كشف قرار صندوق النقد الدولي بتأجيل المراجعة الخامسة لما يسمى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تنفذه حكومة الانقلاب عن ضغوط جديدة يمارسها الصندوق لتخارج الانقلاب من الاقتصاد وبيع الأصول وأملاك المصريين بتراب الفلوس للقطاع الخاص وللمستثمرين الأجانب. وأكد خبراء اقتصاد أن تأجيل الشريحة الخامسة لقرض الصندوق يضع ضغوطًا إضافية على حكومة الانقلاب لتسريع تنفيذ إملاءات الصندوق خاصة فيما يتعلق بملف تخارج الدولة من الاقتصاد . وكشف الخبراء أن قرار الصندوق سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد المصري، حيث سيؤدى لتأخير استلام شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار، واحتمالية تجميد أو تأخير جزء من مساعدات الاتحاد الأوروبي للموازنة.
كان صندوق النقد الدولي قد أعلن دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج دعم الانقلاب وإجرائهما خلال فصل الخريف في سبتمبر القادم. وقالت جولي كوزاك المتحدثة باسم الصندوق ، ان الخطوة تهدف لمنح حكومة الانقلاب مزيدا من الوقت لاستكمال الإصلاحات الهيكلية المطلوبة، خاصة ما يتعلق بتقليص دور الدولة في الاقتصاد وتسريع برنامج الخصخصة. وأضافت جولي كوزاك فى تصريحات صحفية أن القرار يأتي بعد صرف الشريحة الرابعة من القرض في أبريل الماضي بقيمة 1.2 مليار دولار، مشيرة إلى أن موظفي الصندوق يعملون مع سلطات الانقلاب من أجل الانتهاء من التدابير السياسية الرئيسية، خاصة فيما يتصل بدور الدولة في الاقتصاد. وطالبت حكومة الانقلاب بتنفيذ المزيد من الاملاءات وتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وتهيئة بيئة أعمال أكثر جذبًا، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص.
ضريبة القيمة المضافة
فى هذا السياق قال المحلل الاقتصادي الدكتورهاني جنينة إن قرار دمج الشريحة الخامسة والسادسة جاء رغم تنفيذ حكومة الانقلاب بعض املاءات الصندوق مثل رفع ضريبة القيمة المضافة لنشاط المقاولات، وإلغاء تخفيض سعر الكهرباء (10 قروش لكل ك.و.س) للمصانع. وأرجع جنينة فى تصريحات صحفية قرار الصندوق إلى أنه كان من المتفق عليه أن يتم توفير حوالي 3.5 مليار دولار من برنامج الطروحات قبل نهاية السنة المالية المنتهية في يونيو 2025، وحوالي 3 مليارات دولار من استثمارات مشروع رأس الحكمة، وهو ما لم يحدث نظرًا لحالة التوتر التي خلقها الرئيس الامريكى الارهابى دونالد ترامب منذ يناير 2025. ما أدى إلى فقدان الثقة في عملة الاحتياط الأولى في العالم، وتوقف الاستثمارات في كل دول العالم إلى حين وضوح الرؤية. وطالب حكومة الانقلاب بالتخارج من بعض الأصول بأسعار عادلة، وإتمام المراجعتين الخامسة والسادسة في سبتمبر أو أكتوبر المقبل متوقعا عددًا من السيناريوهات للاقتصاد المصري قد تحدث خلال الربع الأخير من العام، منها: 1. حصول الانقلاب على 2.4 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ليصل إجمالي ما تم تحصيله من الصندوق إلى حوالي 5.6 مليار دولار من أصل 8 مليارات دولار. وهذه التدفقات بمثابة إعادة تمويل لمستحقات صندوق النقد الدولي الخاصة ببرامج سابقة. 2. حصول الانقلاب على شريحة أو شريحتين من صندوق الاستدامة والمرونة (حوالي 300 إلى 600 مليون دولار). 3. توفير حوالي 3 مليارات دولار من التخارج من بعض الأصول مثل بنك القاهرة. 4. العودة إلى طرح سندات دولية بأسعار مناسبة.
