"من يوقف عداد الانتحار في مصر؟".. سؤال بات يطرح نفسه بقوة خلال الفترة الأخيرة في أعقاب تزايد ظاهرة الانتحار في المجتمع المصري خاصة في أوساط الشباب والتي كان آخرها ما تم بالأمس، حيث أقدم طالب بالجامعة الأمريكية يدعي "محمد.ع" ، مقيم بمنطقة الخليفة، بإلقاء نفسه من أعلى برج القاهرة. وجاء انتحار "محمد" لينضم لقائمة طويلة من المواطنين ممن قرروا التخلص من حياتهم بعد تردي أحوالهم المعيشية وعدم قدرتهم علي الوفاء بمتطلبات الحياة في مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري. وكشفت "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" أن إجمالي حالات الانتحار الموثقة داخل المجتمع المصري خلال الفترة من 1/1/2015 حتى 30/4/2015 وصل إلى 114 حالة ، مشيرا إلى أن ظاهرة الانتحار شكل غير مألوف على المجتمع الذي طالما عانى من أزمات اقتصادية واجتماعية كثيرة، ولكن لم تنتشر بينه هذه الظاهرة بهذا الشكل الكبير خلال الفترة من 1-9-2014 حتى 30-12-2014؛ حيث كان عدد حالات الانتحار التي قامت التنسيقية برصدها هو 91 حالة، وقد زاد هذا الرقم بنسبة تتجاوز 35 % خلال الأربعة أشهر الأول من عام 2015 ما يستوجب على كل المجتمع بكل قطاعاته السياسية والدينية أن تتوقف عند هذه الظاهرة التي باتت تحصد أرواح المصريين ليدرسوا أسبابها وطرق التعامل معها وعلاجها. وأكدت التنسيقية أن تدهور الأحوال الاقتصادية والظروف المعيشية التي تشهدها مصر منذ انقلاب 3 يوليو، وعودة الدولة البوليسية بكافة أشكالها وممارساتها التي ثار عليها الشعب المصري في 25 يناير من أجل الإطاحة بالمخلوع وعصابته، هي السبب الأبرز وراء تزايد حالة الانتحار. وتتنوع شريحة المنتحرين في مصر ، حيث شهدت الأشهر الماضية انتحار مواطن يدعي (فرج رزق فرج)، 48 عاما، ويعمل سائق، انتحر شنقا بلوحة إعلانية بالطريق الصحراوي السريع بين القاهرة والإسماعيلية ، وانتحار طالب يدعى ممدوح فراج (17 عاما) بمركز مطاي، عندما أطلق الرصاص على نفسه، لتكرار رسوبه في الثانوية العامة، فيما انتحر 11 حالة انتحار (بينهم 3 سيدات وطفلة) لأسباب متعلقة بسوء الأوضاع المعيشية ومشاكل اجتماعية أخرى وكانت حالة الانتحار الصادمة للغاية هي انتحار الناشطة زينب المهدى شنقا بسبب سوء حالتها النفسية والأوضاع السيئة التي تمر بها مصر بعد الانقلاب، وشهد عصر قائد الانقلاب السيسي أيضا انتحار شاب مسيحي شنقا ويدعى أشرف صابر صليب (38 عاما) ويعمل بشركة آلاسكا للأجهزة المنزلية بالعاشر من رمضان. من جانبها أرجعت الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس معدلات الانتحار بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، الي تزايد الضغوط النفسية والحياتية على المصريين؛ مما دفع الشعب لحالة من الاكتئاب وتجعله يقدم للانتحار والتخلص من حياته.