"هدوء.. راحة.. دروس" .. هذا هو حال الأجواء التي توفرها الأسر المصرية لطلابها في الشهادة الثانوية العامة، انطلاقا من كونها تمثل مرحلة فارقة من عمر الطالب تحدد مستقبله المهني؛ إلا أنه وفي مقابل هذا المشهد الطبيعي يوجد مشهد استثنائي شاذ يتمثل في قبوع العشرات من طلاب الشهادة الثانوية داخل زنازين لا تتعدى مساحة الواحد منها بضع مترات تكتظ بعشرات المعتقلين في ظروف إنسانية في غاية الصعوبة لاتصلح للمعيشة أو الاستذكار، حيث أعلن محمد سعد، رئيس امتحانات الثانوية العامة في وزارة التعليم في حكومة الانقلاب، أن امتحانات الثانوية العامة للطلاب المسجونين، ستتم في 6 سجون رئيسية، هي: وادي النطرون، وبرج العرب، وأسيوط، والقناطر، ومؤسسة المرج العقابية، وطرة. ويري مراقبون وحقوقيون أن منع طلاب الثانوية العامة من الامتحان داخل مدارسهم وبين زملائهم في أجواء طبيعية بات نوعا من العقاب الذي تنتهجه سلطات الانقلاب بحق الطلاب، إلا أن الأهل والمحامين لقوا تعنتًا شديدًا في استخراج تلك التصاريح فإن وافقت عليه إدارة المدرسة ترفضه إدارة السجن أو العكس، مؤكدين أن الهدف من ذلك إيصال رسالة للطلاب مفادها "مهما تحاول، لن تكمل دراستك، سنقضى على مستقبلك داخل السجن إن لم نتمكن من القضاء على حياتك بأكملها خارج السجن لأي سبب كان". الأمر لم يتوقف على حرمان طلاب من أداء امتحاناتهم في ظروف طبيعية، بل تعداه إلى اضطرار بعض الطلاب إلى تأجيل عام كامل من دراستهم، لاضطرار أسرتهم للسفر خارج البلاد قبيل أسابيع قليلة من بدء الامتحانات، بسبب إعادة فتح قضية لفقت لأحد أفرادها على خلفية مناهضته للانقلاب. ويري مراقبون أن الطلاب الذين يؤدون الامتحان داخل المعتقلات ربما يكونون أسعد حظا من هؤلاء الذين أعدموا قبل حلول موعد الامتحان، فبتاريخ 17 مايو الماضي تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 6 شباب في القضية المعروفة إعلاميا باسم "عرب شركس"، وكان من بين المنفذ بحقهم هذا الحكم الجائر الطالب بالصف الثالث الثانوي، عبد الرحمن سيد. الطالب مكث أكثر من عام في السجون المصرية لم يذق فيها غير دروب من العذاب البدني والنفسي حتى وصل إلى حبل المشنقة في قضية لفقت له في حادثة وقعت بعد اعتقاله من قِبل قوات الأمن بأيام. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “تيليغراف ” البريطانية أن السجون المصرية مليئة بالأطفال والفتيات الصغار الذين يتعرضون لانتهاكات بالغة ويحشرون في زنازين ضيقة جدا، ويجبرون على تناول طعام مليء بالحشرات، كما يواجهون تهما ملفقة مثل حيازة أسلحة أو التحريض على العنف ويتعرضون للانتهاكات والتحرشات اليومية في المعتقلات المصرية. وعلى كل حال، فإن المشهد بات واضحا بشكل كبير، وهو أن الطالب المصري بات مستهدفا أينما حل، سواء كان في منزله أو بالشاع أو داخل جامعته أو مدرسته كما حدث مع العشرت من الطلاب الذين تم اعتقالهم خلال الأيام الماضية من داخل لجان الامتحانات واقتيادهم إلى أماكن مجهولة بل وتصفية بعضهم جسديا بعد الاعتقال كما حدث مع إسلام عطيتو.