شرطة المخلوع رجعت تاني ولا عزاء لثوار يناير.. الشرطة في زمن الانقلاب فاقت ما كانت عليه قبل 25 يناير من إجرام.. عنف ممنهج.. تلفيق قضايا.. تعذيب مفرط.. قتل وانتهاكات وممارسات قمعية نهب وسرقات وفساد.. إذلال المواطنين. الجرائم نفسها التي دفعت الشعب المصري إلى الثورة ضدها، فكانت أحد أسباب ثورة 25 من يناير؛ حيث ثار الشعب على ممارسات الشرطة وجهاز أمن الدولة، واختار عيد الشرطة للتظاهر والاحتجاج، بعد تزايد أعداد ضحايا التعذيب قبل الثورة، وكان من بينها مقتل خالد سعيد وسيد بلال. كان مقتل الشاب السكندرى خالد سعيد في يونيو 2010، 28 عامًا، على يد رجال الشرطة من أبرز حوادث التعذيب التي شهدها عصر المخلوع، فقد لقي حتفه ضحية تعذيب بشع من قوات شرطة سيدي جابر، وحينها زعمت الشرطة أن سبب وفاته ابتلاعه لفافة من نبات البانجو المخدر. أثار مقتل خالد سعيد موجة غضب شعبية في مصر وردود أفعال من منظمات حقوقية عالمية، تلتها سلسلة احتجاجات سلمية في شوارع الإسكندرية والقاهرة نظّمها نشطاء حقوق الإنسان الذين اتهموا الشرطة بممارسة التعذيب. في ظل حالة الطوارئ، قوبلت الاحتجاجات بقمع عنيف من قوات الشرطة، بل باعتقالات وملاحقات قضائية ضد بعض النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتمادت وزارة الداخلية في الدفاع عن رجالها الذين قتلوا خالد، واستصدرت صحيفة حالة جنائية مفبركة تفيد أن "خالد" كان محكومًا عليه في 3 قضايا. واستغل الإعلام الموالي للنظام الحاكم آنذاك الصحيفة وتقرير الطب الشرعي المفبرك، لتشويه صورة خالد، ولذلك خرج الثوار للشوارع مطالبين بحقه. لم يكن خالد أول ضحية لسياسات الشرطة القمعية ولقانون الطوارئ، حيث لقي سيد بلال، -30 عامًا- مصرعه في أثناء احتجازه في مباحث أمن الدولة بالإسكندرية، للتحقيق معه فى قضية تفجير كنيسة القديسين، وترددت أنباء عن تعذيبه وانتشر فيديو يُظهر آثار التعذيب في رأسه وبطنه ويديه. وتمادى الضباط في أعمالهم القمعية وضبط العديد منهم يستخدمون العنف ولم يكونوا يهابون المسئولية. وفي 28 يناير حاولت الشرطة فض التظاهرات بالقوة، واعتدت على المتظاهرين السلميين مستخدمة الرصاص الحي والخرطوش وقنابل الغاز المسيلة للدموع، وسرعان ما تحولت المظاهرات إلى اعتداءات عنيفة من الشرطة ضد المتظاهرين، أعقبها انسحاب كامل لقوات الشرطة. وفي سجن ليمان طره قام ضباط السجن يوم 29 يناير 2011 بإطلاق النار على السجناء داخل العنابر، ما تسبب في مقتل عدد منهم وإصابة العشرات. وفي بعض العنابر أطلق الحراس النار على السجناء داخل الزنازين، بينما ألقوا بالقنابل المسيلة للدموع داخل عنابر أخرى. وحين تمكن السجناء من الخروج من الزنازين للهرب من الغاز، أطلقت عليهم النيران في فناء السجن. ولم يتوقف الأمر عند إطلاق النار العشوائي، بل إن الشهادات الواردة من ليمان طره تشير إلى أن بعض رجال الأمن توجهوا إلى العنابر مباشرة وأطلقوا الرصاص على السجناء من مسافات قريبة. لم تتغير ممارسات ضباط الشرطة بعد ثورة 25 يناير، بل زادت بعد حدوث الانقلاب العسكري وفاقت ما كانت عليه قبل الثورة، فما زال جهاز أمن الدولة يعمل وينكل بمعارضي النظام ومؤيدي الشرعية، لدرجة أن وزارة الداخلية أعلنت اليوم الاثنين عن أن الوزارة أعادت ضباطًا سابقين بأمن الدولة. من جانبها كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن حملة الاعتقالات والملاحقات الأمنية التي تقوم بها قوات الانقلاب تتسع وامتدت لنشطاء وصحفيين رافضين للانقلاب العسكري، فضلا عن قادة التيار الإسلامي. وقالت إن الملاحقات الأمنية والقضائية المسيسة منذ الانقلاب العسكري تجاوزت ما كان يحدث قبل ثورة 25 يناير، لافتة إلى أن الحكومة الانقلابية فرضت حالة الطوارئ، وكسرت جميع إجراءات التقاضي السليمة، أو الحماية ضد انتهاكات الشرطة.