وافقت اللجنة الدينية بمجلس النواب بسلطة الانقلاب العسكري اليوم، بشكل نهائي على مشروع قانون تنظيم إصدار الفتاوى، وسط رفض صريح من ممثلي الأزهر الشريف وتحفظات من دار الإفتاء، مما يعكس اتجاها متصاعدًا نحو قصر الفتوى على مؤسسات رسمية بعينها تحت مظلة السلطة التنفيذية، في خطوة تُقرأ في سياق سعي النظام إلى إحكام قبضته على الخطاب الديني. ويأتي هذا المشروع عقب جدل واسع أثارته فتوى الدكتور إمام رمضان ، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، والتي قام نظام الانقلاب بسجنه بسببها والتي قال فيها: إنه "لا حرمة في سرقة الكهرباء والمياه، إذا كان السعر المفروض من الدولة يشكل ظلماً للمواطن" معتبراً أن غلاء الخدمات بطريقة غير عادلة يفقد الدولة حقها في الطاعة في هذا الجانب. أثارت هذه الفتوى استياءً كبيرًا في دوائر السلطة الانقلابية ووسائل الإعلام الرسمية، ودفعت إلى تجديد الدعوات لفرض رقابة مشددة على الفتوى.
الأزهر يرفض والأوقاف تتمدد وخلال اجتماع اللجنة، أعلن الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، رفض المؤسسة الأزهرية لمشروع القانون، خصوصًا ما ورد في المادة الثالثة التي تمنح لجنة بوزارة الأوقاف حق إصدار الفتوى، متسائلًا عن منطق إقصاء علماء الأزهر رغم اتساع مؤسساته ووجود أكثر من 50 ألف خريج من كلية الشريعة والقانون.
في المقابل، دافع وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري بحكومة الانقلاب عن المشروع، مؤكدًا أن موظفي الوزارة هم من أبناء الأزهر، وهو ما اعتبره مبررًا كافيًا لمنحهم صلاحيات الإفتاء.
من جانبه، تمسك رئيس اللجنة علي جمعة بضرورة تمرير القانون، معتبرًا أن الفوضى الحالية في الفتوى يجب ضبطها، مع فتح باب المقترحات لتقريب وجهات النظر.
دار الإفتاء: نطالب بالتأجيل دار الإفتاء أبدت تحفظًا واضحًا، مطالبة بتأجيل مناقشة القانون لحين دراسته بشكل أعمق، غير أن المستشار القانوني لرئيس البرلمان، محمد عبدالعليم كفافي، قال: إن "المجلس مُنفتح على تلقي تعديلات حتى قبل مناقشة المشروع في الجلسة العامة".
وينص مشروع القانون الجديد على إخضاع أي شخص يُعين في لجان الفتوى التابعة لوزارة الأوقاف لبرنامج تدريبي تشرف عليه مؤسسة الأزهر، مع جعل هيئة كبار العلماء المرجعية النهائية حال وجود تعارض في الفتوى.
فتاوى "شيوخ السلطان" يُنظر إلى مشروع القانون باعتباره رداً ضمنيًا على فتاوى استقلالية أحرجت النظام، مثل فتوى الدكتور إمام، إلى جانب الفتاوى الاقتصادية المثيرة للجدل التي أطلقها شيوخ محسوبون على النظام، أبرزهم خالد الجندي ومبروك عطية وعبد الله رشدي، والذين حاولوا في مناسبات عدة تبرير فوائد البنوك واعتبارها غير ربوية، بما يتماشى مع التوجهات الاقتصادية للحكومة وموقفها من أدوات الدين والاقتراض.
ويرى مراقبون أن القانون يأتي في سياق سياسة ممنهجة للسلطة تستهدف إحكام القبضة على المجال الديني، وتحويله إلى أداة من أدوات الضبط السياسي والاجتماعي، خصوصًا مع تزايد الأصوات الناقدة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام من داخل المؤسسات الدينية التقليدية.