* برلمان السيسي المزعوم يجبر عبد الصمد على الانتحار بالأقصر * 114 حالة انتحار في الربع الأول من 2015 * تزايدت نسبة قتل النفس في دولة العسكر بنسبة 35% * الأوقاف تجاهلت الظاهرة وتفرغت لدور عسكري الأمن في المساجد * ابنة ضابط الشرطة تجبر أباها على تذوق مرارة "القهر" وتقفز من الدور الرابع
"الشعب المصري لم يجد من يحنو عليه".. بهذا الكلمات التمثيلية حاول قائد الانقلاب تمرير استيلائه على السلطة، ومحاولة إيهام الشعب بأن خيانته للقائد الأعلى للقوات المسلحة كانت من أجل منح المواطنين قليلاً من الحنية الضائعة وتعويض البسطاء عن العطف المفقود، إلا أن الشعب عندما ظهر من يحنو عليه تأكيد أن الموت والانتحار أخف وطأة وأكثر رحمة من العسكر وزبانيته.
ومع تنامي حملات القمع والقهر والتعذيب وعودة دولة السحل البوليسية لكبت الحريات وتكميم الأفواه وملاحقة الشرفاء، وتفرغ المؤسسة الدينية من أجل تبرير مذابح الانقلاب وإضفاء الصبغة الدينية على ممارساته الفاشية مع ترك الساحة على مصراعيها لدعاة الإلحاد وتشويه الدين ومحاربة العلماء والرموز، وتعمد الحكومة إفقار الشعب ورفع الدعم، وتآمر العسكر على الثورة وتزييف الحقائق وتزوير الأوراق لمحاكمة الثور ونهب ثورات الوطن، كان لا بد أن تنتشر ظاهرة الانتحار المزعجة والدخيلة على المجتمع وتتنامى بصورة مطردة.
114 حالة "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" رصدت حالات الانتحار داخل المجتمع المصري خلال الفترة من 1/1/2015 حتى 30/4/2015، أكدت فيه أن إجمالي حالات الانتحار الموثقة وصل إلى 114 حالة خلال الأربعة أشهر المنصرمة. وقالت التنسيقية: إن الظاهرة توضح ما آل إليه المجتمع المصري من تدهور اقتصادي واجتماعي، وتوضح أن الحلول الحكومية لم تصل لأغلبية المواطنين.
وأشارت في بيان لها إلى أن ظاهرة الانتحار شكل غير مألوف على المجتمع الذي طالما عانى من أزمات اقتصادية واجتماعية كثيرة، ولكن لم تنتشر بينه هذه الظاهرة بهذا الشكل الكبير خلال الفترة من 1-9-2014 حتى 30-12-2014؛ حيث كان عدد حالات الانتحار التي قامت التنسيقية برصدها هو 91 حالة، وقد زاد هذا الرقم بنسبة تتجاوز 35 % خلال الأربعة أشهر الأول من عام 2015 ما يستوجب على كل المجتمع بكل قطاعاته السياسية والدينية أن تتوقف عند هذه الظاهرة التي باتت تحصد أرواح المصريين ليدرسوا أسبابها وطرق التعامل معها وعلاجها.
وأكدت التنسيقية أن تدهور الأحوال الاقتصادية والظروف المعيشية التي تشهدها مصر منذ انقلاب 3 يوليو، وعودة الدولة البوليسية بكافة أشكالها وممارساتها التي ثار عليها الشعب المصري في 25 يناير من أجل الإطاحة بالمخلوع وعصابته، هي السبب الأبرز وراء تزايد حالة الانتحار.
برلمان السيسي ولم يتوقف عداد المنتحرين في دولة الانقلاب عند حدود ال205 الذين رصدتهم التنسيقية المصرية للحدود والحريات خلال الأشهر ال8 الأخيرة، وإنما قرر إيهاب عبدالصمد "45 سنة" أن يضيف رقمًا إلى الحصاد بعدما ألقى نفسه أمس الأول، من أعلى مصنع سكر أرمنت جنوبالأقصر.
وأكد زملاؤه أنه لقي بنفسه من أعلى المصنع نتيجة لتعرضه لأزمة نفسية ومالية خانقة بسبب إلغاء الانتخابات البرلمانية المزعومة، بعدما أخذ يمنِّي النفس بعضوية البرلمان وراح يصرف في سبيل ذلك أموالاً طائلة في الدعاية، إلا أن السيسي رفض أن يشاركه أنصاره ولو شكليًّا في الحكم.
وتوفي الرجل متأثرًا بإصابته بكسور في الكتف والرأس والساقين، ونزيف في المخ، وأوضح العاملون أنه كان مرشحًا على قوائم حزب المصريين الأحرار قبل أن تؤجل الانتخابات لأجل غير مسمى، ليكمل حالة الانتحار الحادية عشرة في الأقصر منذ تولى السيسي مقاليد الحكم.
