم إلى المغامرة للحصول علي لقمة عيش لهم ولأسرهم.
تأتي هذه الحوادث في وقت تغذي فيه وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب روح الهجرة خارج البلاد بأي وسيلة كانت، حيث دعا الإعلامي عمرو أديب المصريين إلى الهجرة والبحث عن عمل خارج مصر لعدم قدرة البلاد على توفير العمل والمعيشة لكل المصريين، وقال ساخرًا: "روحوا الأردن، روح دبي، روح السعودية، روح العالم الجديد أستراليا"، وختم أديب بقوله: "ما تقعدوش جوا مصر".
وكشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن سياسات السيسي تسببت في تزايد أعداد الهجرة غير الشرعية بالقوارب إلى دول أوربا هربًا من الوضع الاقتصادي والقمع الذي يعصف ببلادهم، وقال الكاتب اندريس لاستجارتن في مقال له بالصحيفة بعنوان "اللاجئون لا يحتاجون دموعنا بل يحتاجون أن نوقف كونهم لاجئين"، قال: إن الغرب يقف بشكل كامل وراء نظام عبد الفتاح السيسي في جهوده للقضاء على الربيع العربي وقمع الإسلاميين وخصخصة مشاريع البنية التحتية بمعدلات كبيرة، مؤكدا أن ما يقوم به السيسي في هذا الصدد لا يساعد إلا على دفع أعداد ضخمة من المهاجرين إلى القوارب.
وأشار الكاتب إلى أن ما فعلته دول الغرب في الماضي في الصومالوسوريا والعراق، انتهت إلى أن هذه الجنسيات أصبحت تتبوأ المراكز الأولى في قوائم المهاجرين.
كانت مصر قد شهدت في عهد المخلوع مبارك وخلال فترة حكم المجلس العسكري، غرق العشرات من الشباب المصري خلال محاولتهم الهجرة غير الشرعية إلى دول أوربا، كان أبرزها غرق قارب في مرسي مطروح عام 2007 كان يحمل أشخاص يحاولون الهجرة بطريقة غير شرعية قبالة سواحل مطروح، وجُمعت الجثث على شاطئ مطروح وتم استدعاء الأهالي للتعرف على ذويهم، وفي عام 2008 غرق 20 شخصا خلال محاولتهم الهجرة لليونان، وفي عام 2008 أيضا غرق 48 شخص أثناء توجههم لإيطاليا، حيث كان على متن المركب 170 راكبًا.
وفي عام 2010 غرق قارب في كفر الشيخ في حادث مأساوي آخر لقي 2 من المهاجرين مصرعهم بعد مغادرة المركب سواحل كفر الشيخ متجها إلى إيطاليا، بينما فقد 13 آخرون ولم ينجو منهم 38، وفي عام 2011 لقي 30 شخصًا مصرعهم قبالة سواحل الإسكندرية بعد تعطل محرك المركب الذي كان يقلهم، نحو جزيرة صقلية، وفي عام 2011 أيضًا غرق اثنين وفقد 200 شخص قبالة السواحل الليبية بعد غرق القارب بهم نتيجة محاولتهم الهجرة غير الشرعية لإيطاليا.