اشتعل الصراع داخل معسكر الانقلاب العسكري الدموي ليصل إلى حد التصدع وتغير بوصلة الدول التي دعمت الانقلاب على الشرعية، وهو ما دفع الخبراء والمراقبون للشأن المصري لطرح تساؤل مهم : هل بدأت مرحلة العد التنازلي للإطاحة بقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي الذي فشل في تثبيت أركان انقلابه؟ مشيرين إلى أن هذا الفشل الكبير للسيسي يعود إلى الثورة المستمرة والانتفاضة الكبيرة للثوار في الميادين والمتواصلة على مدار عامين كاملين رغم القتل والاعقتال والقمع والانتهاكات التي تقوم بها سلطات الانقلاب ضد رافضيه. وبحسب الخبراء فإن الصراع داخل المعسكر الانقلابي بدأ يأخذ منحى جديد بالظهور المتكرر والمثير للفريق أحمد شفيق، المرشح الخاسر لرئاسة الجمهورية، ومحاولات قائد الانقلاب منعه من العودة لمصر ومنع إذاعة حواره مع عبد الرحيم على عبر القنوات الانقلابية، كما أن شفيق هدد قائد الانقلاب وأعوانه بكشف ما لديه من أسرار في الوقت الذي بدأت أصابع سلطات الانقلاب في ضرب حزب الحركة الوطنية الذي كان يرأسه شفيق.
وفي رسالة واضحة لمعسكر الانقلاب بقيادة السيسي، قال شفيق: إن هناك العديد من الحاقدين والكارهين في الدولة يريدون عرقلة مسيرته ويحاولون تخريب الحزب وإفشال أي عمل أو نجاح يقوم به، مشيرًا إلى أنه وجد في الفترة الأخيرة محاولات لإحداث خلافات داخل الحزب وبين أعضائه للقضاء على أمل شباب وبنات الحزب في مسيرتهم في العمل السياسي والمشاركة في بناء الدولة.
وأضاف "شفيق"، في تصريحات لصحيفة "الوطن" الموالية للانقلاب، أنه لن يدع أحد يدفعه للفشل وسيتخذ طريقًا آخر للنجاح وسيتصرف بطريقة أخرى مع ما يحدث معه والهجوم الشرس الذي يتعرض له من مجموعة تريد أبعاده عن مصر.
وتابع أنه سيكشف كثيرًا مما يحاك ضده خلال لقاء تليفزيوني سيعرض خلال أيام، مشيرًا إلى أنه سيوجه رسالة لهم، بقوله: "على من يحاربني ألا يتصور أنني سأبعد أو اختفي من الحياة السياسية، فأنا موجود وسأسلك كل الطرق لتحقيق النجاح وإعادة الأمل في نفوس شباب الحزب مرة أخر".
كان أنصار شفيق قد دشنوا خلال الفترة الماضية حركة «أنت الرئيس» والتي انتشرت في بعض شوارع القاهرة، عن طريق لافتات كُتِب عليها: «عايزين الفريق شفيق يرجع مصر»، وذلك للمطالبة بعودة أحمد شفيق، بعد مرور ثلاثة أعوام على تواجده خارج البلاد وإقامته الدائمة بالإمارات.
وكشفت مصادر ل«البوابةنيوز » الموالية للانقلاب، إن القائمين على تلك الحركات يُجهزون لتنظيم وقفات احتجاجية أمام مكتب النائب العام، وعقد مؤتمرات صحفية، للمطالبة بعودة شفيق، وأكدت أن إحدى شخصيات المعارضة المصرية البارزة، والمتواجد خارج مصر حاليًا يدعم تلك الحركات، وأشارت إلى أن تلك الشخصية طلبت من شفيق العودة خلال الشهور الماضية، ووعدته بحشد ما يزيد على مليون شخص لاستقباله بمطار القاهرة، ولكن شفيق لم يستجب لذلك بعد أن وصلته معلومات أمنية تفيد بأن عودته ستكون لها عواقب غير حميدة، خاصةً في ظل عدم رفع اسمه من قوائم ترقب الوصول.
تصريحات شفيق وتدشين حركته في القاهرة وسط حصار أمن الانقلاب لكل من يعارض السيسي اعتبرتها وسائل إعلام بأنها ربما تشير إلى محاولاته الحثيثة للعودة إلى مصر ولعب دور على الساحة السياسية خلال الفترة المقبلة، كما أنها تؤشر إلى أن الإمارات تحتفظ بشفيق ليكون بديلا للسيسي فى الوقت المناسب وهذا سر إبقائها عليه رغم هجومه على السيسي الذي تعد الإمارات هي الراعي الأول له ولانقلابه في المنطقة.
وكان الكاتب الصحفي جمال سلطان، رئيس تحرير "المصريون"، قد وصف الصراع بين السيسي وشفيق، والذي برز على السطح خلال الفترة الأخيرة، بعد منع بث مقابلة تلفزيونية للأخير وممارسة ضغوط عليه لعدم العودة إلى مصر ب "معركة قطع الرقاب" بين الطرفين.
وعلق سلطان على عبارة "المقاتل ميسبش رقبته لأعدائه عشان يطيروه"، التي وردت في حوار شفيق الممنوع من العرض، قائلاً إن "هذا التعبير من شفيق يمكن أن يحدد لنا بوضوح طبيعة العلاقة بينه وبين السيسي ونظامه: أعداء"، وأشار إلى أن "هذه هي أول مرة تكشف فيها العداوة بشكل صريح بين الرجلين، وأنها تصل إلى مستوى "قطع الرقاب".
وقال سلطان إن "شفيق يملك ما يخيف السيسي، هذه حقيقة أصبحت مفروغا منها الآن، بعد منع إذاعة حواره بقرار رسمي، وهناك معركة صامتة لكنها عنيفة للغاية وفيها قطع رقاب بين الاثنين ، هذه أيضا أصبحت حقيقة فعلا باعتراف شفيق نفسه ، فلم يعد الأمر مجدر تخمين ، وربما كانت معركة السيسي مع شفيق الآن أخطر من معركته مع الإخوان وأنصار مرسي.
و يبقى اللغز الحقيقي في هذا الموضوع – بحسب سلطان - متعلقا بالدور الإماراتي، فالإمارات تحتضن شفيق وتحميه وترعاه، والإمارات تسلم أي شخص مشكوك فيه إلى القاهرة بصورة سهلة وبسيطة وبمجرد الإشارة ، فضلا عن أنها لا تسمح لأي مخلوق أن يتكلم أو ينتقد القاهرة من أراضيها، وهي الداعمة الأولى والرئيسية للانقلاب وقائده السيسي.