يتخوف الطرفان المتنازعان سياسيًّا بليبيا، وهما مجلس النواب المنعقد بطبرق والمؤتمر الوطني العام بطرابلس، من الوصاية الدولية على الأموال الليبية الموجودة في الخارج، وذلك مغبة فشل الحوار بين الفرقاء السياسيين في البلاد، والذي تشرف عليه الأممالمتحدة، خاصةً بعد البيان التحذيري الذي أطلقته أمريكا و5 دول أوروبية قبل أسبوع، بشأن إساءة استغلال ثروات ليبيا. وصف نائب رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بالمؤتمر الوطني العام سعيد أبو شرادة مسودة مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا "برناردينو ليون" الأخيرة بأنها "مخيبة للآمال وتعطي إيحاءات بأن ثمة مساعي لإفشال الحوار في ليبيا واللجوء إلى خطة للوصاية الدولية و"تسمية ليبيا دولة فاشلة".
وقال أبو شرادة في تصريحات صحفية إن مجلس النواب المنعقد بطبرق لا يريد تقديم تنازلات من أجل الوطن للوصول إلى وفاق وطني، مؤكدًا أن الأمر قد لا يقتصر على الوصاية المالية فقط، بل يشمل وضع ليبيا تحت الوصاية الدولية بكل مؤسساتها، وهو إعلان صريح من الغرب أن ليبيا دولة فاشلة بامتياز.
وقال عضو مجلس النواب المنعقد بطبرق عبد السلام نصية: إن مجلس النواب وافق على مسودة "ليون" الأخيرة، والتي تتضمن تشكيل حكومة وفاق وطني، مشيرًا إلى أن الطرف الآخر (يقصد المؤتمر الوطني العام) هو من رفض المسودة لعرقلة الحوار.
ويرى نصية أن ما يقوم به مصرف ليبيا المركزي بطرابلس من صرف أموال لحكومة الإنقاذ الوطني بطرابلس طريقة غير شرعية. وقال المحلل الاقتصادي عبد الباري الزني: إن التحذيرات الغربية توحي ضمنيًّا بوضع أموال ليبيا تحت الوصاية الدولية، وهو أمر قد يجري تطبيقه في أي لحظة في حالة عدم التوصل إلى حل بين الفرقاء السياسيين.
وأضاف الزنى أن مبدأ النفط مقابل الغذاء، سيكون أحد السيناريوهات المطروحة لفرض الوصاية الدولية على المؤسسات الليبية، وهو خيار مؤلم جدًّا لليبيين، إذ لن تستطيع البلاد التصرف في أي درهم من أموالها إلا بعد الرجوع إلى الأممالمتحدة، وسوف تُمنح الأموال لاستيراد السلع الأساسية والدواء فقط، وهذا أمر مؤسف للغاية. وانخفضت احتياطات ليبيا من النقد الأجنبي بحوالي 28% بين عامي 2013 و2014، لتتراجع من 106 مليارات دولار في عام 2013 إلى 77 مليار دولار في عام 2014، بانخفاض يناهز 29 مليار دولار.
وتصرف ليبيا 2.5 مليار دينار شهريًّا من احتياطاتها على المرتبات والدعم خلال العام الماضي، وذلك لتغطية نفقاتها البالغة 4 مليارات دينار شهريًّا على المرتبات والدعم؛ بسبب انخفاض إيرادات تصدير النفط والتي بلغت نحو 1.5 مليار دينار شهريًّا فقط.
كانت ليبيا تُنتج نحو 1.6 مليون برميل يوميًّا في السنوات التي سبقت ثورة فبراير2011، والتي أطاحت بنظام الرئيس السابق معمر القذافي، وفقدت أكثر إنتاجها خلال شهور الثورة، لكنها عادت تدريجيًّا حتى وصلت إلى مستويات الإنتاج السابقة (1.6 مليون ب/ي) في النصف الأول من عام 2013، لكن الاضطرابات الداخلية قلصت هذا الإنتاج بنحو الثلثين.
وينفق البنك المركزي في ليبيا حاليًّا على الميزانية العامة، فيما يتعلق بالباب الأول الخاص بالمرتبات التي تصرف بعد شهر من موعدها. وتفاقمت الأزمات المعيشية لليبيين خلال الأربع سنوات الماضية على خلفية الاضطرابات الأمنية وتدهور الأوضاع الاقتصادية.