عجز الانقلاب العسكرى الفاشى على أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ مصر فى صهر أنصاره فى بوتقة واحدة، بعدما فرقت المصالح ومزقت الغنائم شركاء الانقلاب ولاعقى البيادة، وهو الأمر الذى فضحه الخلاف على كعكة البرلمان اللقيط ورغبة كل تحالف عنصرى فى حصد أكبر عدد من المقاعد بحثا عن أغلبية مزعومة يرفضها العسكر بطبيعة الحال من أجل تدشين برلمان ضعيف يأتمر بأمر قائد الانقلاب. وفي توافق مريب، وفي أوقات متقاربة، بدأ سياسيون داعمون للانقلاب في عزف مقطوعة واحدة، تصف البرلمان الذي تجرى انتخاباته خلال الشهور المقبلة بأنه فاشل مقدما، وأنه سيشهد حالة من التشرذم الذي لن يؤدي إلى أية نتيجة إيجابية. ورغم أنهم من أهم الداعمين لخارطة الطريق التي أعلن عنها عقب انقلاب يوليو 2013، إلا أن توقعاتهم بفشل البرلمان أثارت الدهشة في أوساط المراقبين، وطرحت تساؤلات حول الهدف من هذه التصريحات التي ظهرت على دفعات متتالية، وبنفس الصيغة تقريبا، وهي تساؤلات قادت البعض إلى التأكيد بأن مصدرها واحد، ولأهداف غير واضحة، وعلى عكس التوقعات التي تشير إلى الدعم الكامل الذي يجب أن تقدمه كافة الأطراف المشاركة والداعمة للانقلاب في دعم البرلمان المقبل، والتبشير بأنه يمثل طوق النجاة بالنسبة للنظام الذي يسعى إلى ترسيخ شرعيته عن طريق إكمال المؤسسات الدستورية؛ لتعوض الشكل الذي وصل به إلى سدة الحكم. دشن جورج إسحاق -أحد مؤسسي حركة كفاية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان-المصطلح الذي استخدمه كثيرون بعده في وصف البرلمان، حيث قال في مقابلة مع جريدة الأهرام: إن رؤيته للبرلمان القادم سيكون "سمك.. لبن .. تمر هندي". وبنفس العبارة جاء وصف وزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة، الذي قال: "هنشوف برلمان زي الزفت.. برلمان سمك، لبن، ونسبة المكون من التمر الهندي هتبقى كبيرة، بس مش هيكون تمر هندي، هيكون تمر تركي، تمر أمريكي، أو إسرائيلي، حتى الهند ما عرفناش نستفيد بتجربة الديمقراطية في الهند". وفي نفس السياق، جاءت تصريحات رئيس هيئة سوق المال الأسبق وأحد مستشاري الحملة الانتخابية للمشير عبد الفتاح السيسي هاني سري الدين، والذي أكد أن "البرلمان المقبل سيكون سمك لبن تمر هندى، وعلى قدر كبير من التشرذم، ومن الصعب أن تكون هناك كتلة أغلبية متماسكة تمثل حزبا بعينه". أما عضو البرلمان السابق وحيد عبد المجيد، فقد صرح قائلا: "البرلمان القادم سيكون "سمك لبن تمر هندي"، واجتماع رؤساء الأحزاب سيكون لالتقاط الصور فقط". وتأتي هذه التصريحات قبيل الاجتماع الذي عقده قائد الانقلاب السيسي مع قادة الأحزاب المصرية، والذي دعا خلاله الأحزاب إلى خوض الانتحابات بقائمة موحدة، ثم يقوم بدوره بدعوة المصريين بالتصويت لها؛ في حين طالب ممثلو الأحزاب بدعمها، وهو الأمر الذي انتقده مراقبون, وفي المقابل فإن طلب الدعم يطعن في قوة وحيادية المجلس المرتقب، والذي يفترض أن يكون مراقبا لأعمال الرئيس والحكومة، كما لفتوا إلى أنها وسيلة لإخلاء البرلمان من المعارضة، فضلا عن تناقضها مع أبسط قواعد الديمقراطية. يذكر أن هناك حزمة من القوانين والتشريعات تنتظر البرلمان، أبرزها "تنظيم بناء وترميم الكنائس، وقانون الإرهاب، والعدالة الانتقالية، وتعديل قوانين أخرى كالإجراءات الجنائية والسلطة القضائية. كما سيقوم البرلمان اللقيط بمراجعة القوانين التى صدرت فى عدم وجود البرلمان، حيث تنص المادة 156 من الدستور على أن القوانين يتم عرضها على مجلس النواب خلال 15 يوما من تاريخ انعقاده، وأبرزها "قانون التظاهر والعدالة الانتقالية والحبس الاحتياطى والطعن على عقود الدولة وحظر الأحزاب الدينية وقانون الإرهاب".