وقبل أن يلصقوا التهمة بالإخوان أو بالتنظيمات الخيالية التي مرروا على أكتافها الإرهاب إلى مصر كشفت التحريات أن حادث مقتل ابنة ضابط من داخلية الانقلاب أمس الأحد بمنطقة عين شمس لم يكن جنائيًّا، وإنما بعدما أقدمت على الانتحار لظروف نفسية مرت بها.
وألقت ابنة ضابط شرطة بنفسها من الطابق الرابع بمنطقة عين شمس، بسبب رفض أهلها عريسًا تقدم لها، فدخلت الفتاة مع أهلها وانتابتها حالة من التشنج توجهت على إثرها إلى البلكونة، وألقت بنفسها، ورفض والدها تحرير محضر بالواقعة.
مشهد مواطن مصر متدلٍّ من حبل على لوحة إعلانية أو من شرفة منزله، وقد فاضت روحه، أو رؤية جريان دماء أحد الشباب في نهر الطريق بعد قفزه من سطح إحدى العمارات بوسط البلد، أو انتشال جثمان فتاة غارقة في النيل بعد القفز من كوبري قصر النيل في وضح النهار، بات مكررًا ومعتادًا مؤخرًا، بل تطور إلى استخدام الأسلحة النارية بعدما أطلق مزارع النار على نفسه اليوم في القليوبية، ومحاولة مندوب شرطة "أحمد فهيم" التابع لقسم ثالث الإسماعيلية الانتحار بطلق ناري في الرأس، مستخدمًا سلاحه "الميري"، عقب تورطه في العديد من القضايا والبلاغات.
فاشية العسكر الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس أوضحت أن الانتحار موجود في مصر منذ وقت طويل، ولكنه تزايد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، مع تزايد الضغوط النفسية والحياتية على المصريين؛ مما دفع الشعب لحالة من الاكتئاب وتجعله يقدم للانتحار والتخلص من حياته.
بدوره، اعتبر الناشط السياسي أحمد الشاذلي أن المرحلة التي تعيشها مصر تحتاج إلى تكاتف الجميع من أجل السيطرة على العقول الشيطانية بين الشباب، ومحاولة تأهيلهم للمرور من المشاكل التي تواجههم.
وشدد الشاذلي على أن الحكومة تعمل على خدمة مصالح الكبار ورعايتهم وعدم الاهتمام بجيل كامل من الشباب، يحتاج إلى إعادة تأهيل وبناء، وذلك في ظل مشاكله ويأسه من مواجهتها، ليجد الموت هو الوسيلة الوحيدة للخروج من هذه المشاكل بدون تعب. فيما أكد الشيخ "رمضان السبكي" مدير إدارة الدعوة بمديرية أوقاف المنوفية أن غالبية الشباب في المجتمع المصري أصبحوا بعيدين عن الله في كل أعمالهم، مقتنعين بأن المشاكل لا تواجه إلا بالهروب منها وليس بالصبر على الشدائد، كما أمرنا القرآن الكريم.
فشل الأوقاف وكشف السبكي أن دعوة الأوقاف لم تنجح في الحد من الظاهرة، بالرغم من محاولة الوصول إلى الشباب والجلوس معهم لتأكيد أهمية الدين الإسلامي وحرمة الانتحار، إلا أن أغلب الشباب أصبحوا في متاهة أخرى غير الدين الإسلامي، إضافةً إلى المواد المخدرة التي يتعاطاها نسبة كبيرة من الشباب؛ ما أدى لانتشار حوادث الانتحار في المحافظة بصورة كبيرة.
تصريحات السبكي تكشف القصور الحقيقي في دور الأوقاف لمحاربة الإلحاد أو الانتحار، خاصةً وأن دورها بات يركز على ملاحقة ومراقبة الأئمة والدعاة ولعب دور الذراع الأمنية داخل المساجد، إلا أن ناقوس الخطر دقه الدكتور هشام بحيري، رئيس قسم الطب النفسي جامعة الأزهر، بعدما كشف أن مصر يوجد بها حوالي 900 ألف مواطن مقبل على الانتحار خلال الفترة المقبلة؛ بسبب إصابة عدد كبير منهم بالاكتئاب العقلي؛ حيث إن نسبة الانتحار فيه أكثر من انتحار الإنسان الطبيعي.
وأكد أن إقبال أي شخص على الانتحار ينتج لتعرضه لضائقة مالية أو عاطفية وآخرين شخصيتهم وإيمانهم ضعيف، فضلاً عن أن هناك جماعة تسمى "الجماعات الانتحارية" تقدم علي الانتحار بهدف لفت انتباه الرأي العام لقضية معينة.
وما بين من أقدمت على حرق نفسها أو ألقت بحياتها في قاع النهر، أو شنق نفسه وقفز من أعلى أحد المباني، يبدو بالفعل أن الشعب وجد أخيرًا من يحنو عليه، ويرشده إلى طريق الراحة.. الأبدية!!.