وكشف جنينة أن الانخفاض الكبير في هامش التحوط من مخاطر التخلف عن سداد السندات الدولية، وارتفاع وتيرة الاستثمار قصير الأجل مؤخرًا، دلائل على أن المستثمر الأجنبي يستبق الأحداث، كما يفعل قبل إعلانات الأرباح في الأسهم.
رسالة واضحة
وقال الخبير الاقتصادي محمد فؤاد إن تأجيل المراجعة الخامسة يرجع إلى رؤية صندوق النقد بأن هناك حاجة لمزيد من الوقت لإحراز تقدم ملموس في ملفات الإصلاح، وأهمها تقليص تدخل دولة العسكر في الاقتصاد، وتحسين مناخ الأعمال لكي يقود القطاع الخاص النمو المستدام. وأضاف فؤاد فى تصريحات صحفية، أن دولة العسكر ما زالت داخل البرنامج، والمراجعة لم تُلغ بل دُمجت مع المراجعة المقررة في الخريف، لكن ذلك مشروط بتحقيق إصلاحات ملموسة خلال أشهر قليلة، موضحا أن رسالة الصندوق واضحة: لا تمويل بدون تقدم حقيقي. وأوضح أن تأجيل الصرف لا يعني الرفض، ولكنه يعقد الجدولة التمويلية، حيث سيؤدى إلى تأخير استلام شريحة 1.2 مليار دولار، فضلا عن احتمالية تجميد أو تأخير جزء من مساعدات الاتحاد الأوروبي للموازنة، وهو ما يمثل تحديات في تمويل الاحتياجات الإجمالية. وأشار فؤاد إلى أنه في ظل تأخير الصرف هناك 3 مسارات تمويل بديلة، منها إصدارات دين جديدة سواء أذون محلية، أو سندات وصكوك دولية، وتسريع بيع الأصول العامة للحصول على تدفقات دولارية مباشرة، واستمرار تدفقات الأموال الساخنة والتي تسارعت بشكل حاسم في الأشهر الأخيرة، منوها بأن تأجيل الصرف ليس نهاية المطاف، لكنه يعد جرس إنذار أن التمويل المشروط بالإصلاح لن يُمنح دون التزامات واضحة.
تخارج الدولة
وأعرب الخبير الاقتصادى مصطفى شفيع، عن اندهاشه من قرار الصندوق بتأجيل المراجعة الخامسة مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب تلتزم بتنفيذ الإملاءات المتفق عليها، ومنها مرونة سعر الصرف وتراجع التضخم وخفض معدلات الفائدة، ومعالجة العجز في الموازنة العامة للدولة وزيادة الإيرادات والتحكم في المصاريف. وتوقع شفيع فى تصريحات صحفية أن يكون هناك عنصرًا هامًا جدًا ضمن خطة الإصلاحات الهيكلية وهو المرتبط بتخارج الدولة من الاقتصاد، موضحا أن الصندوق يرى أن دولة العسكر لم تتخذ خطوات سريعة للتخارج، حيث وضعت حكومة الانقلاب خطة وحددت الشركات وزادت فى عدد الشركات إلا أنه لم يتم التنفيذ على أرض الواقع، ما أدى إلى إرجاء المراجعة الخامسة مع السادسة لحين اتخاذ المزيد من الإجراءات في هذا العنصر. وأكد أن الأحداث العالمية الأخيرة تمثل بعض الضغوط على دولة العسكر ، مرجحا أن يكون لتأجيل المراجعتين أصداء سلبية على الاقتصاد المصري، موضحا أن صندوق النقد يعتبر شعارًا أو ختمًا يعتمد عليه المستثمرون على مستوى العالم والمؤسسات المالية والتصنيف الائتماني، ما سيكون له تبعات سلبية على الصعيد الاقتصادي، مقارنة بالحصول على المراجعة في وقتها.