نظم المحامون اليوم وقفات احتجاجية أمام مقار المحاكم في محافظات الجمهورية احتجاجا على زيادة الرسوم القضائية؛ تحت مسمى «مقابل خدمات مميكنة»، بما يخالف الدستور والقانون، وهتف المحامون : «لن يصبح التقاضي لمن استطاع إليه سبيلا». جاء ذلك بالتزامن مع الإضراب عن حضور الجلسات في محاكم الاستئناف، وأعربوا عن رفضهم للقرار الصادر من رؤساء محاكم الاستئناف بفرض زيادة للرسوم القضائية؛ مؤكدين أن هذه الرسوم ستحرم ملايين المصريين من حق التقاضي، لعجزهم عن دفع هذه الرسوم المبالغ فيها . يشار إلى أنه على مدار السنوات الماضية؛ ارتفعت رسوم التقاضي بنسب تصل إلى ألف في المئة، واستُحدثت -مؤخرا- رسوم بينها الدمغات والنماذج المطبوعة والخدمة المميكنة والاستعلام، إلى جانب رسوم استخراج شهادات الجدول أو الحصول على نسخ من الحوافظ أو صور من الأحكام الصادرة، فضلا عن زيادة رسوم عمل التوكيلات للمحامين.
نقابة المحامين
كانت نقابة المحامين قد أعلنت الإضراب العام عن الحضور أمام جميع محاكم الاستئناف رفضًا لزيادة الرسوم القضائية، وتباينت نسب الإضراب في القاهرة بين تعليق أغلبهم لحضور الجلسات وإثبات إضرابهم أمام دوائر القضاء وطلبوا تأجيل قضاياهم، فيما اتجه آخرون للترافع عن موكليهم، مشددين على ضرورة حل هذه الأزمة التي تهدد حقوق التقاضي والدفاع. ويبلغ عدد المحامين في مصر، وفق بيانات نقابية رسمية، 322 ألفا و152 عضوا، في النقابة العامة في وسط القاهرة، و37 نقابة فرعية بمختلف المحافظات.
قرار الإضراب
وقال عمرو مُحيي الدين نقيب محامي شمال القاهرة: إن "الإضراب شمل جميع الدوائر بمجمع محاكم شمال القاهرة، حيث وصلت نسبة الالتزام إلى 80 بالمئة بدوائر الاستئناف، مشيرًا إلى أن أعضاء المجلس، أثبتوا قرار النقابة بالإضراب أمام المحاكم، وكان هناك التزام بالقرار وتم تأجيل القضايا المدنية والجنائية". وأوضح محيي الدين في تصريحات صحفية أنه تم تنفيذ قرار الإضراب في 6 دوائر استئناف مدني بمحكمة العباسية من أصل 11 دائرة، كما تم الالتزام بقرار الإضراب داخل 4 دوائر جنائية من أصل 6 دوائر. وأشار إلى أنه بالنسبة لدار القضاء العالي تم تنفيذ قرار الإضراب والالتزام به داخل 11 دائرة من أصل 18 دائرة.
دوائر الاستئناف
وأكدت الدكتورة صابرين أحمد مصطفى المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، "لم يتم ضبط أية حالة اختراق من المحامين في جميع دوائر الاستئناف، سواء كانت أسرة أو عمالا أو جنائيا أو مدنيا وتجاريا، حيث تم إثبات إخطار النقابة وإرفاقه بمحضر الجلسة". وحول تضرر قضايا الموكلين، من إضراب المحامين، قالت صابرين في تصريحات صحفية: إنه "تم إثبات الإضراب بمحضر الجلسات، وعليه فإن المحكمة ملزمة بتأجيل القضايا، وهذا لا يعطل المصلحة العامة، إذ إنه في حال اختراق قرار النقابة والتي تعتبر كيانا قانونيا شرعيا، يتم تعريض المحامي للتأديب". وشددت على أن المحامين ينتظرون رؤية رد فعل الجهات المختصة من قرار زيادة الرسوم.
عدوان على المواطنين
وقال عمرو الخشاب عضو النقابة العامة للمحامين: إنهم "مستمرين في تصعيد الوقفات والإضرابات، حتى يتم التراجع عن تلك الزيادات غير القانونية أو الدستورية التي تشكل عدوانا على المحامين والمواطنين". وأضاف «الخشاب» في تصريحات صحفية، أنهم أرسلوا مذكرات قانونية للمجلس الأعلى للقضاء لكنه لم يَرُدْ بعد، كما طلبوا تدخل برلمان السيسي وحكومة الانقلاب لوقف الزيادات . وحذر من وصول التصعيد إلى الإضراب العام، عند عدم الاستجابة للضغط النقابي المتواصل.
تخالف القانون
من جانبه تابع عبدالحليم علام نقيب المحامين، سير عملية الإضراب عن حضور الجلسات أمام كافة محاكم الجنايات على مستوى الجمهورية، وذلك من خلال غرفة العمليات المُشكّلة بنقابة المحامين. وقال «علام»، في تصريحات صحفية: إن "الرسوم القضائية المفروضة -حاليًا- لم تكن موجودة في السابق، وإن المحاكم ما زالت تعمل حتى الآن وفق قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944، رغم مرور أكثر من 80 عامًا على صدوره، وفشل جميع المحاولات التشريعية السابقة لتعديله". وأشار إلى أن أخر محاولة لتعديل هذا القانون كانت عام 2017، لكن تم رفضه ورُفضت معه أي زيادة رسمية في الرسوم القضائية. وكشف«علام»، أن رسوم الاطلاع على ورقة التقاضي ارتفعت بشكل غير مسبوق، من 5 جنيهات حتى فبراير الماضي، إلى 25 جنيهًا في إبريل، ثم إلى 33 جنيهًا مؤخرًا، دون سند قانوني، ودون صدور قانون جديد من برلمان السيسي أو قرار من وزارة عدل الانقلاب. وأكد أن هذه الرسوم تخالف نصوصًا قانونية واضحة، مثل المادة 6 من قانون العمل التي تعفي العامل من الرسوم القضائية، والمادة 3 من قانون الأسرة التي تعفي قضايا الأسرة والنفقات، محذرًا من أن هذه الممارسات قد تقيّد حق التقاضي، وتُثقل كاهل المواطنين، خاصة الفئات البسيطة.